تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقلُ المعارف

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[04 - 04 - 10, 08:55 م]ـ

العلوم مأخوذة كلها بالنقلِ و التوارث بين أصحابها، فالخالف ورث عن السالف، و ربما زاد الخالفُ على ما ورثَه فأضفى رونقا معرفيا جميلا بديعا. و المنقولاتُ من العلوم متعددة المباحثِ و القضايا، و مختلفة المراتب و المنازل، وكذا متفاوتة في القيمة و الأهمية، و أيضا متباينة في النُدرة و غيرها، فليست المنقولات ذات مسار واحد، و لا على مسلك متفق.

هناك النقولات عن أصحاب العلوم، و التي هي رأي و ترجيح في أمر و مسألة، فطالب المعارف فيها على نوعين:

الأول: ناقلٌ ليؤيد رأياً يذهب إليه. و هذا الأصل فيها، إذ يلجأ إليها الناقل من أجل دعمٍ لرأيه و توثيق لمذهبه، و لكن لا يكون إيراد و ذكر هذا النوع من النقولات إلا في مسارِ تقرير الناقلِ لرأيه، ليكون أوضَح لمن يطَّلِع على ما قرره و يعرف وجه الإتيان بالنقل. و هذا النوع من النقولات يجب أن يكون منصرفاً تماما نحو القضية المنقول فيها، و الآكدُ أن يكون كالنصِّ فيها، لأنه توثيق و دعم، و لا يكون التوثيق و الدعم من مُحتمَلٍ، إلا في مقام الاستئناس، و مقام الاستئناس ثانوي و ليس أساسي.

الثاني: ناقل ليُفيد. فهذا يجد قولا يستحسنه، فينقله من باب الإفادة للناس، و هذا النوع ليس آتيا في مقامات التقرير و التحرير، و إنما في مقامات الجمع و الطرائف العلمية المعرفية. وليس من شرطه أن يكون مندرجا تحت عنوان أو تصنيف، حتى و إن ضُمَّ لشيءٍ من ذلك فهو يكون جانباً كجملة الاعتراضِ، عدم ذكرها لا يضر. و هذا النوع من النقلِ إنما يُساقُ للإفادة، فلا يدخله انتصار و لا برهنة عليه، لأنه لم يُسَقْ للتقرير و التأييد، و إنما سيقَ ليكون من لطيف النُكتِ المعرفية، و في هذا كان كَتْبُ كُتبِ جمع الفوائد و المباحث، كـ: " خبايا الزوايا" و " بدائع الفوائد" و " الفنون" و الكُناشات. و منه أيضا ما كان من تطويع لعلم في غيرِه، كمن استعمل القواعد النحوية في أعمال القلوب، فما يُذكر فيها شرحا لا يأتي على النحوِ لأنها لم تكن إلا من باب المُلَح.

من خلال هذين النوعين يكون الناقلُ ملازما أدب النقلِ في التوثيقِ للمنقولِ، و العزْوِ له إلى مصدره، و هو قائله، و في إضافة محلِّ المنقولِ مزيد فائدة، و أيضا أن يكون غير منتصرٍ و منافحٍ عن النقلِ من النوع الثاني، لأنه لم يُسَقْ في مساقِ التقرير لشيءٍ، فإن أراد أن ينتصرَ و يُنافحَ عن نقله الذي هو النوع الثاني فهنا يكون انتصاراً لرأي و مذهب، فمحله النوع الأول، فيلكن في مساره، و القصدُ من هذا ألا يعتبر ما نقلَه مُلزما لغيره به، و لا يعتبره قضية يُقام عليها حوارا، فهو كما أرادها، إن أرادها تأييد و دليلا لرأي فليقبل الحوار حولها، و إن كان أرادها إفادة فلا يُقحم نفسه منافحاً لأنه بذلك سيكون معتبَراً من قِبلِ الآخرين مُعتبِراً و معتقداً لما نقله. و أيضا لا يعني النقلُ للشيءِ القبول له، و لا الإيمان بما فيه، إذا كان من مُلح العلم، أو فرعيَّ المسائل. فالتفريق بين المنقولات و مراتبها من جميل فطنة الناقل.

ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[04 - 04 - 10, 11:00 م]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[07 - 04 - 10, 07:34 ص]ـ

شكرا أبا حاتم على مرورك.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير