2 - مسألة الرياء هل هو مبطل للعمل و أجره أم للأجر فقط؟ لها ثمرة في الخلاف فيها و ذلك في مسألة من مسائل الحج و صورتها أنّ من حج مرائياً فحاله على القول الأول يقام عليه الحد إذ أنّه مستطيع و لم يحج , و أمّا من قال بالقول الثاني فلا يلزمه بالإعادة و لا شئ عليه بالدنيا و لا أجر له في الآخرة.
3 - عبد الحق الاشبيلي- رحمه الله- له كتاب [التّهجد] ذكر فيه مقدّمة جميلة و جيّدة ينبغي أنْ يهتم بها طالب العلم.
ثمّ أذّن العشاء و استفاد الكلُّ بلا استثناء و انتهى الشيخ من التدريس و كان ليلتئذْ هو العريس و عمّتًنًا النعم و مشينا مع شيخنا إلى الحرم و حوله الجمع الغفير من الطلاّب في منظرٍ خلاّب يُفرح الأصحاب و يزيد من كمد الحاسدين الأغراب حينما كشفوا غطاءه حتّى ظنّ ظانهم أنه اجتهد فأصاب و في الحقيقة أخطأ في ولوج هذا الباب بل إنّه تعدّى و ما استغفر و لا آب و آل شريطيه في نهاية الأمر إلى سراب.
و انتهينا من صلاة العشاء و بدأ الشيخ بالتسبيح و لربه التهليل و المديح فأتيته و سلّمت عليه و قبّلتُ رأسه و هويت إلى يديه – و ليست بدعة و لابن المقرئ الحنبلي [جزء في تقبيل اليدين] ذكر فيه أحاديث تقبيل الأيادي و ما كان عليه السلف من ذلك و قد نقل عنه الحافظ الأوّاه في فتحه و إليه قد عزاه – فرفض الشيخُ و سحب يديه فقلتُ في الحال: شيخي أحسن الله إليكم عندي سؤال؟ فقال: هات.
فسألته جزاه الله أعالي الجنّات. و قلت: شيخنا ما سبب الخلاف الكبير عند المالكيّة – رحمهم الله – في مسألة القبض و الإسدال في القيام في الصلاة! و الإمام مالك نفسه رحمه الله ذكر في [الموطأ] الحديث الصحيح و هو حديث وضع اليمين على الشمال بل بوّب على ذلك في كتابه و هو عند بعض المالكيّة مقدّم على الصحيحين.فما منشأ الخلاف؟؟
فبدأ الشيخ بالجواب و كلّي له استيعاب و قال: باختصار , منشأ الخلاف ان ابن القاسم رحمه الله قال: و سألتُ مالكاً عن الإعتماد في الصلاة فقال لا أعرفه , فحمل ذلك بعض المالكيّة جواب مالك – رحمه الله - هذا على أنّه ينكره , أعني وضع اليمين على الشمال و إنّما كان المقصود من سؤال ابن القاسم الإعتماد على العُصي في الصلاة كفعل السلف في التراويح , لا وضع اليمين على الشمال و الدليل في المسألة واضح و العبرة به و مالك بوّب بهذا كما ذكرت و جمهرة المالكيّة أخذوا بذلك.
و سألته عند باب الملك سعود و ذلك عندما بدأ بالعلم يجود عن مسألة فلم أسمع جوابها و ذلك لشدّة المنازعة و الجري و المسارعة و قَويَ من الطلبة الدفع و ذهب عنّي في سؤاليَ النفع.
ثمّ سألته عن حكم أخذ الأموال على القرب؟ فأجابني و كلّي به عجب. و قال: إن كان من بيت المال و الدولة فيجوز و إن كان من الأفراد فلا يجوز لأنّ مكانه عليّ و منصبه شرعيّ فلا يجوز لأحد أن يكون عليه يد أو منّة إلاّ السلطان و ما يأخذه منه هو استحقاق لا هبة. خاصّة إذا كان في الفتيا و القضاء لخشية ميل القلب للمعطي.
و سألته عن حكم زيارة المقابر بعد صلاة العيد للسلام على أهلها؟ فأجاب و هو يرجوا الصواب: قوله صلى الله عليه و سلّم " ألا فزوروها " لم يأمر به هنا بوقت زيارة و لم ينهى فيه عن وقت زيارة فلا بأس إذا , و لكن بشرط أنْ تكون الزيارة لمجرد الزيارة بحيث لا يعتقد في ذلك الوقت فضلٌ معيّن.
و سألته عن قوله في الحديث " فغطّ حتى نفخ " هل المقصود به الشخير؟ فأجاب مستعيناً بربّه التوّاب: نعم. شئ يشبهه. فقلتُ: و لكن ياشيخ ألم يُنهى عن هذا الصوت؟ فقال – مبتسماً-: و كيف ينصب النهي على غير مكلّف؟؟!! و النائم كذلك. و النوم موتة صغرى!!؟.
ثمّ بعد ذلك وصلنا إلى السيّارة و ركب شيخنا تاركاً في قلوبنا من حبّه أمارة , فلمّا ركب , أشار إلى السائق إشارة فنزل السائق و قال: اركبوا يا أخوة يقول الشيخ محمّد , فتزاحمنا ركوباً قبل انتهائه من دال محمّد , و أصابني الدهش و كدت أنْ أجن و ولّى عنّي كل ضيقٍ و حَزَن أنّى لفهدٍ بمحمد الحسن , و وقف الناس حول المركبة و كلٌ يُشير يا هلا و مرحبا , و بدأت السيارة بالمسير و كنتُ فيها كالعاني الأسير.
¥