تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأجيب عن ذلك: بأن هذا كلام ضعيف لا حجة فيه، كما قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 94): قلت وهذا الجواب في غاية الضعف، ولا يجوز أن ينسب إلى رسو الله أنه سئل عن موءودة لم تبلغ الحنث، فأجاب عمن بلغت الحنث، بل إنما خرج سؤاله لنفس ما سئل عنه، فكيف ينسب إليه أنه ترك الجواب عما سئل عنه، وأجاب عما لم يسأل عنه موهما أنه المسئول عنه، ولم ينبه السائل، هذا لا يظن برسول الله أصلا اهـ.

ثم أجاب عن تفرد المعتمر بهذه اللفظة فقال: وأما قوله إن هذا الحديث قد روي بدون هذه اللفظة فلا يضره ذلك، لأن الذي زادها ثقة ثبت لا مطعن فيه وهو المعتمر بن سليمان، كيف وقد صرح بالسماع من داود بن أبي هند، واختصار ابن أبي عدي وعبيدة بن حميد لها لا يكون قادحا في رواية من زادها

وأيضا لو لم تذكر في السؤال لكان جواب النبي شاملا لها بعمومه، كيف وإنما كانت عادتهم وأد الصغار لا الكبار، ولا يضره إرسال الشعبي له اهـ.

ثالثها: ما قاله ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 650 - 651): وأحسن من هذا أن يقال: هي في النار ما لم يوجد سبب يمنع من دخولها النار كما سنذكره إن شاء الله، ففرق بين أن تكون جهة كونها موءودة هي التي استحقت بها دخول النار، وبين كونها غير مانعة من دخول النار.

رابعها: تضعيف الحديث

وهذا قول ابن الوزير رحمه الله تعالى في العواصم والقواصم (7/ 250): وقد بالغت بالبحث عن صحة هذا الحديث حتى وجدت ما يمنع القطع بصحته، فسقط الاحتجاج به ولله الحمد.

وذلك ما ذكره ابن الجوزي في مسند سلمة بن يزيد من جامع المسانيد، فإنه قال بعد واية الحديث هذا: إن محمد بن سعد ذكر في الطبقات أن سلمة بن يزيد هذا الراوي ارتد عن إسلامه هو وأخوه لأمه قيس بن سلمة بن شراحيل، وهما ابنا مليكة بنت الحلوى، قال ابن الجوزي: فظاهر هذا كفرهما، ثم قال: وظاهر ما روينا أنهما عادا إلى الدين ورويا الحديث.

قلت – أي ابن الوزير-: الحديث ما رواه إلا سلمة، وما علمت لأخيه رواية أصل، وقوله: أن الظاهر رجوعهما عن الردة، واستدلاله على ذلك بمجرد رواية الحديث عن سلمة من غير نقل صحيح، بل ولا ضعيف، لا يفيد شيئا، ومثل هذا لا يثبت معه حديث، مع أن في إسناده داود بن أبي هند، وقد تجنب البخاري إخراج حديثه في الصحيح، قال الذهبي: داود حجة، ما أدري لم لم يخرج له البخاري، فثبت أنه ليس في تعذيب الأطفال حديث صحيح صريح اهـ!

قال أبو عبد الباري: هذا كلام ساقط، لا ينبغي أن يصدر مثله من مثل الحافظ ابن الوزير، ولكن كما قيل " لكل جواد كبوة "، وهذه منه هفوة عظيمة في حق الصحابي الجليل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله تعالى عنه، وما نقله ابن الجوزي عن ابن سعد في الطبقات واعتمد عليه كلام ساقط.

بيانه: أن ابن سعد ذكره في الطبقات (1/ 324) من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي بكر بن قيس الجعفي ... ، وهذا سند تالف موضوع، الكلبي هالك، قال أحمد: إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدا يحدث عنه، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة، وقال الذهبي: هشام لا يوثق به. كذا في ميزان الاعتدال (4/ 304 - 305).

وأبوه محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، ترجمته في الميزان (3/ 558 - 559): قال الجوزجاني وغيره: كذاب، وقال الدارقطني وجماعة: متروك، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقيل لأحمد: يحل النظر في تفسير الكلبي؟ قال: لا، وقال ابن حبان: مذهبه في الدين ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه .. لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به اهـ.

ومن كان كذلك فلا تحل رواية خبره في أبسط الأمور الدينية، فكيف في الحكم على صحابي بأنه كفر، وهذا واضح لا يخفى، والله يغفر لنا وللحافظ ابن الوزير آمين.

وأما دعوى ابن الوزير أن الحديث لم يروه غير سلمة بن يزيد فغير صحيح، وقد تقدم بسند صحيح من حديث ابن مسعود بلفظ " الوائدة والموءودة في النار " دون ذكر السؤال، ولو تفرد به ما ضره، ولكن الواقع ما ذكرنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير