تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما أعظم بذل و مواساة و اهتمام و اعانة هذا الامام لطلابه ....]

ـ[أبو وكيع الغمري]ــــــــ[16 - 01 - 05, 12:00 ص]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم .. ربِّ يسِّر يا معين

كثيرا ما تَرِنُّ هذه الكلمة في أذني: (أبو حنيفة الامام)

و قد قالها لنا شيخنا الفاضل (خالد صقر) حفظه الله تعالى عندما درَّس لنا كتاب الطهارة من كتاب منار السبيل (في خمسة عشر مجلساً)!!

أيام الدراسة في معهد حلوان العلمي منذ سنتين من الآن , أعادنا الله الى مصر سالمين غانمين.

و قالها الشيخ _ في الحلقة _ أثناء مناقشة بعض الاخوة له في مسألة من مسائل الطهارة , و كان الشيخ قد ذكر مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى في هذه المسألة , فقال الطالب (كلاما فحواه ضعف هذا القول في هذه المسألة , و كونها مرجوحة , ... الخ). فأحسَّ الشيخ خالد حفظه الله بنبرةٍ لم تعجبه في كلام الطالب , فقال الشيخ _ رغم كونه حنبلي المذهب _: لو كان أبو حنيفة هنا و جلس مكاني و عرض هذه المسألة , لخرج كل واحد منا و أنا أولكم و قال: " أبو حنيفة الامام ".قلت: و قد استوقفتني أربعة مواقف لهذا الامام الفحل بينه و بين بعض طلبته , في الكتاب الماتع (مناقب أبي حنيفة) لمكي , فألفَت في نفسي قبولا ما بعده قبول , و أذكرها الآن ان شاء الله لعلها تثلج صدور اخواني , فيستفيدون منها و يفيدون.

1 - الوليد ابن قاسم: (كان النعمان بن ثابت الخزاز حسن التفقد لأمور أصحابه , يسأل عن أحوالهم سراً , فمن عَرف به حاجة واساه , و من مات منهم أو قريبا له شيع جنازتهم , أو نابته نائبة أو أحدا من أصدقائه سعى في حوائجهم , و كان كريم الطبع حسن المعاشرة).

قلت: هكذا يكون العالم مع طلبته , فما أمتع العمل بالعلم .. و هذا كلام تمتصه قلوب أهل الاتباع.

2 - أبو يوسف: (كنت أطلب الحديث و الفقه و أنا مُقِلٌ رَثٌّ , فجاء أبي يوما عند أبي حنيفة فانصرفت معه , فقال: يا بنى لا تمد رجلك مع أبي فان أبا حنيفة خبزه مشوي!؛ و أنت تحتاج الى المعاش , فقصرت عن كثير من الطلب و آثرت طاعة؟ أبي , فتفقدني أبو حنيفة رحمه الله و سأل عني , فجعلت أتعاهد مجالسه , فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخيري عنه , فقال لي: ما خلفك عنا؟ قلت: الشغل بالمعاش و طاعة والدي , و جلست فلما أردت الانصراف أومأ الىَّ فجلست فلما رجع الناس دفع الى بِصرَّةٍ , فقال: استعن بهذه , فنظرت فاذا فيها مئة درهم , و قال: الزم الحلقة , فاذا نفذت هذه فأعلمني , فلزمت الحلقة , فلما مضت مدة يسيرة دفع الى مئة أخرى , ثم كان يتعاهدني , و ما أعلمته بخلة و لا أخبرته بنفاد شيء و كأنه كان يُخبَرُ بنفادها! , حتى استغنيت و تمولت فلزمت مجلسه حتى بلغت حاجتي و فتح الله تعالى لي ببركة و حسن نيته ما فتح من العلم و المال , فأحسن الله عني مكافأته و غفر له).

قلت: ايهٍ لك يا أبا حنيفة , ما أسعد طلابك بك! كم أغبطهم عليك.

3 - أبو سليمان الجوزاني: (و حين مرَّ ابن عيينة يوما بأبي حنيفة و هو مع أصحابه في المسجد , و قد ارتفعت أصواتهم , قال: يا أبا حنيفة هذا المسجد و هذا الصوت لا ينبغي أن يرفع فيه , قال: دعهم فانهم لا يفقهون الا بهذا).

قلت: اللهم أيُّ عقلٍ و أيُّ رأيٍ وهبته هذا الامام؟!

4 - أبو يوسف رحمه الله تعالى: (اجتمعنا عند أبي حنيفة في يوم مطير في نفر من أصحابه منهم داود الطائي , و عافية الأودي , و القاسم بن معن , و حفص بن غياث النخلي , و وكيع بن الجراح , و مالك بن مغول , و زفر بن الهذيل , و غيرهم , فأقبل علينا فقال: أنتم مسار قلبي و جلاء حزني , قد أسرجتُ لكم الفقه و ألجمته , فاذا شئتم فاركبوا , وقد تركتُ لكم الناس يطؤون أعقابكم , ويتلمسون ألفاظكم , و ذلَّلتُ لكم الرقاب , و ما منكم أحد الا و هو يصلح للقضاء , و فيكم عشرة يصلحون أن يكونوا مؤدبي القضاة , فسألتكم بالله و بقدر ما وهب الله لكم من جلالة العلم لما صنتموه عن ذلِّ الاستثمار , فان بُلِيَ أحدكم بالدخول في القضاء فعلم من نفسه خِربةً سترها الله عن العباد لم يجز قضاؤه , و طاب رزقه , فان دفعته ضرورة الى الدخول فيه فلا يجعلن أحدكم بينه و بين الناس حجابا , و ليُصلِّ الصلوات الخمس في الجامع , و ليناد عند كل صلاة من له حاجة؟ فان صلى صلاة العشاء الآخرة , نادى ثلاثة أصوات: من له حاجة؟ ثم دخل الى منزله , فان مرض مرضا لا يستطيع الجلوس معه أسقط من رزقه بقدر مرضه). انتهت الحكايات الأربع.

قلت: لو جمعت فوائد الحكاية الماتعة الأخيرة , لجاءت في مجلد لطيف بدون تطويل أو تمديد في الكلام.

و بالمناسبة _ و قد خطر في بالي هذا الخاطر الآن _ أنا أهدي هذه المشاركة الى أخي العزيز على نفسي (و يعلم الله) , و هو صاحبنا الفاضل محمد رشيد الحنفي , لعله يغفر لأخيه بها زلاتٍ وقعت من الشخص الضعيف معه.

و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

أخوكم / أبي وكيع الغمري المالكي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير