[الإستعراض وحضوض النفس]
ـ[صالح القاسمي]ــــــــ[18 - 07 - 10, 01:39 ص]ـ
أخواني: العلم الشرعي من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله
ولكن يجب على طالب العلم الإخلاص لله في الطلب لئلا يكون علمه وبالاً عليه وحتى يبارك الله له في ذلك
وسأتحدث في هذا الموضوع عن الرياء في طلب العلم ولهذا الرياء مظاهر
أولاً: الجرأة على الفتوى وتعجل التدريس.
وهذه للأسف الشديد هي سمة الكثيرين من طلبة العلم من أهل هذا العصر.
قال الله تعالى: ((آلله أذن لكم أم على الله تفترون))
ومن تأمل سير السلف يعرف حقًا كيف كان هؤلاء الأكابر أكثر الناس علمًا وورعًا، فكانوا يهابون مما يقتحمه المتعالمون في هذه الأيام، ومما يقع فيه علماء السوء من شواذ المسائل.
قال أبو داود في مسائله: ما أحصى ما سمعت أحمد سئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول لا أدري.
قال: وسمعته يقول ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتوى أحسن فتيا منه، كان أهون عليه أن يقول لا أدري.
وقال عبد الله ابنه في مسائله سمعت أبي يقول وقال عبد الرحمن بن مهدي سأل رجل الإمام مالك بن أنس عن مسألة فقال لا أدري فقال يا أبا عبد الله تقول لا أدري قال نعم فأبلغ من ورائك أني لا أدري.
واكتفي بهذا من اقوال السلف وإلا فهي كثيرة حتى اطيل عليكم.
ثانياً ــ الاشتغال بفرض الكفاية عن فرض العين:
فتجد هذا المتعالم والمتفيقه بلا عقيدة صحيحة، ولا معرفة صادقة بأسماء الله وصفاته، ولا إلمام بتصحيح العبادات الظاهرة والباطنة، ومع ذلك هو عاكف على علوم الآلات، ويهجم على النصوص ويستنبط ويرجح بين الأقوال، ويرد على العلماء ويتعصب، ويغضب لنفسه ورأيه، لا لدين الله عز وجل، فهذا هو الخذلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال في مختصر منهاج القاصدين: (وأنت تجد الفقيه يتكلم في الظهار واللعان والسبق والرمي، ويفرع التفريعات التي تمضي الدهور ولا يحتاج إلى مسألة منها، ولا يتكلم في الإخلاص، ولا يحذر من الرياء، وهذا عليه فرض عين؛ لأنَّ في إهماله هلاكه، والأول فرض كفاية، ولو أنَّه سئل عن علة ترك المناقشة للنفس في الإخلاص والرياء لم يكن له جواب.
ثالثاً ــ حب المناظرة، وحب الجدل و كثرة الكلام: (يهرف بما لا يعرف)
قال الله تعالى: ((وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً))
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) الحديث.
قال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم شراً فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل.
قال معروف الكرخي: إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًا فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل.
وقال بعض السلف: إذا رأيت الرجل لجوجًا مماريًا معجبًا برأيه فقد تمَّت خسارته.
رابعاً ــ الولع بالغرائب والبحث عن المهجور من الأقوال:
فترى من ابتلي بهذه الشهوة الخفية ألا وهي الرياء يتصيد الغرائب ويتصيد المهجور من أقوال العلماء، فبمجرد أن يتصيد مسألة من هنا أو هناك، سمعها في مجلس، أو من شريط، أو قرأها في صحيفة، أو في كتاب، يوالي ويعادى على تلك المسألة.، وأكثر الناس اليوم لا علم له إلا ببعض المسائل، وليتها بالنافعة، وإنما شواذ المسائل، وغريب الآراء، والمهجور من الأقوال، وكأن الشعار خالف تُعرف فالخلاف عنده أشهى من الاتفاق.
حتى وجدنا بعض المتعالمين من يشغل العامة بالمسائل النادرة الحدوث والمختلف عليها والتي هي أصلاً ليست أهلاً لطرقها على المنابر من أمثال (الحجامة) فتراه يصطنع عليها خطباً متكررة متنوعة، إنما الشذوذ والغرابة والبحث عن المهجور من الأقوال ساقه إليها، وكان الأولى شغل الناس والعامة بعوالي الأمور والمهمات الجسيمة التي ترقى بهم وبإيمانهم.
فالولع بالغريب والشاذ من الأقوال، وإحياء المسائل المهجورة والتي حسمها أهل العلم منذ زمن بعيد، كل ذلك ـ إن كان عن عمد ـ يدل على خلل واضح، وسوء قصد بيِّن، لا سيما إذا كان الأمر زلَّ فيه عالم من العلماء، ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع هذه المسائل التي أسموها بـ ((الطبوليات)) إذ قيل: ((زلة العالم مضروب لها الطبل)).
خامساً ــ الشغب على المخالف والزهو بالمتبع.
¥