تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المزالق العلمية!! مقال رائع للشيخ (سعد السعدان)]

ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[23 - 07 - 10, 01:14 ص]ـ

المزالق العلمية!!

الشيخ سعد بن عبدالله السعدان

[email protected]

العلم يحث على البحث والتفقه في الدين، ويدعو كل راغب أن يدقق ويمحص ويناقش ويحاور في مسألة أو مسائل فقهية وغيرها من فروع العلم الشرعي، لما للبحث والمدارسة من أثر في الملَكَة العلمية، وحَل ما يُشْكِل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدْ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (1) ومن فضل الله أن العلم ليس بمُحْتَكَر أو مُصادر من أفراد أو مؤسسة شرعية أو تعليمية، كما زعم بعض المعجبين بعلمهم! بل الأمر متاح لكل متعلم صادق ومتفقه رزين ومناقش باحث عن الحق، لكن وفق أصول البحث العلمي والضابط المنهجي، مع حُسن القصد، وتحرٍ لاتباع صحة وقوة الدليل، ومراعاة مسائل الخلاف، بفهم دقيق، وتأنٍ شديد، مع استصحاب الورع والإخلاص، والبعد عن تتبع ما شذَّ من المسائل أو الأقوال، أو تبني الآراء المرجوحة والضعيفة، أوالتفرد بنصر بعض المسائل التي لم يقل بها إلا القلائل مع مخالفة قولهم للصحيح، والحذر من الكلام في المسائل التي ليس للمرء فيها إمام متبع، كما قال الإمام أحمد: «إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام».

قال ابن القيم معلقاً: «والحق التفصيل فإن كان في المسألة نص من كتاب الله أوسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوأثر عن الصحابة لم يكره الكلام فيها، وإن لم يكن فيها نص ولا أثر فإن كانت بعيدة الوقوع أومقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها، وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم، لا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى، والله أعلم». (2)

والمناقشات العلمية الشرعية خصوصاً الخلافية منها يجب تناولها في منتديات علمية بحته، وبيئة متخصصة من طلاب العلم، وليس أمام العامة وغير المؤهلين، فهناك من أخذ يطرح أقوالاً في مسائل خلافية، أو مخالفة للدليل وفتوى أهل العلم، وذلك عبر الصحف اليومية والقنوات الفضائية!!، غير مكترث للنتائج السلبية، وهذا يدل على عدم فقه، وفقدان الحكمة [وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا] البقرة:269 وهذا النهج له انعكاسات خطيرة، فهو يهون من شأن نصوص الوحي، ويجعلها خاضعة للعبث والتحريف من خلال الفكر الكاسد الضعيف، والقول على الله بغير علم؟ وما أعظمها من فرية، وأخطرها من زلة، وقد يأثم ويتحمل وزر غيره نتيجة طرحه المتسرع الخاطئ، الذي ربما هو ردة فعل من موقف ما! والأدهى أن يدعي أحدهم أن قوله حق لا يجوز كتمه، وأن من خالفه لا يفقه إلا حفظ النصوص والجمود على آراء قديمة، وعقله منغلق، وكل شيئ عنده حرام!، وهذه تهم لا أساس لها من الصحة وهي تدل على فكر متشنج مصادر لغيره، بل أقول تدل على شخصية متعالية متغطرسة مفتونة، فالحق ما فهمه والصواب ما قاله، ومن خالفه فهو المخطئ!؟، وفي حقيقة الأمر أن كلام هذا إن قبل لا يعدو كونه ترديداً لشبهاتٍ قالها غيره، وأقوال مرجوحة ضعيفة، أو مخالفة لقول جمهور أهل العلم، والإجماع المعتبر، أو ضل في فهمه للمسألة، أو ظن أنه أهل للفتوى والاجتهاد، وكل هذا ضلال مبين. وهذا مزلق خطير. للشهرة فيه نصيب، وقد قال إبراهيم بن أدهم: «ما صدقَ الله عبدٌ أحبَّ الشهرة». قال الحافظ الذهبي معلقاً: «قلت: علامة المخلص الذي قد يحب شهرة، ولا يشعر بها، أنه إذا عُوتب في ذلك، لايَحْرِد ولا يبرئ نفسه، بل يعترف، ويقول: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، ولا يكن معجباً بنفسه، لا يشعر بعيوبها، بل لا يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء مزمن». (3)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير