تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شهوة الطعن في أعراض الخلق!!]

ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[02 - 11 - 10, 12:46 م]ـ

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبد المصطفى، أما بعد:

فأكثر ما يسيئني اليوم ما أراه من اتهام صغار طلبة العلم -ولا أدعي أنني اجتزت مرحلة المبتدئ- لبعضهم البعض، جراء معرفته أنه حضر لفلان من المشايخ أو لأنه تبنى الرأي في مسألة بعينها، لا تعدو عن كونها فرعية والخلاف فيها سائغ؛ فترى بعضهم يرمي آخراً بالبدعة والضلال، فتسأله لم يا فضيلة السفيه -عفواً أقصد: الفقيه- فيجيبك بكل برودة ولا خوف من الله: "لأنه يرى بجواز صيام السبت"!! .. وترى آخراً يرمي رجلاً تقياً بالبدعة فتسأل متعجباً، مِمَ؟ فجيبك بكل بجاحة: "يرى بجواز الزيادة عن الاحدى عشرة ركعة في قيام رمضان" .. وترى أجهلهم يرمي طيباً من خيرة الإخوة بالبدعة، فتسأل متعجباً ما جرمه؟ فيجيبك ببله شديد: "يلبس العمامة ذات الذؤابتين وهذا شعار طائفة من مبتدعة اليوم" .. فأنا أسأل من هم المبتدعة اليوم؟ أليس الذين أخذوا بقواعد الخوارج وألبسوها لبوس العلم زوراً ..

أليس المبتدعة هم الذين يحملون في قلوبهم الزائغة احتقار العلماء وازدرائهم مشابهين بذلك الخوارج ..

أليس المبتدعة هم الذين ينسبون للدين قواعد فاجرة جائرة تفري أعراض الخلق بلا رقابة لله ..

أليس .. المبتدعة من جعلوا جرح الخلق من أهل الدين من طلبة أو علماء شهوة خفية لهم باطناً وعلم جرح وتعديل ظاهراً أو جعلوا ذلك من الولاء والبراء أو عقد على ذلك لنصرة شيخه الذي يختلف مع شيخ أخيه الآخر ناسياً ذاك المسكين أنا الكل علماء وواجب الصغار أمثاله احترام أهل العلم والسكوت عن مثالبهم

وأليس؟ .. وأليس؟ .. وأليس؟ .. عقد من الأسئلة لا ينتهي كالسبحة الألفية فعلاً تشبيه فريد خرج مني -والله- بغير تكلف، فهذه بدع سوداء كلحاء .. والله المستعان!!

وما في القلب آهات وآهات فحدث عنها القمر والنجمات ..

فترى البعض يعرض عن أخاه؟؟!

فتسأله ما بال هذه القطيعة، فيجيبك "يجالس فلاناً -من المشايخ- فهو بلا شك مثل شيخه" ضع بلا شك هذه هناك على ذاك الكوكب البعيد فما يدريك أنه كشيخه؟ لعله يخالف شيخه في كثير من المسائل وما مخالفة أصحاب الأئمة الأربعة لأئمتهم عنا ببعيد فأن الثرى من الثريا وأين كوكب الجوزاء من حبة الجوز!!

لكن الجهل والهوى وقلة الدين وشهوة الطعن في الخلق بغير مراقبة لله أصبحت مرضاً منتشراً بين الخلق بكثرة كاثرة، وترى هذا المسكين ما أتم كتابين وما سمع إلا شريطين، ثم فجأة ينتفخ انتفاخةً عجيبة تماماً كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد ..

وينسى ولعله أصلاً لا يعلم قول الشاعر:

سقط الحمار من السفينة في الدجى **** فبكى عليه رفاقه وترحموا

حتى إذا طلع النهار أتت به **** نحو السفينة موجة تتقدم

قالت خذوه كما أتاني سالما **** لم أبتلعه لأنه لا يهضم

فما بال هؤلاء الأغمار لا يعيرون أحداً سماعاً وقدراً ولا ينزلون عالماً مقامه ويتفكهون بفري أعراض الخلق بالظن الفاسد الكاسد العاطل الباطل!!

قال ابن القيم الصغير العلامة الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: (بادرة ملعونة وهي تكفير الأئمة أو الحط من أقدارهم، أو أنهم مبتدعة ضلال، كل هذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال وفساد وإفساد، وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به، ولكن الأغرار لا يفقهون).

وما أجمل ما سطر في كتابه النفيس الرائع الرائق الماتع "تصنيف الناس بين الظن اليقين" بأسلوب أدبي يسلب الألباب ويشرح الصدور: (وهكذا في سيل متدفق سيال على ألسنة كالسياط، دأبها التربص، فالتوثب على الأعراض، والتمضمض بالاعتراض، مما يوسع جراح الأمة، ويلغي الثقة في علماء الملة، ويغتال الفضل بين أفرادها، ويقطع أرحامها تأسيسا على خيوط من الأوهام، ومنازلات بلا برهان، تجر إلى فتن تدق الأبواب، وتضرب الثقة في قوام الأمة من خيار العباد، فبئس المنتجع، وبئست الهواية، ويا ويحهم يوم تبلى السرائر يوم القيامة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير