تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كذاك لا يطلبه ذو الملل و كل بطّال ضعيف الحِيَل

لا بد للعلم من الصبر و من اتعابك الجسم فكن بذا قمن

و ارحل إلى عواصم الأمصار و اعمِد إلى اشياخها الكبار

لا تأخذ العلم عن الصِغارِ فإنه مظِنّة الصَغار

و لا تكن مستعجلا في الطلبِ ما فاز عجلانُ بنيل الأربِ

لا بد من طول الزمان فدأبِ و اسهر على تنقيحه و نقبِ

لا يجتني ذو النخل منه الرطبَ دون انتظار النيل فيه التعبَ

العلم بحر منتهاه يبعدُ ليس له حد إليه يقصدُ

و ليس كل العلم قد حويتهُ أجل و لا العشر ولو أحصيتهُ

ما أكثر العلم و ما أوسعهُ! من ذا الذي يقدر أن يجمعهُ

فلتمس الأنفع و الأهمّ و اصرف إليه يا بني الهمّ

ولتبدأ التحصيل في مقتبلِ عمرك و احذرن لذيذ الأملِ

و إن أردت يا بنيّ الأخذ عن أولي الرسوخ فقصُدن أهل السنن

و اجتنب الأخذ عن المبتدع فربما تبلى بحب البدع

فكن على نهج سبيل السلفِ في مجمع عليه أو مختلف

و تابع الصالح ممن سلفَ و جانب البدعة ممن خلفَ

فكل خير فاتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف

لذاك لا بد من أمرين هما حسن السؤال عن خيار العلما

ثاتيهما أن تستخير الله فالـ أخذ عن الأمثل منهم فامتثل

و إن من بين رجال العلم من استفاض فضله في القوم

و كملت في عصره أهليته و عرفت أخلاقه و عفته

و ظهرت بين الورى مروءته و اشتهرت لديهم صيانته

فذا هو القدوة فلزم مجلسه و حقه احذر يا فتى أن تبخسه

و لا تقيّد بأولي الشهرة في سماعك العلم فرُب محدف

بالعلم من ذوي الخمول أنفعُ لطالبيه في الزوايا يقبعُ

لا يمنعنك الكبر أن تأخذ عن أصغر منك فهو غبن فعلمن

أن كان منك بالفنون أعلمَ و للمسائل العظام أفهمَ

فقد روى الأشياخ عن طلابهم كما روى الزهري عن مالكهم

و الأخذ عن شيخ مشارك أتمّ نفعا لطلاب العلوم و أعمّ

من لم يكن له شيوخ اجتنب أخذك عنه لا تكن كالمحتطب

إذ من بطون الكتْب قد تفقها كما يقول الشافعي ذو النهى

من ولج الكتب وحده خرج منها وُقيت وحده كما ولج

لا تأخذ القرآن عمن أخذا عن مصحفيٍّ مثلِه فإنها

كالأخذ عن كل جهول صحفي مصحفٍ كما تلى فالصحف

فلتثن ركبتيك في المساجد مزافنا للكل شيخ ماجد

و اختر قرينا كي يشد أزرك و شدّ إن رمت العلى مأزرك

و احرص على البكرة و التبكيرِ و اهجر لذيذ النوم في السرير

ثم اهن نفسك فاطِّلابه إن كنت يا بني من طلابه

فإنه إن تعطه كلك لا يعطيك إلا بعضه و نقلا

من لم تكن محرقة بدايته تخلفت عن الضيا نهايته

و وزع الأوقات في النهار و اليل للحفظ و الاستذكار

و البحث و التنقيب و المطالعة و الجمع و التحرير و المراجعة

ودبر المال لجلب الكتبِ وكل ما تحتاجه فالطلبِ

و أخر الزواج كي تنقطعَا لأخذك العلم و عادي الشبعَا

أكثر من الصيام كي يكونا لك على تحصيله معينا

و قد مضى في ثالث الفصول ما نظمه حماد في بيت سما

له تغرب و تواضع و اتّرِع و جع و هُن و اعص هواك و اتّبع

و قنع من القوت بما تيسر ثم من اللباس ما قد ستر

و ذا الذي ذكرت ما ينافي تجمل المرء لذا الأضياف

فربنا جل جميل و يحب لنا الجمال و المباهاة اجتنب

ولتتحر الحل في مأكلك ثم تقلل و احترس من بطنك

ففطنة المرء يغطها الشبع و رقة القلب توارها المتع

و العلم لا يطلب بالتنعم و راحة الجسم و طيب المطعم

و قلل المنام و الكلامَ و اجتنب الهزل كذا الخصامَ

و قلل المزاح فهو إن غلب أدى إلى زرع الشقاق و العتب

و اسمُ بنفسك عن التأنقِ في ملبس كذا عن التعلقِ

بما به يستمتع الأطفالُ و الفارهون الهمل الجهالُ

من تافه الشراب و المأكلِ قذاك يزري بالحصيف العاقل

مثل البطاطس و الإئتدام بشطة تخنق كالزكام

و الإيس كرِيمِ و كذا الجلكسي لا سيما إن قرن بالببسي

لا تشرب الببسي و لا الكاكولا ثم اقتصد و لا تكن أكولا

لكل ما ترغب من طعامِ قأنه مجلبة الأسقام

و ما مضى من أشهر المشارب للمرض العضال شر جالب

فاغتذي بالذي حباك المنعمُ مما به على العباد ينعمُ

من نافغ الشراب و الطعام مأتسيا بأفضل الأنام

في هديه صلى عليه الله ما هي الصبا و طائر ترنما

و احرص على ما زاد فالحفظ و م ا به نمو الفهم مما عُلما

تأثيره و نفعه كالعسلِ و كالزبيب بكرة و لتسألِ

مولاك أن بمنحك التوفيقَ و أن يسهل لك الطريقَ

إلى اكتساب العلم و المعارفِ شتان بين جاهل و عارفِ

و احفظه جل شأنه يحفظك م ا حييت لا تعدل بذاك مغنما

و هو وصية النبي الأعظمِ للبحر عبد الله حبر الأممِ

و قد آتى تصحيحه مقترنا بالحُسن عند الترمذي ذي الغَنى

ثم اغتنم من قبل خمس خمسا إذ صح عمن قد أزال اللبس

صلى عليه ربنا ما سبحا مسبح و أشرقت شمس الضحى

فاغتنم الشباب قبل الهرمِ و اغتنم الصحة قبل السقمِ

كذا غناك قبل أن تفتقرا ثم الفراغ قبل شغل يزدرى

و اغتنم الحياة قبل الموت فليس بعد الموت غير الفوت

فهو عن البحر أتى و صححا حاكمهم إسناده و صرحا

بذاك حافظ الزمان ابن حجر و كم من الصخر تفجر النهر

و بعد ذاك يسأل الخلائق عن أربع و تكشف الحقائق

يسأل كل واحد عن عمره فيما قضاه و هو سر الطبره

كذلكم عن علمه سيسأل هل كان في دنياه حقا يعمل

ثم عن المال الذي قد كسبه من أين ذلك الضعيف اكتسبه

و في ما في دار الفناء أنفقه و ما الذي في سعيه قد حققه

و في ما أبلى جسمه هل كان في درب الهدى أو الضياع المؤسف

قد صح عند الترمذي عن أبي برزة ذي الذكر الحميد الطيبِ

هل بعد ذا يحسن أن تضيعا شرخ الشباب لاهيا مسمتعا

كمن رضوا بالهون و القعودِ في طرقات الناس كالقرودِ

و كم نرى من للبانِ يعلقُ دوما و في كل طريق يسلق

أو يقرض الفصفص قرض الفاري و همه تتبع السُمّارِ

تراه دوما عابثا بالمسبحة هل ذكر الله على أو سبحه

و كل شاخص يرى صورتهُ به تمطى مصلحا غترتهُ

و قوّم العقال و المرزامَ و زين الأزرار و الأكمامَ

كم ضيع الفارغ من أوقاتِ عند وقوفه لدى المِرآةِ

بل قد أضاع ما الله له وهب من صحت و من فراغ و نشب

و ذاك و الله هو المغمونُ أخبر عنه الصادق المأمونُ

صلى عليه الله ما ازدان الثمر و ما تبدا في ليالينا القمر

من هذه صفاته لا يصلح للعلم لو كان ذكي يمدح

فيكف من كان بليدا جانحا للَّهو فيه غاديا و رائحا

والقصيدة كلها ألفيَّةٌ, حري بطالب العلم مطالعتها, وحفظها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير