تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فكلمة يسرق الحديث معروف أنها جرح، فإذا ذهبت لكتاب ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فتجد العبارة بخلاف ما فهمت، فـ ابن أبي حاتم رواها عن أبي بكر بن أبي شيبة وليس عثمان، و عثمان أقوى من أبي بكر و أبو بكر أوثق الرجلين، فرواها عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: كان إسرائيل في الحديث لصاً، وليس هناك (يسرق)، فقال ابن أبي حاتم: أي: يتلقف العلم تلقفاً، إذاً: هذا مدح؛ كما أن اللص إذا دخل تلقف؛ لأنه مستعجل، فهذا إسرائيل بن يونس يتلقف العلم تلقفاً، وكما أن السارق إذا دخل انتقى الجيد من المتاع؛ ما خف وزنه وغلى ثمنه، فكذلك إسرائيل ينتقي حديث مشايخه، فترى أن الحافظ ابن حجر روى الرواية بالمعنى، فسواءٌ كان الحافظ هو الذي ذكرها أو عثمان بن أبي شيبة هو الذي ذكرها بالمعنى فقد أفسد الكلام، فبوقوفك على هذا تكون قد وقفت على فائدة، لكن إن لم تقف على هذه الفائدة فمن الممكن أن تقول في أي حديث مثلاً: ولكن إسرائيل يسرق الحديث، فتتهم الرجل ولا تهمة عليه.

كذلك في كتاب علل الحديث لـ ابن أبي حاتم كلمة في ترجمة إسماعيل بن أبي رجاء خلت منها كتب التراجم وهي أن شعبة سئل عن إسماعيل بن أبي رجاء فقال: ذاك شيطان!! والشيطان لا يفهم منه إلا الذم، فقال ابن أبي حاتم: يعني من حسن حديثه.

يعني: هل رأيت الجن عندما تأتي بالخوارق، حتى إنهم ذكروا أن يحيى بن معين قال في راوٍ: أظن أن أباه تزوج بجنية؛ لأنه كان صاعقة في الحفظ، يعني هذا الحفظ ليس لآدمي، فيقول إسماعيل بن أبي رجاء شيطان، يعني: من حسن حديثه، فلولا هذا التخصيص لقلنا: إنه شيطان، وقال شعبة: إنه شيطان! فإذا نظمت هذه الفوائد وعرفت كيف تجمعها في بطاقات سلِم لك جمعك، لكن عندما تقرأ على غير هدى، وليس عندك خطة في الكتب فتمر بك الفائدة فتستملحها، ولكن تحتار أين تضعها؟ وكيف تحفظها؟ حتى إذا احتجت إليها أخذتها.

إذاً: لابد من القراءة المنهجية في أي كتاب وأي فن، وهذه الطريقة هي أسلم الطرق، وهي أن يكون لك منهج في قراءة الكتب كلها، فتمسك بالكتب كتاباً كتاباً وتقرأ، فما مر بك كتبته بعنوان يناسبك، حتى وإن خالف عنوان الكتاب، المهم أن يناسبك أنت حتى إذا أردت أن تستحضر هذه المادة استحضرتها، وهذه هي أجود وسائل الطلب واستخراج الفوائد من الكتب، وجرب هذه الطريقة ستجد أنك بفضل الله تبارك وتعالى ستحصِّل فضلاً غزيراً لم يخطر لك على بال، والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير