[آداب إعارة الكتب]
ـ[حسين الأثري]ــــــــ[15 - 12 - 10, 06:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعجبني هذا الفصل من كتاب الشيخ عمر الحدوشي المسمى كيف تطلب العلم؟ أو إتحاف الطالب بمراتب الطلب.
فصل: في آداب إعارة الكتب
قال ابن جماعة في كتابه: (تذكرة السامع والمتكلم) (ص: 164): (ويستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه عليها).
ولله در ابن جماعة في دقة قوله: (لمن لا ضرر عليه فيها ... ). فقد ضاعت لنا كتب كثيرة أخذها ممن لا يخاف فالله منا إعارة فلا رجعت ولا رجع المستعير، حتى ما رجع منها رجع ملطخاً بالمداد والمرق والوسخ، وأذكر أن طالباً استعار مني كتاب (شرح صحيح مسلم للنووي) فوضع فوقه دواة مليئة بالمداد وتركها مفتوحة فجاء ولده الصغير فصبها على الكتاب فأخبرني بما فعل ولده فقلت له: هو لك هدية، أمثلة أخرى في إضاعة الكتب كثيرة.
وأذكر أيضاً أن أحدهم استعار مني المجلد (22) و (23) من (مجموع الفتاوى) فلم يرجعهما-ولا هو رجع-فبقي الكتاب مبتوراً، فاضطررت لشراء الكتاب مرة ثانية أقل جودة من الكتاب الضائع، حتى وفق الله أخانا أبا مريم سعيد فأهدى لنا النسخة الأصلية الجيدة-جعلها الله له من الصدقة الجارية-والله المستعان.
وهذا شيخنا العلامة أبو أويس فتح مكتبته لكل طالب وباحث لم ينج من هؤلاء-أعني: لُصوص النُّصُوص-فقد كتب إلي عدة مرات يشكوهم ويتأسف على فعلهم فيقول: ( ... فيما يرجع للجزء الخامس من (الجراب) فقد كان مصوراً منذ سنوات ولكنني تطلبته فلم أجد له خبراً وابتُليتُ ببعض من لا يخشى الله من الطلبة فسرقوا من المكتبة كتباً، وبتروا أخرى، وحتى الأقلام أخذوا منها، ولا أدري من؟ ولما وقفت على إعارتكم إياه اضطررت لتصويره مرة أخرى، على الأصل الذي تحت اليد، وقد تم والحمد لله–تطوان 16 شوال 1428 هـ أخوكم أبو أويس محمد بوخبزة).
ومرة قال لي: ( ... وليس لي تعليقات على (سبل السلام) وإنما كنت كتبت دروساً مختصرة أمليتها على طلبة المعهد لا تزيد على الوضوء والغسل سميتها: (إيثار الكرام، بشرح بلوغ المرام) كان في محفظة جلدية مع محاضرات ودروس في التفسير، وقد افتقدته ... تطوان صباح الأحد 13 ربيع الثاني. أخوكم ومجلكم أبو أويس محمد بوخبزة)
ومرة قال لي: ( ... أظن أنني أودعتها السابع (الضائع مع الأسف) من (جراب السائح) ... بارك الله فيكم، ولا سعد من يجفوكم ... تطوان صباح يوم الخميس 27 ربيع الأول 1426 هـ أخوكم أبو أويس محمد بوخبزة).
ومرة قال لي: ( ... والسابع من (جراب السائح) لم يظهر له أثر. وأرجو أن يلهم الله آخذه رده فإني تعبت فيه، ولا معنى لسرقة مثله ... تطوان في 12 صفر 1429 هـ من مجلكم أبي أويس محمد بوخبزة) [1].
ومواضع أخرى لا أتذكرها الساعة فإلى الله المشتكى من هؤلاء الطلبة: (لصوص النصوص).
وقديماً قيل:
ألاَ يا مستعير الكتب دعني * فإن إعارة الكتب عار
فمحبوبي من الدنيا كتابي * وهل رأيت محبوباً يعارُ
وقال آخر:
أيها المستعير مني كتاباً * إن رددت الكتاب كان صواباً
أنت والله إن رددت كتاباً * كنت أعطيته أخذت كتاباً
قال الإمام الخطيب-رحمه الله تعالى-: (ولأجل حبس الكتب امتنع غير واحد عن إعارتها).
وقال سفيان-رحمه الله تعالى-: (لا تعر أحداً كتابك).
وقال الربيع بن سليمان-رحمه الله تعالى-: (كتب إلي البوطي: احفظ كتابك، فإنه إن ذهب لك كتاب لم تجد بركة).
ومع هذا فقد قال يونس بن يزيد: قال لي الزهري: (إياك وغلول الكتب، قال: وما غلولها، قال: حبسها عن أهلها) [2].
قال ابن الجوزي: (لينبغي لمن ملك كتاباً أن لا يبخل بإعارته لمن هو أهله، وكذلك ينبغي إفادة الطالبين بالدلالة على الأشياخ، وتفهيم المشكل، فإن الطلبة قليل وقد عمهم الفقر، فإذا بخل عليهم بالكتاب والإفادة كان سبباً لمنع العلم).
وقال سفيان الثوري-رحمه الله تعالى-: (تعجلوا بركة العلم، ليفد بعضكم بعضاً فإنكم لعلكم تبلغون ما تؤملون).
وقال وكيع بن الجراح-رحمه الله تعالى-: (أول بركة الحديث إعارة الكتب).
وقال ابن المبارك-رحمه الله تعالى-: (من بخل بالعلم ابتلي بثلاث:
1 - إما أن يموت فيذهب علمه،
2 - أو: ينساه:
3 - أو: يتبع السلطان) [3].
¥