قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: (موت العالم ثُلْمَةٌ [21] في الإسلام، لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار) [22].
وروي مرفوعاً بلفظ: (إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثُلمة، لا يسدُّها شيء إلى يوم القيامة) [23].
قال حماد بن زيد-رحمه الله تعالى-: (كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيُرى ذلك فيه، ويبلغه موت الرجل يذكر بعبادة فما يرى ذلك فيه).
وقال أيوب السختياني-رحمه الله تعالى-: (إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره. إِنِّي لأُخْبَرُ
بموت الرجل من أهل السنة فكَأَنِّي أفقد بعض أعضائي) [24].
وقال أيضاً: (إن الذين يتمنون موت أهل السنة يريدون أن يطْفِئُوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون).
ولما مات زيد بن ثابت قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يا هؤلاء من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم، فهكذا ذهاب العلم، وأيم الله لقد ذهب اليوم علمٌ كثير، يموت الرجل الذي يعلم الشيء لا يعلمه غيره، فيذهب ما كان معه-ويشير إلى قبر زيد ويقول:-لقد دفن اليوم علمٌ كثير) [25].
وقال أيضاً: (أَتَدرون ما ذهاب العلم؟ قلنا: لا، قال: ذهاب العلماء ولا يزال عالمٌ يموت، وأثر للحق يَدْرس حتى يكثر أهل الجهل وقد ذهب أهل العلم فيعْملون بالجهل ويدينون بغير الحق ويَضِلون عن سواء السبيل) [26].
قال هلال بن خباب-رحمه الله تعالى-: سألت سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى- قلت: (يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم) [27].
قال الثوري-رحمه الله تعالى-: (مات الحديث بموت شعبة) [28].
قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي: (حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال: حدثنا مالك بن أنس أنه بلغه أن سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى، ونفعنا بعلومه-قال: إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسير الليالي والأيام) [29].
وقال الإمام مالك-رحمه الله تعالى-: (وكان سعيد بن المسيب يختلف إلى أبي هريرة-رضي الله عنه-بالشجرة) [30].
وقال الإمام الفسوي-رحمه الله تعالى-: (حدثنا ابن بكير قال: قال الليث: قال ابن شهاب-رحمه الله-: ما صبر أحد على العلم صبري ولا نشره أحد نشري، فأما عروة فكان بئر لا تكدره الدِّلاء، وأما سعيد بن المسيب فنصب نفسه للناس فذهب ذكره كل مذهب) [31].
وكان أمير المؤمنين في الحديث شعبة-رحمه الله تعالى-يقول: (كل من سمعت منه حدثنا فأنا له عبد) [32].
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت يحيى بن جعفر البِيكَنْدي يقول: (لَوْ قَدَرْتُ أن أزيِدَ في عمُر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم.
وسمعته يقول لمحمد بن إسماعيل: (لولا أنت ما استطعت العيش ببخارى) [33].
وكتب أهل بغداد إلى محمد بن إسماعيل كتاباً فيه:
المسلمون بخير ما بقيت لهم # وليس بعدك خير حين تُفْتَقَدُ [34]
وقال أخر:
منْ شَاءَ بَعْدَكَ فَلْيَمُتْ # فعليكَ كُنت أُحَاذِرُ
كَنْتَ السَّوَادَ لِنَاظِري # فَعَمِيْ عَلَيْكَ النَّاظِرُ
لَيْتَ الْمنَازِلَ والدّ # يَارَ حَفَائرٌ وَمَقَابِرُ
إِنِّي وغَيْرِي لا مَحَا # لَةَ حَيْثُ صِرْتَ لَصَائِر
قال صالح المرّي: سمعت الحسن البصري يقول: (الدنيا كُلُّهَا ظُلمة إلا مَجَالس العلماء) [35].
قال أبو الفضل المحبوس عمر الحدوشي: (والله لولا العلماء ومجالسهم وفوائدهم وما أستفيده منهم من علم وهديٍ ودلٍّ وسمت وخُلق وتوجيه وترغيب وترهيب لما تمنيت أن أعيش في هذا الزمان الأغبر دقيقة واحدة، الزمان الذي انقلبت فيه الحقائق كلها إلا قلة قليلة في قلة قليل! زمان الذئاب بدل الأصحاب، ولهذا أكره الذين يلسعون القِمَم والأعلام ثم يختبئون.
وقد وجدت لقاء الرجال-العلماء-تلقيحاً لألبابهم، وأيقنت أن كل عالم سار على الدرب قبلنا فهو عون لنا، نأخذ ما ترك ونزيد لإسهامه إسهامنا، من لا يثبت على هذا المبدأ يسقط).
قال ابن القيم: (هدم القمم طريق مختصر لهدم الإسلام)، وقال الخطيب البغدادي: (لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في منتقصيها معلومة) [36].
وأشمل منه قول الأمام أحمد-رحمه الله تعالى-: (لحوم العلماء مسمومة ومن شمَّها مرض، ومن أكلها مات) [37].
¥