تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا نظرت إلى بداية شرح كتب السنة، شرح البخاري من أول من شرحه الحافظ الخطّابي محمد بن سليمان بن محمد رحمه الله، وكذلك سنن أبي داوود شرحه الخطابي أيضا في كتاب معالم السنن، وكل من الكتابين مختصر جدا ومطبوع، بدأ العلماء يفرِّعون على هذه النواة الأولى شرح كل بحسب ما يفهم من الفقه على مذهبه، ولهذا تميَّز الحافظ بن حجر في كتابه فتح الباري بأنه جمع ما قاله العلماء في الحديث: سواء علماء اللغة أو علماء الإسناد أو علماء الفقه، فإذا مثلا جاءت كلمة في حديث رواه البخاري تجد أن هذه الكلمة يفسرها من تقدم بكلمة، هذه ليس معناها أنها مسلَّمة، تجد أن الخطابي قال هذه الكلمة معناها كذا؛ لكن عند ابن حجر تجد أنه توسَّع نقل عدة نقول عن السلف يعني السلف اللغويين.

مثلا أتينا إلى حديث أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، طيب جزيرة العرب عند الحنابلة لها حد وعند الشافعية لها حد، وعند المالكية لها حد، عند علماء اللغة لها حد، اختلفوا فيها وطوَّلوا، يأتي شارح الحديث يقول جزيرة العرب هي كذا وكذا، فهل عند الباحث انتهى الحد عند هذه المسألة يعني خلاص، ذكر الشراح يقول ذكر الشراح أنها كذا يعني انتهى؟ لا؛ لأنه لابد البحث جزيرة العرب في أصل بحثها هل هو فقهي أم لغوي؟ لابد تسأل نفسك هذا السؤال، فإذا كان فقهيا المرجع عند أهل الفقه، وإذا كان لغويا فمرجعه عند أهل اللغة.

إذن أصل البحث هو بحث لغوي؛ يعني جزيرة العرب هذه كلمة موجودة معروفة عند العرب في استعمالاتهم وجاء استعمالها في النص في الأحاديث إلى آخره.

فإذن تعرف مأخذ هذا البحث الذي تبحثه، فيكون إذن كتاب شرح الحديث هو مثل الهادي لك لتعرف مداخل البحث، فإذا قرأت للشارح ونقل عن الفقهاء تذهب إلى كتب الفقهاء وتتوسع، نقل الشارح عن اللغويين تذهب إلى كتب اللغة وتتوسع، ثم بعد ذلك يكون العلم عندك ثريا متوسعا في هذه المسألة.

مثلا هذا حد جزيرة العرب في شرح المُفَضَّليات المعروف اختيارات المفضَّل ثَم فصل طويل جدا فصل فيه أقوال العلماء والأشعار وما يتعلق بذلك في حد جزيرة العرب، هذا بحث موجود في شرح من شروح أشعار العرب كتاب أدبي وهو متقدم في الزمان في القرن [الثالث] نقل عن الفقهاء ونقل عن التابعين عن الشعبي ونقل عن غيره في حد جزيرة العرب ونقل عن اللغويين وعن الأئمة وقول الإمام مالك إلى آخره.

فإذن ثم مصادر للبحوث موجودة في كتب الحديث، فطالب العلم إذا اقتصر في مسألة ما على ما هو موجود في كتب الشروح المتأخرة وقال خلاص هذه هي كلمة الفصل يضعف بقدر ذلك، طيب إذا كان العالم هو الذي استدلَّ بما هو موجود عند الحافظ، بما هو موجود عند النووي، فهذه لها مزيتها؛ لأن العالم الأصل فيه أنه اطلع على أشياء كثيرة جدا ثم اختار كلام الحافظ ابن حجر ثم اختار كلام النووي، فيكون هذا الاختيار دلَّ على أن هذا الكلام هو أحسن ما وجد، فإذا كان العلام متبحرا في العلم ثم اختار من كلام العلماء بعضه فيدل ذلك على نفاسة هذا الكلام وعلى أنه هو الصحيح عنده.

فإذن نأتي إلى مسائل الرجال يأتي باحث ويقول هذا الحديث إسناده حسن؛ لأن فيه فلان قال الحافظ ابن حجر فيه صدوق، هذا الكلام في الحقيقة لا معنى له، الحافظ ابن حجر ألف التقريب ليكون كاشفا معك في اليد في أسفارك؛ يعني تعرف تقريبه ليس الحكم على الرجل، نعم يدل هذا على أن الحكم هو اختيار الحافظ والحافظ حافظ وله جلالته في العلم؛ لكن المسألة لم تنته عند هذا الحد، لابد أن تتطلع على كلام الأئمة المتقدمين، من قال ثقة لماذا قال ثقة؟ ومن قال ضعيف لماذا قال؟ هل ضُعِّفَ مطلقا أو ضُعِّفَ في زمن دون زمن يعني اختلط أو في بلد دون بلد أو في حضرة كتبه أو في غير حضرة كتبه أو هل هو مقبول في كل العلوم؟ أو يعني ثَم أشياء كثيرة تأتي.

فإذن الباحث لابد أن يكون دقيقا وكلما صار أدق كلما صار أحرى بالصواب في العلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير