فيؤخذ من هذا الحديث رفق النبي صلى الله عليه وسلم بالناس في الدعوة إلى الله فإذا رأيت رجلا على معصية وأردت أن تأمره بالمعروف أو أن تنهاه عن المنكر ينبغي أن تترفق به وأن تتلطف به حتى لو وقع في الكبائر لكي تأخذ بيده إلى الله شيئا فشيئا، قال الله عن النبي صلى الله عليه وسلم {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران/159].
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[25 - 11 - 06, 03:33 م]ـ
6 ـ أمّا الأمر السّادس و الأخير فهو: الاستنجاء بروث أو عظم أو طعام.
الاستنجاء يعني تنقية المحلّ، بروث وهو رجيع الحيوانات يعني براز الحيوانات أو عظم و العظم معروف أو طعام أيّا كان هذا الطّعام سواء كان خبزا أو كان هذا الطعام تفّاحا أو رمّانا أو كان برتقالا أو نحو ذلك، لا يجوز للإنسان أن يستنجي به، ما الدليل على ذلك؟ الدليل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن نستنجي برجيع أو عظم يقول سلمان رضي الله عنه نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستنجي برجيع أو عظم و الرجيع هو روث الحيوانات و العظم معروف.
لماذا؟ ما العلة في ذلك؟
العلة في ذلك في حديث رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أتاه داعي الجن فسألوه عن الزاد قالوا يا رسول الله ماذا نأكل؟ ـ الجن المسلمين ـ فقال النبي صلى اله عليه وسلم: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم، نريد أن نبين هذا الحديث، هؤلاء الجنّ المسلمون لما سألوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الطعام فقال لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يعني حينما تذبح فتذكر اسم الله و حينما تأكل فتذكر اسم الله عز وجل و تأكل اللّحم الذي على العظم ثم ترمى العظم في القمامة و نحو ذلك يأتي الجن المسلم إلى العظم الذي ذكر اسم الله عليه عند الذبح وعند الأكل فيذكر اسم الله فيرد إليه لحمه مرة أخرى كأنه لم يؤكل منه لحم فيبدأ الجن المؤمن يأكل منه، ولذلك إذا نسيت أن تذكر اسم الله عز وجل عند الأكل في أوله فقل بسم الله في أوله وفي آخره، لماذا؟ لأنك لو لم تذكر اسم الله على هذا الأكل هذا اللّحم ثم رميت العظم حرم الجن المسلم من الأكل منه و إنما يأكله الجنّ الكفّار فأنت بذلك تحرم إخوانك من الجنّ المؤمنين من أن يأكلوا من هذا العظم أو هذا اللّحم.
ويقول في الحديث وكلّ بعرة علف لدوابّكم، والبعر هو رجيع الحيوانات يعني براز الحيوانات براز البقر أو الجاموس أو الإبل أو الشاه أو الخرفان أو الحمير مثلا أو نحو ذلك ـ أكرمكم الله ـ فهذا البعر علف لدواب الجن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
إذن طعام الإنس من المؤمنين إذا ذكر اسم الله عليه صار طعاما للجن المؤمنين و بعر الحيوانات علف لدواب الجن المؤمنين وهذا دليل على أن الجنّ حياة كاملة ولهم دواب يركبونها ونحو ذلك لأنه عالم غيبي لا نؤمن إلا بشيء أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبرنا به القرآن الكريم.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا تستنجوا بهما، الألف هنا ألف الاثنين لإيه؟ يعني العظم و الرجيع، رجيع الحيوانات فإنهما طعام إخوانكم يعني من الجن.
طيب، هذا الحديث فيه دليل على عدم الاستنجاء بالروث أو العظم، ما الدليل على عدم الاستنجاء بالطعام؟ قال العلماء الدليل هنا بالقياس بمعنى أن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينهى المسلمين عن تلويث طعام الجن فمن باب أولى لا يجوز تلويث طعام الإنس، لماذا لأن الإنس أكرم من الجن قال الله عز وجل {ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء/70] يعني مؤمني الإنس أكرم عند الله عز و جل من مؤمني الجن، وهناك دليل آخر على حرمة الاستنجاء بالطعام يعني أنت تمسك رغيف و تستنجي به وترميه أو تمسك تفاحة و تستنجي بها أو رمانة أو برتقالة فقد لوثتها وأنت في هذه الحالة قد أضعت المال وأتلفته وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كره لكم ثلاث كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)، فهذا الحديث فيه دلالة على أنه يحرم على الإنسان أن يضيع المال وهذا فيه إضاعة للمال.
هذه هي الأمور الستة التي يحرم فعلها عند قضاء الحاجة.
ننتقل إلى الأمور التي يكره فعلها عند قضاء الحاجة ونحن نعلم أن الحرمة معناها أن الإنسان لو فعله يأثم، أما الكراهة معناها أنه لو فعله لا يأثم لكن يكره له ذلك، يكره له هذا الفعل، نعم.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[25 - 11 - 06, 03:34 م]ـ
المتن
الضابط الثاني ما يكره أربعة.
أولا: الكلام أثناء قضائها.
ثانيا: البول في مهب الريح.
ثالثا: استصحاب ما فيه ذكر الله.
رابعا: الاستنجاء باليمين.
الشرح
هذه الأشياء الأربعة يكره فعلها عند قضاء الحاجة.
الأمر الأول: هو الكلام عند قضائها.
يعني يكره لك أخي الكريم أن تتكلم وأنت جالس تقضي حاجتك، سواء كنت تقضي حاجتك على حمام بلدي أو على حمام إفرنجي لا يجوز أن تتكلم أثناء قضاء الحاجة.
ما الدليل على ذلك؟
الدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رجلا مرَّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلّم عليه فلم يرد عليه السلام)، قال العلماء لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم ولم يرد السلام، معنى هذا أنه يكره أن تتكلم أثناء قضائها.
بعض العلماء قال لا، هذا الحديث فيه دليل على عدم الكلام بالذكر فقط لأنه لو قال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فانه سيذكر الله عز وجل، لكن الكلام بغير الذكر يجوز.
فرد العلماء وقالوا: لا، النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكن وأن يقول له لا تتكلم ـ وهو يقضي الحاجة، أو لا تسلم علي، وهو يقضي الحاجة ـ فبما أن النبي صلى الله عليه وسلم صمت ولم يتكلم ولم يأمره ولم ينهه دل على أن الكلام كلّه بجميع أنواعه فانه مكروه أثناء قضاء الحاجة، قال العلماء ولكن يجوز الكلام للضرورة كأن ترى أعمى سينخبط في حائط أو سيقع في بحر أو بئر تقول له قف أمامك بئر، وهكذا.
¥