تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن تأمل حال سادات الأولياء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم علم الفرق بين الولاية وبين الشعوذة والخرافة، ولو كان ثم أحد يمكن أن يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ليرشده أو يفتح بصيرته ـ كما في السؤال ـ لكان أولى الناس بذلك أصحابه، لا سيما في أوقات الشدة والمحن، كاختلافهم في القبلة، وتنازعهم في خلافة عثمان رضي الله عنه، وبعد في خلافة علي.

وها هو عمر رضي الله عنه يقول: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا بهن عهدا ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا. متفق عليه.

فلو كان صلى الله عليه وسلم يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق رضي الله عنه، ولفقه عمر رضي الله عنه لم يتمن رؤيا منام يتلقى فيها هذه الأحكام، كما يدعيه بعض المتصوفة من أخذهم الأذكار والأوراد وعهود الطريق عن طريق المنام واليقظة، أما اليقظة فقد مضى ما فيها، وأما المنام فلا يؤخذ منه حكم شرعي على ما قرره أهل العلم، والله أعلم.

الفرق بين الولي والدعي:

المفهوم الشرعي لكلمة (ولي الله) يتجلى واضحاً في قوله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) [يونس: 62، 63] فكل من كان مؤمنا تقيا فهو من أولياء الله تعالى. وليست الولاية محصورة في أشخاص معينين، ولا يشترط لحصولها وقوع الكرامة. قال القرطبي: قال علماؤنا رحمهم الله: ومن أظهر الله على يديه ممن ليس بنبي كرامات، وخوارق للعادات فليس ذلك دالاً على ولايته، خلافاً لبعض الصوفية والرافضة، حيث قالوا: إن ذلك يدل على أنه ولي، إذ لو لم يكن ولياً ما أظهر الله على يديه ما أظهر، ودليلنا: أن العلم بأن الواحد منا ولي لله تعالى لا يصح إلا بعد العلم بأنه يموت مؤمناً، وإذا لم نعلم أنه يموت مؤمناً لم يمكنا أن نقطع على أنه ولي لله تعالى. وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه .. " الحديث.

فطريق الولاية في الكتاب والسنة هو المحافظة على الفرائض والحرص على النوافل، والتحقق بمقامات الإيمان، والتزين بلباس التقوى.

وبهذا يعلم أن المجانين والفسقة والعصاة لا يدخلون في ذلك، وغاية المجنون أن يرفع عنه القلم، لا أن يكون ولياً، فضلاً عن أن يكشف عنه الحجاب، فإن الحجاب لا يكشف لأحد في الدنيا، والوحي لا يتنزل إلا على الأنبياء، وإذا كان الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء لم يكن هذا دليلاً على ولايته، فإن الخوارق تقع على يد الكافر والملحد والفاسق كما تقع على يد المؤمن. ولهذا قال الجنيد رحمه الله: علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب ولم يكتب الحديث، فلم يتفقه، فلا يقتدي به.

وقال:"الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا من اقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته، لأن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه، وعلى المقتفين أثره والمتابعين.

وليس للولي أن يدعي الولاية لنفسه أو يشهد لها بذلك، فإن هذا من التزكية المذمومة.

كما أن من المفاهيم الباطلة حول الولاية ما يلي:

1 - اعتقاد أن الولي يتصرف في الكون، ويجوز دعاؤه والاستغاثة به في الشدائد، واعتقاد هذا خروج عن الإسلام جملة، وقدح في الربوبية والألوهية.

2 - اعتقاد عصمة الولي وأن الله لا يخلق له الخذلان الذي هو قدرة العصيان، كما يقول القشيري عفا الله عنه.

3 - اعتقاد أن الولي يعلم الغيب، وأنه يغني عن نفسه وعن الخلق.

4 - أو أن الولي يتطور ويظهر في أشكال مختلفة، فتارة تراه أسداً، وتارة تراه شيخاً، وتارة تراه صبياً. وأنه يوجد في أماكن مختلفة في وقت واحد، على ما هو مدون في كثير من الكتب المعنية بذكر أولياء الصوفية.

5 - اعتقاد أن الولي يباح له مخالفة الشريعة، وأنه يجب التسليم له وعدم الإنكار عليه ولو ترك الجمع والجماعات، لأنه صاحب حال كما يقول الشعراني وغيره

6 - اعتقاد أن الولاية تكون بيد الولي الكبير يعطيها لمن يشاء من أتباعه، وهذا ضلال لا يحتاج إلى إقامة الدليل على بطلانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير