تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الداعية العالم ولا تكون دعوة إلا بعلم من يريد أن ينال فضل الدعوة علي أتم وجوهه وأن يكون في أكمل صوره فليتم العلم وليأخذ من العلم ويمتهن من العلم ويحرص علي مجالس العلم ويكون من أهل هذه الرياض التي تنشر فيها رحمة الله ويبتغي فيها ما عند الله ويصبر ويصابر و يجد ويجتهد ويحتسب أن الأجر عند الله سبحانه وتعالي لجميع ذلك حتي يبلغ من العلم أعلي مراتب فإذا بلغ ذلك قام بالدعوة علي أتم وجوهها وأكملها أول ما ينبغي طلب العلم فإذا طلبت العلم فاطلبه بقوة وتطلبه بعزيمة وهمة صادقة لا يثنيك عنها شئ لا تثنيك عنها الدنيا وزينتها وغرورها ومافيها من متاعها الزائل وما فيها من غرورها الحائل إنما تجد وتجتهد وأنت تحس أنك أنت الرابح ماتكون بضعف تحس أن الدنيا ستفوتك وأن أهل الدنيا يتاجرون ويربحون وأنت لا تتاجر ولا تربح لا بل تدخل في العلم وتحس أنك أنت الذي أربح صفقة وأكثر ربحاً في تجارتك مع الله سبحانه وتعالي , طلب أقوام العلم فكفاهم الله هم الدنيا والآخرة و اقرأ في سير العلماء والله إن منهم من كان لا يجد إلا طُعمة يومه مرقع الثياب حافي القدم ولكنه أغني الناس بالله جل جلاله وأسعد الناس أكبتهم جنانه وأصفقهم لساناً وأوضحهم بياناً أغني الناس بالعلم الذي وضعه الله في قلبه وفي لسانه (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24) لما صبروا في طلب العلم وتحصيله لا يشتكي من السهر ولا من التعب في طلب العلم إنما يبحث عن هذا العلم بكل همة وبكل صدقٍ وعزيمة فإذا جدَّ طالب العلم في طلبه عليه أن يعلم أن منزلته عند الله علي قدر ما يُحصل من العلم فإن الله يرفع بهذا العلم درجات , وقد تجلس في المجلس الواحد وتدرس فيه مسائل يقل من يضبتها ويقل من يحصلها فتكفي الأُمة همها وتسد ثغرها فيكون أجرك عند الله بما كان فترفع درجتك علي نفاسة هذا العلم بقدر ما كان علمك نفيساً عظيماً محتاجاً إليه عظيم البلاغ والناس تحتاجه بقدر ما تكون درجتك عند الله أعلي وأسمي و أثمر ثالثاً أن تعلم أن هذا العلم يحتاج منك إلي الأمانة فإذا جلست في مجالس العلم ضبت وتقيدت بما سمعت فلا تزيد من عندك شئ ولا تحدثن في دين الله برأيك مالم يكن عندك حُجة أو برهان تحرص في مجالس العلم علي أن تحفظ ثم بعد ذلك تعمل في ضوء ما علمت وتبلغ ما سمعت وهذا أكمل ما يكون في العلم أن يكون قلبك واعياً بكل ما يقال وتتقيد بالكلمة لا تزيد ولا تُنقص وإنأستطعت أن لا تأتي بالمعني إنما تأتي باللفظ نفسه لإغذا بلغت ذلك كَمُلت نضارة وجهك قال صلى الله عليه وسلم (نضر الله امرأ سَمِعَ مقالتي فوعاها فحفظها وأداها كما سمعها فَرُبَ مُبَلَغٍ أوعي من سامع) أكمل ما يكون طلب العلم هذا إذا أردت أن تدعو إلي الله علي أكمل مراتب وأفضلها أن تضبط العلم ضبطاً تاماً وتحرص في مجالس العلم علي أن الكلمة لا تفوتك وتتقيد بما سمعت ثم بعد ذلك إذا تعودت علي هذا الضبط وضع الله لك القبول وثق ثقة تامة أن الله مطلعٌ علي سريرتك مطلعٌ علي ما في قلبك وأنك إن نظر الله إليك في كل مجلس وفي كل درس تحاول أن تفهم و ترجع وأنت مهموم محزون تريد أن تضبط هذا العلم وتضبط كل كلمة وكل عبارة وكل جملة العلم يا إخوان تسمو به الأرواح وتسمو به الأَنفُس أبو عبيدة القاسم بن سلام إمامٌ من أئمة السلف وديوانٌ من دواوين العلم والعمل كان آية في القراءات آية في علم اللغة في لسان القرآن آية في الحديث يروي بالأسانيد وآية في الحكم وهو صاحب كتاب الأموال رحمة الله عليه وغيره من الكتب النافعة وصاحب الغريبين هذا الإمام العظيم وقف بعد الصلاة في الشتاء استوقفه رجلٌ قَدِمَ عليه من خُراسان يسأله المسألة في الفقه مسائل في الفقه واللهإنه في شدة البريد وقف معه في شدة البرد فقام معه رحمه الله يذاكره ويسأله وهو يراوح بين قدمه فلم يشعر إلا وقد أذن الفجر يا إخوان لا تستغربون من هذه لا تظنون أنها ضرب من الخيال والله إذا ذقت لذة العلم تسموا عن كل شئ إذا ذهبت في هذه المعاني المستنبطة من كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم وهذا الكنز العظيم الذي فات تحس بالغضب أن سلفك الصالح سهرت جفونهم وتعبت أجسادهم من أجل أن يخرجوا لك هذا العلم كان الرجل إذا لم يجد إلا صخرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير