تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله: (فوقع الناس) أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة، يقال وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها.

قوله: (قال عبد الله) هو ابن عمر الراوي.

قوله: (ووقع في نفسي) بين أبو عوانة في صحيحه من طريق مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك قال: فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أتى به، وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال، وأن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز بابا يدخل منه، بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه.

قوله: (فاستحييت) زاد في رواية مجاهد في " باب الفهم في العلم "؛ فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم.

وله في الأطعمة: فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم.

وفي رواية نافع: ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه.

وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار عند المؤلف في " باب الحياء في العلم " قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا وكذا.

زاد ابن حبان في صحيحه: أحسبه قال: حمر النعم.

وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهموه.

وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات - قال الأوزاعي أحد رواته: هي صعاب المسائل - فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه، أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول أو تعجيزه، وفيه التحريض على الفهم في العلم، وقد بوب عليه المؤلف " باب الفهم في العلم ".

وفيه استحباب الحياء ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت، وقد بوب عليه المؤلف في العلم وفي الأدب.

وفيه دليل على بركة النخلة وما يثمره، وقد بوب عليه المصنف أيضا.

وفيه دليل أن بيع الجمار جائز، لأن كل ما جاز أكله جاز بيعه، ولهذا بوب عليه المؤلف في البيوع.

وتعقبه ابن بطال لكونه من المجمع عليه، وأجيب بأن ذلك لا يمنع من التنبيه عليه لأنه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فكأنه يقول: لعل متخيلا يتخيل أن هذا من ذاك، وليس كذلك.

وفيه دليل على جواز تجمير النخل، وقد بوب عليه في الأطعمة لئلا يظن أن ذلك من باب إضاعة المال.

وأورده في تفسير قوله تعالى: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة) إشارة منه إلى أن المراد بالشجرة النخلة.

وقد ورد صريحا فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر هذه الآية فقال: أتدرون ما هي؟ قال ابن عمر: لم يخف على أنها النخلة، فمنعني أن أتكلم مكان سني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هي النخلة ".

ويجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم أتي بالجمار فشرع في أكله تاليا للآية قائلا: إن من الشجر شجرة إلى آخره.

ووقع عند ابن حبان من رواية عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن، أصلها ثابت وفرعها في السماء؟ فذكر الحديث.

وهو يؤيد رواية البزار، قال القرطبي: فوقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت، وأن ما يصدر عنه من العلوم والخير قوت للأرواح مستطاب، وأنه لا يزال مستورا بدينه، وأنه ينتفع بكل ما يصدر عنه حيا وميتا، انتهى.

وقال غيره: والمراد بكون فرع المؤمن في السماء رفع عمله وقبوله، وروى البزار أيضا من طريق سفيان بن حسين عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمن مثل النخلة، ما أتاك منها نفعك " هكذا أورده مختصرا وإسناده صحيح، وقد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير