تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الصحابة واقفون عند النهي، وأولئك ينذرون بالجهل، وتمنوه عاقلا ليكون عارفا بما يسأل عنه.

وظهر عقل ضمام في تقديمه الاعتذار بين يدي مسألته لظنه أنه لا يصل إلى مقصوده إلا بتلك المخاطبة.

وفي رواية ثابت من الزيادة أنه سأله: " من رفع السماء وبسط الأرض " وغير ذلك من المصنوعات، ثم أقسم عليه به أن يصدقه عما يسأل عنه، وكرر القسم في كل مسألة تأكيدا وتقريرا للأمر، ثم صرح بالتصديق، فكل ذلك دليل على حسن تصرفه وتمكن عقله، ولهذا قال عمر في رواية أبي هريرة: " ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام ".

قوله: (ابن عبد المطلب) بفتح النون على النداء.

وفي رواية الكشميهني: " يا بن " بإثبات حرف النداء.

قوله: (فلا تجد) أي لا تغضب.

ومادة " وجد " متحدة الماضي والمضارع مختلفة المصادر، بحسب اختلاف المعاني يقال في الغضب موجدة وفي المطلوب وجودا وفي الضالة وجدانا وفي الحب وجدا بالفتح وفي المال وجدا بالضم وفي الغني جدة بكسر الجيم وتخفيف الدال المفتوحة على الأشهر في جميع ذلك.

وقالوا أيضا في المكتوب وجادة وهي مولدة.

قوله: (أنشدك) بفتح الهمزة وضم المعجمة وأصله من النشيد، وهو رفع الصوت، والمعنى سألتك رافعا نشيدتي قاله البغوي في شرح السنة.

وقال الجوهري: نشدتك بالله أي سألتك بالله، كأنك ذكرته فنشد أي تذكر.

قوله: (آلله) بالمد في المواضع كلها.

قوله: (اللهم نعم) الجواب حصل بنعم، وإنما ذكر اللهم تبركا بها، وكأنه استشهد بالله في ذلك تأكيدا لصدقه.

ووقع في رواية موسى: " فقال: صدقت.

قال: فمن خلق السماء؟ قال الله.

قال: فمن خلق الأرض والجبال؟ قال: الله.

قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: الله.

قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم " وكذا هو في رواية مسلم.

قوله: (أن تصلي) بتاء المخاطب فيه وفيما بعده.

ووقع عند الأصيلي بالنون فيها.

قال القاضي عياض: هو أوجه.

ويؤيده رواية ثابت بلفظ: " إن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا " وساق البقية كذلك.

وتوجيه الأول أن كل ما وجب عليه وجب على أمته حتى يقوم دليل الاختصاص.

ووقع في رواية الكشميهني والسرخسي " الصلاة الخمس " بالإفراد على إرادة الجنس.

قوله: (أن تأخذ هذه الصدقة) قال ابن التين: فيه دليل على أن المرء لا يفرق صدقته بنفسه.

قلت: وفيه نظر.

وقوله: " على فقرائنا " خرج مخرج الأغلب لأنهم معظم أهل الصدقة.

قوله: (آمنت بما جئت به) يحتمل أن يكون إخبارا وهو اختيار البخاري، ورجحه القاضي عياض، وأنه حضر بعد إسلامه مستثبتا من الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخبره به رسوله إليهم، لأنه قال في حديث ثابت عن أنس عند مسلم وغيره: " فإن رسولك زعم " وقال في رواية كريب عن ابن عباس عند الطبراني " أتتنا كتبك وأتتنا رسلك " واستنبط منه الحاكم أصل طلب علو الإسناد لأنه سمع ذلك من الرسول وآمن وصدق، ولكنه أراد أن يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة، ويحتمل أن يكون قوله: " آمنت " إنشاء، ورجحه القرطبي لقوله: " زعم " قال: والزعم القول الذي لا يوثق به، قاله ابن السكيت وغيره.

قلت: وفيه نظر، لأن الزعم يطلق على القول المحقق أيضا كما نقله أبو عمر الزاهد في شرح فصيح شيخه ثعلب، وأكثر سيبويه من قوله: " زعم الخليل " في مقام الاحتجاج، وقد أشرنا إلى ذلك في حديث أبي سفيان في بدء الوحي.

وأما تبويب أبي داود عليه: " باب المشرك يدخل المسجد " فليس مصيرا منه إلى أن ضماما قدم مشركا بل وجهه أنهم تركوا شخصا قادما يدخل المسجد من غير استفصال.

ومما يؤيد أن قوله " آمنت " إخبار أنه لم يسأل عن دليل التوحيد، بل عن عموم الرسالة وعن شرائع الإسلام، ولو كان إنشاء لكان طلب معجزة توجب له التصديق، قاله الكرماني.

وعكسه القرطبي فاستدل به على صحة إيمان المقلد للرسول ولو لم تظهر له معجزة.

وكذا أشار إليه ابن الصلاح.

والله أعلم.

(تنبيه): لم يذكر الحج في رواية شريك هذه، وقد ذكره مسلم وغيره فقال موسى في روايته: " وإن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا؟ قال: صدق " وأخرجه مسلم أيضا وهو في حديث أبي هريرة وابن عباس أيضا.

وأغرب ابن التين فقال: إنما لم يذكره لأنه لم يكن فرض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير