والله يا أخي ماكنت تحتاج إلى سرد كل ما سبق فنحن نعرف الشيخ جيداً فما لك تنتصر له بذكرك مناقبه في العبادة. مع ان الموضوع الذي سألت عنه لا يتعلق بتجريح في الشيخ ذاته وإنما لذكر مسألة شرعية دقيقة وهي التكلف والتنطع في بعض امور الدين.
نعلم ان الورع من سمات الصالحين ولكني استفسرت عن التكلف فيه. هذا عن مشاركتك الاولى. ثم قلت في المشاركة الثانية
وما هو الذي لم افهمه من كلام الشيخ العتيبي بارك الله فيك
وهل المسألة على العموم ولو كنت قرأت الباب التالي لحديث البخاري رحمه الله والذي ذكرته انت واستدللت به لوجدت كلاماً نفيساً لتعليق بن حجر رحمه الله عليه وهو
قَوْله: (بَابٌ مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنْ الشُّبُهَاتِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ الْمُشَبَّهَات بِمِيمٍ وَتَثْقِيلٍ , وَفِي نُسْخَةٍ بِمُثَنَّاةٍ بَدَلَ التَّثْقِيلِ وَالْكُلُّ بِمَعْنَى مُشْكِلَاتٍ , وَهَذِهِ التَّرْجَمَة مَعْقُودَة لِبَيَانِ مَا يُكْرَه مِنْ التَّنَطُّع فِي الْوَرَع , قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْوَرَع أَقْسَام , وَرَع الصِّدِّيقِينَ وَهُوَ تَرْك مَا لَا يُتَنَاوَل بِغَيْرِ نِيَّةِ الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ , وَوَرَع الْمُتَّقِينَ وَهُوَ تَرْكُ مَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَكِنْ يُخْشَى أَنْ يَجُرَّ إِلَى الْحَرَامِ , وَوَرَع الصَّالِحِينَ وَهُوَ تَرْك مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ اِحْتِمَال التَّحْرِيم بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ مَوْقِعٌ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ وَرَعُ الْمُوَسْوَسِينَ , قَالَ: وَوَرَاء ذَلِكَ وَرَعُ الشُّهُودِ وَهُوَ تَرْكُ مَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ , أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَتْرُوكَ حَرَامًا أَمْ لَا. اِنْتَهَى. وَغَرَض الْمُصَنِّف هُنَا بَيَان وَرَع الْمُوَسْوَسِينَ كَمَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْل الصَّيْدِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُون الصَّيْدُ كَانَ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُ , وَكَمَنَ يَتْرُكُ شِرَاءَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مَجْهُولٍ لَا يَدْرِي أَمَالُهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ وَلَيْسَتْ هُنَاكَ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى الثَّانِي , وَكَمَنَ يَتْرُكُ تَنَاوُلَ الشَّيْء لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ مُتَّفَقٍ عَلَى ضَعْفِهِ وَعَدَمِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَيَكُون دَلِيل إِبَاحَته قَوِيًّا وَتَأْوِيلُهُ مُمْتَنِعٌ أَوْ مُسْتَبْعَدٌ. اهـ
واقول إنه لما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم موقعً قوي لإحتمال ان تكون التمرة من الصدقة لعدة دلائل ذكرها بن حجر رحمه الله في معرض شرحه على حديث التمرة فقال
((قَوْله: (وَقَالَ هَمَّامٌ إِلَخْ) وَصَلَهُ فِي اللُّقَطَة بِتَمَامِهِ وَلَفْظه " إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِد التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُون صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا. قُلْت: وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ الْكَرْمَانِيُّ لَفْظَ رِوَايَة هَمَّامٍ فَقَالَ: تَمَام الْحَدِيث غَيْرُ مَذْكُورٍ , وَهُوَ لَوْلَا أَنْ تَكُون صَدَقَةً لَأَكَلْتهَا. قُلْت: وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهِ هُنَا مَا فِيهِ مِنْ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ الَّذِي رَأَى فِيهِ التَّمْرَةَ وَهُوَ فِرَاشُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَأْكُلْهَا وَذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْوَرَعِ. قَالَ الْمُهَلَّب: لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِم الصَّدَقَة ثُمَّ يَرْجِع إِلَى أَهْله فَيَعْلَق بِثَوْبِهِ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَة شَيْء فَيَقَع فِي فِرَاشه , وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْن هَذَا وَبَيْن أَكْلِهِ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. قُلْت: وَلَمْ يَنْحَصِرْ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْ تَمْر الصَّدَقَة فِي غَيْر بَيْتِهِ حَتَّى يُحْتَاجَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ , بَلْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ التَّمْر حُمِلَ إِلَى بَعْض مَنْ يَسْتَحِقّ الصَّدَقَة مِمَّنْ هُوَ فِي بَيْته وَتَأَخَّرَ تَسْلِيم ذَلِكَ لَهُ , أَوْ حُمِلَ إِلَى بَيْته فَقَسَمَهُ فَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَد مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن شُعَيْب
¥