تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أشهر كتبه وأحبها إليه الذي اقترن اسمه به هو «فقه السنة» قدَّم فيه أسلوباً رائداً في تبسيط مسائل الفقه بعد أن ظل عالقاً بالأذهان على درجة من الصعوبة بحيث لا يفهمها إلا القليل، لكنه مع تبسيطه لها لم يُخِلَّ بها حين كان يتعرض لاختلاف العلماء وترجيح ما يشهد له النص وإن خالف رأي الجمهور خلافاً لعادة مدارس التقليد في ذلك الوقت إلى جانب حسن عرض وترتيب للأفكار، دفعت ملايين الناس لاقتناء الكتاب والاستفادة منه، وقد اغتنى من طباعة كتابه كثير من الناشرين لم يستأذنوه في النشر ولم يثرِّب عليهم، فضلاً عن ترجمته إلى كثير من لغات العالم.

ومما يروى في ذلك: أنه أُوفد رسمياً إلى الاتحاد السوفييتي في الستينيات في أحد المؤتمرات للحديث عن الإسلام، وما أن خرج من المطار في صحبة المسؤول الرسمي الذي جاء لاستقباله حتى فوجئ بحشد ضخم قد جاء لاستقباله في موسكو! بين مقبِّل ليديه أو رأسه وبين هاتف باسمه، فتعجب الشيخ متسائلاً: كيف عرفتموني؟

فكان الردُّ: من كتابك.

وإذا بالجماهير تلوِّح بالكتاب المترجم، وتهتف باسمه!

يقول: فلم أتمالك نفسي من البكاء؛ إذ لم أكن أتصور أن فضل الله

عليَّ سيبلغ بي إلى هذا الحد!

ولعله حين ألفه استحضر مقولة الإمام مالك رحمه الله: "ستعلمون أيها أريد بها وجه الله غداً".

ومن مؤلفاته أيضاً:

- مصادر القوة في الإسلام.

- الربا والبديل؛ وهو رد على ما أفتى به بعض المعاصرين من جواز فوائد البنوك وشهادات الاستثمار.

- رسالة في الحج وأخرى في الصيام وهما مستلَّتان من فقه السنّة بتصرف.

- تقاليد وعادات يجب أن تزول في الأفراح والمناسبات.

- تقاليد وعادات يجب أن تزول في المآتم.

وهذه الأربعة الأخيرة ألفها ضمن نشاطه العلمي في إدارة الثقافة بوزارة

الأوقاف، وتُظهر الأخيرتان أثر الجمعية الشرعية في نشأة الشيخ على حب السنة ومحاربة البدع، في وقت قلَّ فيه من يميِّز بين السنة والبدعة.

جهاده وسجنه:

كان مع علمه وعبادته وكثرة صومه ذا شوق للجهاد، وما أن لاحت أمامه الفرصة حتى كان في أول كتيبة في حرب 1948م مفتياً ومعلماً للأحكام، ومربياً على القيام والدعاء والذكر، وموجهاً إلى حسن التوكل والأخذ بالأسباب، ومحرضاً على الفداء، ومدرباً على استخدام السلاح وتفكيكه، وبعد مقتل النقراشي اتُّهم الشيخ بقتله وأطلق عليه: "مفتي الدماء" ممن أرادوا وأد الجهاد يومها.

وحوكم الشيخ بعد أن قضى عامين من الاضطهاد والتعذيب فما لانت له قناة ولا وهنت له عزيمة بل كان كما عهد عنه مربياً فاضلاً حاثاً على الصبر، مبيناً لسنن الابتلاء والتمحيص، وبعد أن بُرِّئت ساحته خرج ليواصل جهاد الكلمة، وحين تكررت الفرصة بعد النكسة عاد أدراجه لساحة القتال في حرب رمضان يوجه الجنود ويرفع معنويات الجيش.

مكانته وفضله:

يعرف للرجل مكانته وفضله كل من عاشره أو تتلمذ على يديه؛ فقد تخرج

على يديه ألوف العلماء وطلبة العلم من عشرات الأجيال، ومن هؤلاء: الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور أحمد العسال، والدكتور محمد الراوي، والدكتور عبد الستار فتح الله، وكثير من علماء مكة وأساتذتها من أمثال الدكتور صالح بن حميد، والدكتور العلياني.

بل إنه في شبابه كان محل ثقة واستعانة علماء كبار في حينها من أمثال: الشيخ محمود شلتوت، و أبي زهرة، و الغزالي.

يحكي عنه ولده محمد أنه كان يزوره في بيته علماء كبار من الأزهر، وكان يجلس للتدريس وهم مصغون مستمعون من أمثال: الشيخ عبد الجليل عيسى، والشيخ منصور رجب، والشيخ الباقوري، كما كان قوله فصلاً بين المختلفين في المسائل.

أخلاقه ومآثره:

كان رحمه الله فقيهاً مجرَّباً محنَّكاً مثالاً للعلم الوافر والخلق الرفيع والمودة والرحمة في تعامله، ويمتاز بذاكرة قوية وذكاء مفرط ونفس لينة ولسان عف وحضور بديهة.

رزق حسن منطق في جزالة وإيجاز، وروحاً مرحة [2] وُضعت له معها

المحبة والقبول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير