تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول العقيد بمجرد أن رأيتك علمت أن كلامهم كذب، والتقيت به في صلاة المغرب وقابلني مقابلة هي ثمرة مقابلته السابقة بإدارة الكلية، وقال له الشيخ رفعت هناك نساء تبكي وأطفال. يقول العقيد عبد الفتاح وأنا أصلي أقول لنفسي هذا رجل ترك أهله ودخل السجن من أجل سنة النبي صلى الله عليه وسلم فانظر ماذا تفعل يا عبد الفتاح، وبعد الصلاة مباشرة بشرني بأنه سوف يعطيني حجرة الشيخ رفعت ويعاملني كما كان يعامله؛ وهي حجرة بالسجن المركزي بنيت خصيصاً للشيخ رفعت. كان معه مفتحها فهو يغلقها من الخارج، وبالفعل استلمت الغرفة المذكورة، وصمم الشيخ رفعت على أن يدخل معي السجن مع أنه عين رسمياً واعظاً بالمنطقة العسكرية، وقالوا له أن يسكن في الفيلا فيقول حفظه الله: أخي أحمد في فترة بلاء وتنزل عليه رحمات من السماء فأحب أن أكون معه.

وجهزت الغرفة بسريرين وكان بها مصباح كهربائي مع أن ذلك من الممنوعات في السجون في هذه الفترة سواء كانت حربية أو مدنية، وقضيت أنا والشيخ رفعت قريب من شهر ونصف فكنت أصلي الفجر بالمسجد أنا والشيخ رفعت، وكنت أصلي بهم إماماً؛ وكان العقيد عبد الفتاح يقول للصولات كل صول يعطيني تماماً بالعساكر الذين معه في صلاة الفجر، وكنا بعد شروق الشمس نركب إحدى السيارات التابعة للمحطة للإفطار بفيلا كبار الزوار على البحيرات المرة بفايد وكنت أمارس الدعوة فأعطهم موعظة قبل التأمين (دخول الزنازين) وأعلمهم الصلاة، وكان العقيد يقول: الأخ أحمد فريد أقدم واحد يصلي فينا؛ كلامه أوامر .. سبحان الله مسجون كلامه أوامر –كما قال بعضهم-:

[أعز أمر الله حيثما كنت، يعزك الله حيث ما كنت]

في هذه الفترة كانت الثورة الخمينية، وكان كارتر رئيس أمريكا يزور مصر، وقال السادات كلمته المشهورة لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، وكانت المظاهرات بالجامعات المصرية وما لنا نصيب من هذه الأحداث العالمية والمحلية ففوجئت بالشيخ رفعت تم إعادته إلى القاهرة وإعادة محاكمته، وحكم عليه بتسعة أشهر .. وطلب مني حلق اللحية ولبس ملابس السجن الحربي (العفريته الزرقاء) فرفضت وحضرت المخابرات العسكرية في حجرة قائد المحطة وعرضت عليَّ في حضور ضابط المخابرات، وطلب مني حلق اللحية أو يؤمر بإعادة محاكمتي فقلت له: موافق على إعادة محاكمتي مرة ثانية وثالثة ورابعة وليس وراءنا شيء إلا دين الله عز وجل .. وبالفعل ذهبت إلى المكان الذي سوف أحاكم فيه ويبدوا أن نائب الأحكام أخبرهم أنه لا يجوز محاكمتي لأنني في فترة قضاء عقوبة على أمر معين ولم تنته الفترة بعد، فأعدت إلى غرفتي بالسجن المركزي وفوجئت بأنهم أخذوا المرتبة وكذا المصباح الكهربائي ومنعوني من الخروج، إلا أن العقيد الذي تحرك قلبه بالإيمان كان يوصي بأن الطعام يأتيني من مطعم الضباط، ويوصيهم في السر أن لا يعاملوني معاملة سيئة.

وتأخر العقيد عن زيارتي كثيراً خوفاً من رصد المخابرات حتى انتهز فرصة وزارني في السجن فلم ير المرتبة ولا المصباح فقلت له: يأخذون كل شيء حتى البطاطين وسوف أنام على الرمل.

ولكن ديني لن يأخذوا منه شعرة واحدة، وكان العقيد يحبني إلا أنه كانت محبته للشيخ رفعت أكثر مني لأنه كان سبب هدايته، فبكى وقال: هل سفر الشيخ رفعت هين عليّ. وقلت له أنا في أسعد فترات حياتي أنا كلما نمت رأيت رؤيا صالحة .. وأشار أن يعيد الكهرباء والمرتبة فرفضت.

وكنت أحفظ حزباً من القرآن في كل صباح في أقل من ساعة وأراجعه قبل غروب الشمس وأصلي به في الليل وحفظت في هذه الفترة والتي بعدها ثلث القرآن تقريباً. بقيت عدة أيام بالسجن المركزي ثم أتى أمر بنقلي إلى السجن الحربي وهو أكبر من السجن المركزي؛ حيث يقضي فيه العسكر الذين حكم عليهم بأكثر من ستة أشهر؛ والمركزي لستة أشهر فما دونها.

وبالفعل نقلت إلى السجن الحربي، وكان الذي استقبلني بالسجن الحربي قائد ثاني السجن، وكان نقيباً؛ وكان يراني كثيراً مع العقيد عبد الفتاح ويعلم أنني متخصص في الرقائق وذكر الجنة والنار. فقال لي: لن أكلمك عن اللحية ولكن السجن له نظام فلابد من لبس ملابس السجن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير