6. ومن فوائد الحديث وجوب بَيَان عَيب السلعة؛ لأن البيان سبب لحلول البركة ولأن الكتمان غِشٌّ وَخِيَانَة وقد قال النبي _ صلى الله عليه وسلم _: ((من غش فليس منا)).
إضافة إلى نزع البركة ((محقت بركة بيعهما)) وهذا فيما إذا كان يعلم العيب لا إشكال فيه، لكن إذا كان البائع لا يعلم بالعيب، فقد قال العلماء _ رحمهم الله _ إنه يَشْتَرِط البَرَاءَة من العيوب وَيَبْرَأ يقول: أَشرط. أَبيعُكَ هذه السيارة بشرط البراءة من العيوب وَيَسْلَم فليس عليه شيء، فلو اكتَشَفَ المشتري بعد ذلك أن فيها عيباً فليس له خيار.
وهذا يَحْدُثُ كثيراً في معارض السيارات، تجد الإنسان يشتري السيارة عبر المكرفون ولا يَعْلَم عنها شيئاً تكون المكينة فيها شيء، ثم يبيعها في الحال، نقول للمشتري الذي اشتراها إذا أردت أن تبيع هذه السيارة فلا بد أن تشترط البراءة من عيوبها حتى لو اكتشف بعد ذلك أن فيها عيباً فإنه لا يَرْجِع عليك المشتري.
مسألة:
سُئِلتُ قبل أيام عن رجل قال: إنني اشتريت من شخص خمس نياق لكنها مفقودة يقول: اشتريتها منه على فقدها وأنا راضي بذلك؛ ما تقولون؟.
لا يصح؛ لأن ليس المقصود أن ترضى، المترابيين متراضيان بالعقد.
آكل الربا وموكله متراضيان، لكن المقصود أن يكون المشتري مالكا للسلعة لا يمكن أن يبيع السلعة وهو لا يملكها، ولهذا لا يصح بيع العبد الآبق والجمل الشارد نصوا عليه أهل العلم.
فإن لم يكن ملكاً للبائع وباع ملك غيره صح بإذنه.
باب ما نُهِيَ عنه من البيوع
قوله [باب ما نُهِيَ عنه من البيوع]
هذا الباب عَقَدَهُ المؤلف _ رحمه الله _ لبيان البيوع المنهِيّ عنها.
واعلم أن المنهي عنه من البيوع يدور على ثلاثة أشياء:
1. الربا.
2. والظلم.
3. والغرر.
كل المنهي عنه من البيوع لا تخرج عن هذه الأمور الثلاثة، وكلها ستأتينا إن شاء الله، ذهب بعضها وسيأتي بعضها.
وذكر _ رحمه الله _ في هذا الباب عشرة أحاديث.
منها حديث أبي سعيد الخُدْرِي _ رضي الله عنه _.
275_عن أبي سعيد الخُدْرِي _ رضي الله عنه _ أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ((نهى عن المُنَابَذَة وهي: طَرْحٌ الرَّجُل ثَوبَهُ للبَيْع إلى الرجل قبل أن يُقَلّبَه، أو يَنْظُر إليه.
ونهى عن المُلامَسَة؛ والملامسة: لُمْسُ الثوب ولا ينظر إليه)).
تخريج الحديث:
في بعض النسخ ((لمس الرجل)) وهذه _ لفظة ((الرجل)) _ ليست في البخاري وإنما هي عند مسلم من وجه آخر.
هذا الحديث أخرجاه في الصحيحين من طريق: الزهري قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أبا سعيد الخدري _ رضي الله _ قال: نهي النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فذكره. وهذا اللفظ الذي ساقه المؤلف للبخاري.
وورد الحديث أيضاً في الصحيحين من طريق يونس بن يزيد عن الزهري بلفظ: ((والملامسة: لُمْس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يُقَلّبه إلا بذاك، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون بيعهما على ذلك من غير نظر ولا تراض)) هذا اللفظ من طريق: يونس عن الزهري فيه تفسير المنابذة والملامسة من وجه آخر.
وورد الحديث أيضاً من طريق معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد بلفظ: ((نهى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عن بيعتين ولُبْسَتين، عن الملامسة والمنابذة)) ثم ذكر ((وعن اشتمال الصماء)) وذكر لُبْسَة أخرى.
والحديث أخرجه أيضاً أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وعند ابن ماجة زيادة مهمة قال: زاد سعد بن أبي سهل قال سفيان: (الملامسة أن يلمس الرجل بيده الشيء ولا يراه).
والمنابذة أن يقول: ((ألق إلي ما معك وألق إليك ما معي)) ولكن قوله _ رحمه الله _ قال سفيان يعني ابن عيينة وقد قال ابن حجر في ’’الفتح‘‘ إن هذا خطأ من قائله بل الظاهر أن هذا التفسير من الصحابي وليس من سفيان بن عيينة.
وهذا الحديث له شاهد من حديث أبي هريرة _ رضي الله عنه _ في الصحيحين بلفظ: ((أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل. والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه)) لاحظ التفصيل.
¥