تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المختار من: " تلبيس إبليس "]

ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 05 - 05, 12:20 ص]ـ

المختار من تلبيس إبليس:

- معنى التلبيس والغرور:

التلبيس: إظهار الباطل في صورة الحق، والغرور: نوع جهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحاً، والردىء جيداً، وسببه: وجود شبهة أوجبت ذلك، وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه، ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم، وجهلهم وعلمهم.

واعلم أنّ القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور أبواب وفيه ثلم، وساكنه العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن، وإلى جانبه ربض فيه الهوى، والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع، والحرب قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس، والعبور من بعض الثلم.

فينبغي للحارس أنْ يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه، وجميع الثلم، وأنْ لا يفتر عن الحراسة لحظة، فإن العدو ما يفتر، قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس قال لو نام لوجدنا راحة.

وهذا الحصن مستنير بالذكر، مشرق بالإيمان، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صور كل ما يمر به، فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان، فتسود حيطان الحصن، وتصدأ المرآة، وكمال الفكر يرد الدخان، وصقل الذكر يجلو المرآة، وللعدو حملات، فتارة يحمل فيدخل الحصن، فيكر عليه الحارس فيخرج، وربما دخل فعاث، وربما أقام لغفلة الحارس، وربما ركدت الريح الطاردة للدخان، فتسود حيطان الحصن، وتصدأ المرآة، فيمر الشيطان ولا يُدْرَي به، وربما جُرِحَ الحارس لغفلته، وأُسر، واستُخدِم، وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى، ومساعدته وربما صار كالفقيه في الشر.

قال بعض السلف: " رأيتُ الشيطان فقال لي: قد كنتُ ألقى الناس فأُعَلِّمْهُم، فصرتُ ألقاهم فأتعلم منهم.

وربماهجم الشيطان على الذكي الفطن، ومعه عروس الهوى قد جلاها، فيتشاغل الفطن بالنظر إليها فيستأسره، وأقوى القيد الذي يوثق به الأسرى " الجهل "، وأوسطه في القوي " الهوى "، وأضعفه " الغفلة "، وما دام درع الإيمان على المؤمن، فإن نَبل العدو لا يقع في مقتل.

الحسن بن صالح رحمه الله يقول: إنّ الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين باباً من الخير، يريد به باباً من الشر.

عن الأعمش قال: حدثنا رجل كان يكلم الجن، قالوا: ليس علينا أشد ممن يتبع السنة، وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعباً.

يتبع إن شاء الله ..

ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 05 - 05, 01:41 ص]ـ

- تلبيس إبليس على القُرّاء:

فمن ذلك أنّ أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها، فيفني أكثرعمره في جمعها وتصنيفها والأقراء بها، ويشغله ذلك عن معرفة الفرائض والواجبات، فربما رأيتَ إمام مسجد يتصدى للإقراء ولا يعرف ما يفسد الصلاة، وربما حمله حب التصدر، حتى لا يرى بعين الجهل على أنْ يجلس بين يدي العلماء، ويأخذ عنهم العلم.

ولو تفكروا لعلموا أنّ المراد: حفظ القرآن، وتقويم ألفاظه، ثم فهمه، ثم العمل به، ثم الإقبال على ما يصلح النفس، ويطهر أخلاقها، ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع.

ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم: قال الحسن البصري: " أُنزل القرآن ليُعْمَلَ به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً، يعني: أنهم اقتصروا على التلاوة، وتركوا العمل به، ومن ذلك: أنّ أحدهم يقرأ في محرابه بالشاذ، ويترك المتواتر المشهور، والصحيح عند العلماء: أنّ الصلاة لا تصح بهذا الشاذ، وإنما مقصود هذا إظهار الغريب؛ لاستجلاب مدح الناس، وإقبالهم عليه.

- ذكر تلبيس إبليس على أصحاب الحديث:

من ذلك: أنّ قوماً استغرقوا أعمارهم في سماع الحديث، والرحلة فيه، وجمع الطرق الكثيرة، وطلب الأسانيد العالية، والمتون الغريبة، وهؤلاء على قسمين: قسم قصدوا حفظ الشرع، بمعرفة صحيح الحديث من سقيمه، وهم مشكورون على هذا القصد، إلا أنّ إبليس يُلَبِّس عليهم، بأنْ يشغلهم بهذا عما هو فرض عين، من معرفة ما يجب عليهم، والإجتهاد في أداء اللازم، والتفقه في الحديث، فإن قال قائل: فقد فعل هذا خلق كثير من السلف: كيحيى بن معين وابن المديني والبخاري ومسلم، فالجواب: أنّ أولئك جمعوا بين معرفة المهم من أمور الدين، والفقه فيه، وبين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير