وحيث أفضى بنا المقال إلى هذ الحد لزمنا أن نقول: قد ألف العلماء الأعلام في بيان ما كان عليه السلف كتبا لا تحصى مطولة ومختصرة وأنا أرشدك إلى بعضها لأن من طالع كتابا منها فكأنه قد طالع الكل لاتفاقهم على طريقة واحدة فأجل ما كتب في هذا الموضوع رسائل الإمام أحمد وأحسن طريقة لمن يطلب التحقيق والبرهان كتب شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه فإنه انتصر لمذهب السلف انتصارا لا مزيد عليه وأخلص لله تعالى في عمله ونصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ولا يهولنك ما وصمه به أعداؤه فإن كلام الحساد كالزبد يذهب جفاء ثم من بعده مصنفات صاحبه شمس الدين محمد بن قيم الجوزية فإنه على طريقة شيخه مالك وأثره اقتفى وحقيقة مؤلفاته بسط مقالات أستاذه وذلك كالصواعق المحرقة والجيوش الإسلامية والكافية الشافية المسماة بالنونية
ثم اعلم أن كتب أولئك القوم تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول منها: قد تكفل بذكر نحل الفرق ثم منهم من يذكر ذلك سردا ولم يتعرض للرد على أحد منهم وذلك كأبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي المتوفى سنة تسع وعشرين وأربعمائة في كتابه الفرق بين الفرق وكأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة ثمانية وأربعين وخمسمائة وهذان الكتابان مطبوعان ومشهوران ومنهم من يذكر الفرق ويتكفل بالرد عليهم وذلك كأبي محمد علي بن أحمد المعروف بابن حزم في كتابه الفصل بكسر الفاء وفتح الصاد وهو مطبوع مشهور وكانت وفاة صاحبه سنة ست وخمسين وأربعمائة وقد قال عنه الشهرستاني هو عندي خير كتاب صنف
وقد اعتدى الشيخ عبد الوهاب ابن السبكي على الفصل فقال في كتابه الطبقات: هذا من أشهر الكتب وما برح المحققون من أصحابنا ينهون عن النظر فيه لما فيه من الازدراء بأهل السنة وقد أفرط في التعصب على أبي الحسن الأشعري حتى صرح بنسبته إلى البدعة
هذا كلامه.
أقول: أراد بأهل السنة من كان على شاكلته من أتباع الأشعري الموهوم الذي لا تحقق له في الخارج وإنما وجوده في مخيلة أصحابه وهم الذين افتروا على الأشعري الحقيقي فنسبوا إليه ما هو بريء منه وابن حزم كان أندلسيا فاتصلت به تلك المفتريات فظن أنها من نحلة الأشعري الحقيقي فرد كلامه فالجرم على المتسبب لا على الإمام الكامل ابن حزم
والقسم الثاني: منها ما هو موضوع لبيان مذهب السلف وهي كثيرة جدا كما أسلفناه لكننا نرشد الطالب هنا إلى ما فيه مقنع له فنقول منها:
العقيدة الحموية
وشرح العقيدة الأصفهانية لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرها من رسائله ومصنفاته
ومنها: لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد للإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي وهي كراسة لطيفة
ومنها مختصر نهاية المبتدئين للشيخ بدر الدين محمد البلباني
ومنها العين والأثر للشيخ عبد الباقي
ومنها عقيدة الإمام حافظ الوقت عبد الغني بن سرور عبد الواحد بن علي بن سرور الجماعيلي
ومنها نجاة الخلف في اعتقاد السلف للشيخ عثمان بن أحمد النجدي
ومنها الدرية المضية في عقد أهل الفرقة المرضية وهي مائتا بيت وبضعة عشر بيتا نظمها الشيخ العلامة محمد بن أحمد السفاريني ثم شرحها في مجلد وسماه لوامع الأنوار البهية
وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المرضية وهو شرح مفيد إلا أنه جرى فيه مسلكا وسطا بين أهل الأثر وبين طريقة المتأخرين وسلك فيه غير مسلك التحقيق وزاد في آخر النظم والشرح أشياء لم يرض بذكرها من سلف ولم يجعلوها من الاعتقاد في شيء كذكر المهدي وأمثال ذلك مما حقه أن يذكر في كتب الملاحم والمواعظ لا في كتب الاعتقاد وقد اختصر شيخ مشايخنا الشيخ حسن الشطي الحنبلي الدمشقي هذا الشرح إلا أنه أخذ كلامه السفاريني بلفظه وحذف الأقوال والخلاف فحق هذا المختصر أن ينسب للسفاريني لا له وعلى كل فهذا الشرح مفيد وقد طبع واشتهر
ومنها كتاب المعتمد ومختصره كلاهما للقاضي أبي يعلى
ومنها كتاب الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة للإمام عبيدالله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري أحد شيوخ الإمام ابن حامد ومن مؤلفاته الإبانة الكبير والصغير وغيرهما من الرسائل
وقيل إن مصنفاته تزيد على مائة مصنف
توفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وبطة بفتح الباء والطاء المشددة قاله في المطلع
¥