تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنها سلبية لا تليق بالمسلم، ومن قال: " هلك الناس فهو أهلكهم "، والمؤمن - أبداً - قائم على سفينة المجتمع ألا تكثر خروقها، وليس عليه إلا السعيُ: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (هود117) ..

لقد قيل لمن هو خيرٌ منا: ... إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ... (الشورى48) ..

وقال من هو خيرٌ منا: " .... إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ... (هود88).

والمسلم يلزم نفسه بمجالس الصلاح ويهرب من مواطن الريَب والفساد: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ... (الكهف28).

وجماع كل الوصايا .. وجماع كل الوصايا ما وصى الله – تعالى – به رسوله محمداً – صلى الله عليه وسلم – في آخر سورة الحجر .. حيث قال الله – سبحانه -: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ * فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (الحجر 87 – 99).

إن النبي – صلى الله عليه وسلم – بشرٌ لا يملك أن يضيق صدره وهو يسمع الشرك بالله والاستهزاء بدعوة الحق فيغار ويضيق بالشرك والانحراف؛ لذلك يؤمر بالتسبيح والحمد والعبادة والثبات حتى يأتيه الأجل، فيُعرِض عن الكافرين ويلوذ بجوار الرب الكريم؛ ويؤمر بالصدع والبيان لأن الصدع بالحق والجهر به ضرورةٌ في الدين لتتنبهَ الفطرة الغافلة وتتعلمَ الأمم اللاهية: ... لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ... الأنفال42.

أما جعلُ العقيدة والشريعة عضين .. يُعرض جانب ويُوارى جانب مراعاةً للجماهير وأهواء الناس فهذا خلاف ما أُمر به الرسول – صلى الله عليه وسلم -.

والصدع بالحق لا يعني الغلظة المنفرة ولا الخشونة والتعالي، كما أن الدعوة بالحسنى لا تعني إخفاء الحق وكتمانه .. إنه البيان الكامل في حكمةٍ ولطف، ولينٍ ويسر: ... وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ الحجر88.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بسنة سيد المرسلين ..

أقول قولي هذا وأستغفر الله - تعالى - لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله .. الحمد أول كتابه وآخر دعوى أحبابه ساكني دار ثوابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيداً وتقديساً لجنابه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد أيها المسلمون: فإن الصبر وصية الله للرسل والأنبياء والصلحاء والأولياء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة153).

الصبر رفيق الدرب حين تظلم الدنيا، والصبر منحةٌ من الله للثبات على الحق، وحين يغتر الدهماء بالباطل إذا تكاثر واستشرفت له النفوس وتطاولت له الأعناق: ... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (يوسف90)، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (السجدة24).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير