تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو كانت الجهود التيمكيدشتيَّة تَجمع كل الفنون التي كانت يعتني بِها قبلها، ثُم بثتها بِهذه الْهِمَّة؛ لكنا نرى حلقتي الثالث عشر وما بعده متصلتين بِحلقات الثاني عشر وما قبله إلى التاسع.

الْخُلاصة:

إن النهضة العلمية التي طلعت مع التاسع لَم تزل في العاشر، فالْحَادي عشر، فالثاني عشر، ثُمَّ اعتراها ما اعتراها بعد صدر الثالث عشر، ثم طلعت نَهضة أخرى دونَها، ولكنها أيضا لَها قوة ونشاط وانتشار في القبائل، وإن كانت دون قوة ونشاط سابقتها فتموجت أمواجها، وتدافعت بكل ما أوتيته من قوة، إلى أن مضى صدر هذا القرن الذي أدركنا عقبه، فأدركنا ذيولا من تلك النهضة، ثُم طويت الصحف وجفت الأقلام، إلا بعض إثارات منبثة هنا وهناك ().

ذلك ما انتهت إليه دراستنا للموضوع، ولعلنا صادفنا في هذه الدراسة النتيجة التي جعلناها خلاصة لكل ما ذكرناه عن تلك النهضة العلمية الباهرة.

[31]

العلوم الَّتِي يعتنِي بِها السوسيون

رأينا فيما تقدَّم كيف اتسعت رقعة المعارف في جبال جزولة وما إليها، وأن تاريخها افتتح -فيما علمنا- من مبتدإ القرن الْخَامس، ثُمَّ كانت بين جزر ومد، حتى زخرت في التاسع ثُم ما بعده، وقد بَيَّنا مُنتهى ذلك النهوض بالعلوم على قدر وسعنا وبَيَّنا أسبابه جهد طاقتنا، وسيدور كثيرا في أذهان القارئين التطلع إلى ما هي الفنون التي يعتني بِها السوسيون كثيرا، فيجب علينا أن نلقي نظرة سريعة نَجمع بها الفنون التي يعتنون بِها بالدراسة، ويتطلعون إلى إتقانِها، فإن ما نريده من الإلْمَام بكل نواحي سوس العلمية لا يتم إلا بإلقاء نظرة على تلك العلوم التي يتعاطونَها.

العلوم التي يتعاطونَها لا تتجاوز واحدا وعشرين فنّا:

1 - القراءات 11 - علم الكلام

2 - التفسير 12 - الفقه

3 - الحديث 13 - الفرائض

4 - السيرة 14 - الحساب

5 - علوم الحديث 15 - الْهَيئة

6 - النحو 16 - المنطق

7 - التصريف 17 - العروض

8 - اللغة 18 - الطب

9 - البيان 19 - الأسانيد

10 - الأصول 20 - الجداول

21 - الأدب

هذه هي العلوم التي كانوا اعتنوا بِها على حسب علمنا في أدوارهم المتتالية في أعصارهم العلمية، فلنلق نظرة على مقدار اعتنائِهم بكل علم من هذه، فإن ذلك أدعى لإدراك ما نريد أن يعرف في الموضوع.

1 - فن القراءات:

للقرآن من نواحي فنونه الشتى اعتناء متفاوت من السوسيين، فإنَّهم كأكثر المغاربة في الاعتناء بِحفظه، حتى نال السوسيون في ذلك مرتبة غريبة، وما سبب ذلك إلا لقيامهم بِمساجد القرى أتم قيام، بنظام خاص مُحافظ عليه، منذ اعتنقوا الإسلام، فلا تكاد قبل هذا الجيل تَجد غالبا من لَم يَمر [32] منهم بالمسجد وإن لَم يأخذ إلا قليلا، أو خرج صفرا، ثُم نَجد كثيرا في كل القرى من يَحرص على أن يَحفظ ولده القرآن بكل ما أمكن، فيبذل جهده في ذلك إمَّا بالرضا وإمَّا بالرغم، وهذا هو السبب الباعث على تلك السيول الجرارة المتموجة من حفظة القرآن الذين أدركناهم، وقلما تَجد قرية في غالب نواحي سوس إلا وكان ربع سكانها أو ما يقرب من ذلك من حفظة القرآن، وأمَّا التي فيها الْخمْس فقط؛ فتدخل في الندور، وأمَّا التي تضم أفرادا فقط؛ فإنَّها من الندور الشاذ في المكانة القصوى، ولا يُمكن قطعا أن تَجد في الجيل الذي أدركناه قرية ليس فيها جَماعة أتقنت حفظه في كل أرجاء سوس، سهلا وجبلا، ثم عشنا حتى رأينا تقلص ذلك تقلصا مُحزنا ()، وقد كانت المساجد للقرى مواضع حفظ متن القرآن، وفي كبرياتِها مواضع لإتقان رسْمه الْمصحفي يُرتَحل إليها.

ثُم هناك مدارس كثيرة للمرتبة الثالثة، وهي تعاطي فن القراءات السبع، اشتهرت مدارس بِهشتوكة -فيما أدركنا- بذلك؛ كَمدرسة (أغبالوا) بِماسة، ومدرسة (سيدي وجاج بأجلو)، ومدارس بآيت بعمران؛ منها: مدرسة بوكارفة، ومدرسة الْجمعة بآيت عبلا، ومدارس في الجبال؛ مثل: موزايت، وإيرازان، وأيكضي وهذه ببعقلية، وفركلا برسمُوكة، ومدرسة سيدي صالِح، ومدرسة تزي الاثنين بآيت ودريم، ومدارس في راس الوادي، ومدرسة البعارير التي تَخرج منها سيدي الزوين الْحَوزي الشهير، ومساجد كسيمة، وبعض مَحلات من سفوح جبل درن الجنوبية، وغير هذه المحلات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير