تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفن في التاريخ السوسي -مِمَّن استحضرتهم الآن- حسين بن داود الرسْمُوكي، والْحَسن بن علي التازروالتي دفين باب دكالة بِمراكش، الذي يَحفظ بعض التفاسير حفظا، فيورد كلامها أثناء تدريسه ويقول: انتهى كلام فلان بلفظه، ثم يورد كلام غيره كذلك، وفي مشيخة التامانارتي كثيرون من هؤلاء، وكان الحضيكي مِمَّن يعتني () بِهذا الفن تدريسا دائما، كما وجدته منبها عليها بِخط بعض أصحابه، وعبد العزيز التيزختي، ومُحمد بن زكرياء الولتي البارع في التفسير وغيره، وكذلك أبو زيد الجشتيمي، ثُم ولده سيدي الحاج أحمد، وسيدي محمد [35] بن العربي الأدوزي، وابن مسعود، وكثير من المتأخرين، ومُجمل القول: إن هذا الفن لَم يزل متداولا في تدريسهم، ولَم ينقطع قط حتى في العصر الأخير الذي انقطعَ فيه في بعض الحواضر الكبرى، غير أن اعتناءهم بذلك -والْحَق يُقال- يظهر أنَّهم لا يَمنعون كثيرا إلا بِمقدار ما عندهم من الفنون؛ ولذلك قل المبرزون فيه والمؤلفون ()، وإنَّما شاعَ تعاطيه فقط بينهم، ولَم يلقوه ظهريا.

3 - 4 - الْحَديث، والسيرة:

هذان العلمان الشريفان لَهُمَا ما لَهُما من قديم عند المسلمين قاطبة، وإذا علمنا أننا لَم نرَ نَهضة علمية كبرى بسوس إلا في القرن التاسع، وهو الذي في آخره بدأ تقلص الاعتناء بِهذين الفنين الجليلين في غالب العالَم الإسلامي الْمُتحضر، لا يطول عجبنا إن لَم نر من بين السوسيين البدويين حُفَّاظا مُحدِّثين كبارا، مع أنَّهم في الحفظيات يبْرَعون فَلَم يبق حينئذٍ إلا ما كان اشتهر مثله.

وذاع في كل بلاد الإسلام -إلا قليلا- من تعاطيهما () فقط، فهذا هو الموجود في مَجالس الدراسة بسوس، فمؤلفاتِهم وفهارسهم تشهد بِهذا، وقد اعتادوا كثيرا -لَمَّا ضعف هذا الفن جدّا حتى في فاس وأمثالِها- أن يسردوا الكتب: مسلما، والبخاري، والموطأ، والجامع الصغير، والخصائص الكبرى والصغرى، وما إلى ذلك كالشفاء الممتلئ بالْحَديث حتى كأنه كتاب حديثي صرف، فقد اتصلت في سوس هذه الحلقات من التاسع إلى الآن، بل من أيام أبي يَحْيَى الجرسيفي في السابع الذي يصفونه أيضا بالبراعة في الحديث كالتفسير، وقد عرفنا سعيدا الكرامي من أهل التاسع مستحضرا للحديث، يدل على ذلك ما رأيناه في كتبه الفقهية التي يَمزجها بالحديث، ثُم لا تَمر برجال من كل قرن إلا وجدت منهم اعتناء، بل هناك أناس قليلون بارزون كبروز قليلين من أمثالِهم في الحواضر المغربية المعاصرين لَهم؛ كعبد الله بن المبارك الأقاوي، والنابغة الهوزالي الأديب، وأبي بكر بن يوسف السجتاني، وابن سليمان الروداني صاحب المؤلفات الشتى في الحديث، التي منها الجمع بين الكتب الستة (المطبوع)، ومُحمد بن إبراهيم اليعقوبي التاتلتي، ثم التاجر جوستي، فولده مُحمد بن مُحمد، وأحمد الصوابي، الذي قيل فيه أنه آخر مُحدثي سوس، والخضيجي الذي له في هذا [36] الموضوع كتب كحاشية البخاري، وابنه عبد الله، وحفيده مُحمد بن عبد الله، اللذين كتبا أيضا حول البخاري -فيما قيل لنا- ومُحمد بن عبد الله الإيديكلي، الذي حشى هو أو أحد أهله شرح ابن بطال على البخاري -فيما قيل لنا-، وعبد الله الجشتيمي شارح الشفاء، وعبد الرحمن التغرغرتي شارح الصحيحين والشمائل، ومُحمد بن إبراهيم الأمزاوزي محشيه أيضا، وابن سعيد المرغيتي المؤلف في السيرة، وكذلك ابن العربي الأدوزي صاحب (منظومة السيرة)، وكابن مسعود المؤلف في رجال البخاري، وغيرهم في الفن، وكثيرين مِمَّن لَم نستحضرهم الآن، لكننا وإن ذكرنا استمرار تعاطي هذا الفن لا بد أن ننبه إلى أنه قد تقلص ظله كثيرا في الجيل الأخير إلا عند قليلين، فالإلغيون ومن إليهم لا يزال لَهم بعض اعتناء بالسيرة النبوية، حتى أن منهم من ترجم (نور اليقين) إلى الشلحة في سفرين، فكانت هناك نسوة يعرفن السيرة بالشلحة، ومن تلاميذ الإلغيين من لا يتوقف في غالب ما تشتمل عليه (المواهب) للقسطلاني، فضلا عن (الإصابة) و (سيرة ابن هشام)؛ كشيخنا الأستاذ مولاي عبد الرحمن البويزاكارني نزيل الرباط الآن، ولكن ليس هذا من الدراسة في مَجالسها، وإنَّما ذلك من جهود الأفراد لا غير مُطالعة ومراجعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير