تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

)، وكتب البيضاوي، وذلك ما وجدناه يتعاطى إلى الجيل الذي أدركناه، فقد أخذنا عن أهله من متون الفن، ولكن يظهر لنا مع استرسال هذا التعاطي أنهم في الفن جامدون، ولَم يعطوا -والحق يقال- عقولا واسعة، يُمكن لَهم بِها التوسع، كما كان عند غيرهم من علماء العجم في الشرق.

فقد كان مذكورا محمد بن أحمد الرسْموكي وأخوه نزيل (تَامَانَارْت) الذي قيل فيه: إن مثله () يقل نظيره في البوادي؛ لبراعته وتفوقه في الفنون، ثُم علمنا بعد ذلك مِمن يَخوضون في هذه الفنون، مثل أحمد الرسْموكي [45] الفرضي، ومُحمد بن أحمد السملالي، ومنصور بن مُحمد المومني الأديب، وكذلك رجال المدرستين: الخضيجية والهوزيوئة، ثُم يتناقص الاعتناء به إلى هذا العصر، حتى لنجد كثيرين بارعين في فنون لا يندمون على عدم إلمامهم بِهذا الفن، وهذا هو الدليل الصريح على ما ذكرناه.

12 - الفقه:

إذا ما اعتز ذو علم بعلم

فعلم الفقه أولَى باعتزاز

فكم طيب يطيب ولا كمسك

وكم طير يطير ولا كباز

مضمون هذين البيتين اللذين حفظناهُما في الْخُطوة الأولى التي خطوناها في مَجالس الدراسة إلى تعلم الفقه، هو الْحَجر الأساسي في الاعتناء الشديد الذي كان لِهذا الفن، وكان من أول نشأته بِهذه المثابة؛ لأنه زبدة نظر طويل في الأدلة من القرآن والسنة، فكان عارفه يستدل بِمعرفته إيَّاه على أنه متقن لتلك الأدلة التي لا يتقنها إلا الْمُجتهدون الكبار في العصور الأولَى، وناهيك بِهذه المرتبة، ثم لَمَّا صار علما خاصّا يؤخذ بعد ما امتاز على حدة عن القرآن والحديث، كانت له أيضا هذه المثابة نفسها؛ لأنه قانون الأمة، ومصدر تشريعها، ثُم كان أكبر داع لرفعة شأن صاحبه.

وقد علمنا أن سوس لَم تدخل في غمار المشتغلين بِهذه العلوم إلا من مفتتح الْخَامس، على ما عندنا الآن من الأدلة التاريخية، فافتتحت عهدها بالشيخ مُحمد (وجاك) الذي وصفه أستاذه أبو عمران بأنه فقيه حاذق ().

ثم رأينا آخرين متتابعين؛ كأبي يَحيى في السابع، والجزولي ابن عمه نزيل فاس في الثامن شارح (الرسالة) بشروح شتى، ثم احتفل الفقه في التاسع فظهر فيه كبار، كسعيد الكرامي شارح (الرسالة)، و (المختصر الحاجبي) الفرعي، وعبد الواحد الرجراجي شارح (المدونة)، وداود التملي صاحب (أمهات الوثائق)، ثُم نشأت بعدهم طبقة أخرى في العاشر؛ كالحسن بن عثمان التملي خريج الونشريسي، وأحمد التيرزكيني من تلاميذ ابن غازي، ومُحمد بن إبراهيم الشيخ التامانارتي الذي أحيا جزولة علما، وولديه إبراهيم ومُحمد العلامتين في الفقه وغيره، وأحفادهم الكبار في التفنن في علوم الشريعة، وأحمد بن علي الرجراجي الهشتوكي شارح (الرسالة) و (المدونة)، كما قيل، وحسين بن داود التاغاتيني الرسْموكي شارح (الرسالة) [46] أيضا، وشارح (المختصر الحاجبي) الفرعي، وشارح (نظم ابن جُماعة) الفقهي، وسعيد الهوزالي القاضي الجليل، صاحب أجوبة موجودة، وعلي بن أحمد الحياني التامانارتي نزيل درعة، وجامع (نوازل ابن هلال).

ثُم تلتها طبقة أخرى كبرى في الْحَادي عشر، كعيسى السجتاني القاضي المفتي الكبير، صاحب الفتاوي المجموعة، وعبد الله بن يعقوب السملالي صاحب (الحاشية) على (المختصر) الخليلي، وشارح (جامع بهرام)، وعلي بن أحمد الرسْموكي الفقيه العزيز النظير في التمكن في كل العلوم، بله الفقه الذي أبقى فيه بالتأليف ما أبقى، وعبد الرحمن التامانارتي القاضي البارع، وعلي بن أحمد البرجي الرسْموكي جامع (الأجوبة البرجية) المشهورة الكبرى، وعبد الله بن إبراهيم التملي صاحب (أجوبة مَجموعة)، وعبد السميح الأمزالي صاحب (مَجموع كبير) في الفتاوي، ثُم تلتهم طبقة أخرى في الثاني عشر؛ كأحمد الرسْموكي الفقيه الفرضي نزيل الْحَمراء، صاحب المؤلفات الفقهية المشهورة، وأحمد بن مُحمد العباسي صاحب (الأجوبة) () المشهورة، وحاشية على (المختصر)، وأحمد الصوابي الذي له أيضا أجوبة فقهية، ومُحمد بن علي الهوزالي مترجم (خليل) إلى الشلحة، وأحمد أحوزي التملي ثم الدرعي، صاحب المؤلفات في الموضوع، ومُحمد بن أحمد الحضيكي شارح (الرسالة)، وله غيرها في الموضوع، ومُحمد بن مُحمد اليعقوبي السملالي العلامة في الفقه وغيره، وإبراهيم بن مُحمد اليعقوبي السملالي الفقيه البارع، وأحمد الجرسيفي المفتي، وكثيرين غيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير