مصر والأردن، وكل ما قاله إن الجري وراء قمم فلسطينية عربية إسرائيلية مشتركة لن يقود إلا إلى سراب، ولن يحقق شيئا للشعب الفلسطيني (في إشارة إلى اجتماع شرم الشيخ). لكن القناة بخبثها المعهود صورت كلمات رئيس الوزراء بوصفها هجوما على دولتين عربيتين، تحريضا وافتراء وخداعا.
ومن اللافت أن قناة الحرة (الأميركية) نقلت تصريحات هنية بشكل أقرب إلى التوازن حيث ذكرت أن "إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بعدم تقديم أي تسوية مقبولة للشعب الفلسطيني"، مضيفة أنه حذر قمة شرم الشيخ "من اتخاذ ما أسماه سياسة مشتركة ضد قطاع غزة"، فيما قالت بي. بي. سي العربية إن هنية "ينتقد قمة شرم الشيخ" (24 حزيران / يونيو 2007). تجاهلت العربية نقاطا أساسية وردت في خطاب هنية، مثل دعوته إلى الحوار للخروج من الأزمة، وتشديده على الوحدة الوطنية، والوحدة الجغرافية للضفة والقطاع، ونفيه لما تردد حول تحويل غزة إلى (إمارة إسلامية)، واستنكاره لما جرى في غزة من نهب أو اعتداء، ومخاطبته العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفته الرسمية (خادم الحرمين الشريفين) وتأكيده له أن حكومته ملتزمة باتفاق مكة، الذي رعته السعودية. كل ذلك لم تورده العربية، وتحدثت فقط عن هجوم مزعوم على دولتين عربيتين، بكل ما تعنيه كلمة (هجوم) في هذا المقام من قسوة وغباء. لا معنى للمهنية هنا ولا للأخلاق. إنه الحقد يعمي ويصم.
لقد استماتت القناة في تشويه صورة حركة حماس، منتزعة من الأحداث والتصريحات والمشاهد ما يوافق أهواءها ومواقفها. حتى البيان الختامي الذي صدر عن السعودية والأردن إثر زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز لعمان، اختارت العربية منه ما يناسبها. شدد البيان على وحدة الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن "الانقسام الداخلي لا يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية"، لكن العربية اختارت إشارة البيان إلى دعم الدولتين للشرعية الفلسطينية بقيادة محمود عباس. والتقى سعد السيلاوي مراسل القناة في عمان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ليسأله عن التدخلات الإيرانية في الشأن الفلسطيني والتي أفضت إلى أحداث غزة على حد زعمه، فرد عليه الأمير بالقول إن الشعب الفلسطيني أوعى من أن يسلم قراره ومصيره إلى إيران أو غيرها.
أما ما يتعلق بتناول الإسلام وقضاياه، فقناة العربية (وموقعها أيضا على الإنترنت الذي يستحق دراسة مستقلة) يوحيان من خلال الأخبار والتحليلات أن "كل شيء" في الإسلام، بما في ذلك ثوابته ونصوصه القطعية قابل للمناقشة والرفض والاحتجاج. عندما يهاجم الإسلام مثلا أو تشن حملة على أحد شعائره أو رموزه تبادر (العربية) قناة وموقعا إلى تهوين الأمر، وتستخدم عبارة غريبة هي (مثير للجدل) لوصف تداعيات الموقف أو الحدث أو التصريح الذي ينال من الإسلام. مثلا، وصف موقع العربية تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر عن الإسلام بأنها "مثيرة للجدل"، ولم يصفها بصفتها الموضوعية وهي (الإهانات) أو (الإساءات) (24 أيلول/ سبتمبر 2006). كما وصف الموقع هجوم وزير الثقافة المصري فاروق حسني على الحجاب وزعمه أنه "عودة إلى الوراء"، بالتصريح "المثير للجدل" (21 تشرين الثاني / نوفمبر 2006). وعندما طالب الأزهر بمصادرة مسرحية نوال السعداوي "سقوط الإله في اجتماع القمة" في شهر آذار (مارس) 2007 مؤكدا في حيثيات قراره أن السعداوي "أهانت الذات الإلهية، وسبت الأنبياء وتهكمت عليهم مع تصوير الشخصيات في مسرحيتها بصورة أقل ما توصف به هو أنه كفر صريح"، قال موقع العربية إن القرار" أحدث جدلا واسعا بين علماء الدين والمثقفين"، ولم ينس أن يضيف أن الكاتبة تعرضت للتهديد بالقتل من "متطرفين" (29 آذار/ مارس 2007). ومن المعلوم أن وصف التهجم على شيء مقدس بأنه "مثير للجدل" ينزع عنه صفة القداسة، ويجعله مجرد رأي. هذا النهج يجعل كل ثوابت الإسلام وقطعياته آراء قابلة للأخذ والرد تحت ذريعة "موضوعية" مغتصبة ومكذوبة.
* صحافي وأستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود
[email protected]
المصدر: مجلة المنار الجديد، بتاريخ 30 يوليو 2007
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[18 - 07 - 08, 01:06 ص]ـ
تكاثرت الضباع على خراش & فما يدري خراش ما يصيد!
ـ[محمد صفاء طه الحمودي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 01:53 ص]ـ
ولا ننسى أن افتتاح قناة العربية (العبرية) كان في أول يوم من غزو العراق!؟
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[30 - 07 - 08, 03:41 م]ـ
فساد عريض، لا يوصف بوصف و لا يقدر قدره مهما تحدثت هذه المقالات.
وبالنهاية يأتي المفتي حفظه الله ويحذر من مسلسل واحد وسط هذا الخبث المتراكم!!.
ـ[مُجاهِد]ــــــــ[30 - 07 - 08, 04:05 م]ـ
مُؤلِمٌ وَاللهِ ماحَلَّ بِهذِهِ الأُمَّة! تَمْرَضُ وَلا تَموتُ، فَمَتى سَتُشْفى مِنْ أسقامِها؟
اللهُ أعْلى وَأَعْلَمْ ..
تَعِبْنا واللهِ، وَتَقَطَّعَتْ قُلوبُنا وَبُحَّتْ حَناجِرُنا أَنْ أفيقي يا أُمَّةَ المِلْيارِ ..
أما كِفاكِ الرُّقادْ؟
الخِذلانُ الأَكْبَرُ ماتَتَلَقّاهُ هذِهِ الأُمَّة عَلى يَدِ أبنائِها مِمَّنْ زُيِّنَ لَهُ سوءُ عَمَلِ الكُفْرِ وَالعِياذُ باللهِ فَأخَذَ يَخْذِلُ وَيُشَنِّعُ عَلى إخوانِهِ مِمّن صَدَعوا بِالحَقِّ!
وَاللهِ لا تَكادُ تَخلو ثَغْرَة إلاَّ وَنَخَرَ بِها أعداءُ الإسْلامِ حَتى سَلَّطوا عَلَيْنا إعلامَنا ..
أسْأَلُكَ رَبّي الثَّباتَ حَتى أَلْقى وَجْهَكَ الكَريمِ سُبْحانَكْ
¥