وفي مواقف أخرى كثيرة مشابهة لا يكاد القارئ يجد كبير فرقٍ بين لهجة الراشد وبين لهجة الرئيس بوش أو تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية.
ففي تاريخ (19/ 7/1422هـ) كتب الراشد مقالةً عنيفة هاجم فيها جميع الكتاب والمثقفين الذين يقولون إن هجمات سبتمبر (ردة فعل على ما تقوم به إسرائيل من تعسف وفظائع). وقال: إن هذا (ربط سخيفٌ تماماً). و (كلامٌ مجنونٌ تشمئز منه النفوس)!
وبعد مقالته تلك بأقل من شهرين ألقى مندوب السعودية بالأمم المتحدة فوزي شبكشي خطاباً مطولاً قال في عرضه: (إن التطرف والعنف والإرهاب هو نتيجة للظلم الفادح، بسبب غياب الحرية والعدالة). هنا تحركت حمية الراشد واستل قلمه من جديد، وكتب مقالةً عنوانها: (الإرهاب ليس وليد الظلم). وذكر أن عبارة المندوب السعودي أثارت (انتباهه واستغرابه)! لأنها تحتاج إلى (إثباتات ميدانية)! (الشرق الأوسط 5/ 9/1422هـ).
مرةً أخرى لما عزمت أمريكا على مهاجمة أفغانستان سارع الأستاذ ليكتب مقالةً عنوانها (فرصة أفغانستان لترتيب أوضاعها) أعلن فيها أن الأفغان أمامهم فرصة لتخليص بلدهم من لوردات الحرب وجنرالات المخدرات ومشاكل الأفغان العرب لينعموا بالراحة والاستقرار. (الشرق الأوسط 5/ 7/1422هـ).
فليتَ الراشد يحدثنا الآن عن الراحة والاستقرار الذي حلَّ بربوع أفغانستان بفضل القنابل الأمريكية الذكية.
انتهى الأمريكان من أفغانستان وجاء دور العراق، وبدأ شياطين البيت الأبيض يتحدثون عن مشروع الغزو الجديد. عند ذلك أعلن ضيف المكاشفات في مقالةٍ له أن هناك شعوراً عاماً في العالم العربي، أنه إذا كان سقوط النظام العراقي يعني نهاية أزمة المنطقة على غرار ما حدث للأفغان، فليكن الأمر كذلك في بغداد. (الشرق الأوسط 7/ 10/1422هـ).
بعد ذلك بزمن، وحين كانت الطائرات الأمريكية تصب حممها على مدينة الفلوجة السُّنية كان قلم الراشد يقول: إن السنة العرب الآن تحت القصف بسبب عنادهم وجهلهم، وترك زمام قيادتهم للمتطرفين. وقال: إن معركة الفلوجة رغم ما سببته من أذى كبير, ربما أنقذت أهل السنة من متطرفيهم, الذين كانوا يقودونهم نحو الدمار!. (الشرق الأوسط 20/ 10/1425هـ).
تماماً كما أن الطائرات والقنابل الأمريكية جلبت الراحة والأمان للأفغان وهي تقع فوق رؤوسهم، فإنها ـ والعهدة على مدير العربية ـ سوف تنقذ أهل الفلوجة حين تدفنهم تحت أنقاض بيوتهم!
ومرةً أخرى حين ظهرت فضيحة سجن أبي غريب وضجَّ لها العالم أجمع كتب الراشد مقالةً ذكَّرنا فيها بأن مثل هذه الجرائم تقع في السجون العربية كثيراً، وتحدَّث عن خطأ تعميم هذه الحادثة على الجنود الأمريكان.
لكن العجيب أن الراشد حين يتحدث عن المقاومة العراقية لا يرى مانعاً من التعميم، فهو لا يرى في تلك المقاومة إلا مجرمين يقطعون رؤوس العمال النيباليين، ويقتلون سائقي الشاحنات الأردنيين! (الشرق الأوسط 13/ 3/1425هـ).
وتمضي الأيام، وتبرز النكهة المميزة لكتابات الراشد حين قامت الحكومة الأمريكية بحملتها على الجمعيات والمنظمات الخيرية الإغاثية، ففزع مدير العربية ليكتب مقالةً عنوانها (منع العمل الإغاثي الخارجي) ذكَّر فيها بأن الدول العربية كلها دول فقيرة، وبالتالي فعليها أن توجه تبرعات محسنيها للداخل فقط لا غير! (الشرق الأوسط 5/ 12/1422هـ).
وتمشياً مع الهوى الأمريكي عند موت ياسر عرفات كتب الراشد مقالةً حثَّ فيها السلطة الفلسطينية الجديدة على مواجهة حركتي حماس والجهاد، وإيقاف أنشطتهما ضد الإسرائيليين بشكل لا تردد فيه. (حرب أهلية). (الشرق الأوسط 17/ 10/1425هـ).
وقبل ذلك لما اغتال اليهود الشيخ أحمد ياسين ـ رحمه الله ـ لم يجد الراشد ما يكتبه سوى مقالاً عنوانه (دعوا الانتقام) ألحَّ فيه على منظمة حماس كي لا تنساق وراء (المشاعر الغاضبة)، وذكَّرها بأن (الانتقام عملٌ أعمى) وأن أحمد ياسين كان من (الذين يحملون أرواحهم على أكفهم)، وأن قتله كان متوقعاً في أي لحظة، فلا معنى ـ إذاً ـ للانتقام! (الشرق الأوسط 7/ 2/1425هـ).
¥