وجملة القول: أن أنبياء الله -تعالى- ورسله معصومون بعصمة الله لهم من النقائص الخلقية والخلقية، وأن تمثيلهم تنقيص لهم، أو ذريعة إلى التنقيص لا محالة، وكلاهما مفسدة أو مؤدٍّ إلى المفسدة التي من شعبها إثارة العصبيات والفتن التي لا يعلم مداها إلا الله -تعالى- ...
وفي قصص الأنبياء كفاية [لمن أراد الحق, وقد قال -تعالى-]: ?لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ?. وأن العبرة لا تزال ماثلة في مواطنها، واضحة في معالمها، ينتفع بها في القرآن الكريم، وصادق الأخبار، ولو شئنا لأطلنا، ولكن في هذا بلاغاً.
النتيجة: من أجل ما قدمنا تقرر في إثبات واطمئنان أنه لا ينبغي ولا يحلُّ بحال أن يُشَخَّص الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في المسرح، ولا على شاشة السينما.
10 من جمادى الآخرة سنة 1374 هـ الموافق 3 من فبراير سنة 1955م.
عبد اللطيف السبكي: مدير التفتيش وعضو جماعة كبار العلماء, طه محمد الساكت, حافظ محمد الليثي: من مفتشي العلوم الدينية والعربية, عبد الكريم جاويش». «البحوث العلمية لهيئة كبار العلماء» (4/ 157 - 163).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- فتوى جاء فيها:
«تمثيل الصحابة أو أحد منهم ممنوع؛ لما فيه من الامتهان لهم والاستخفاف بهم وتعريضهم للنيل منهم، وإن ظن فيه مصلحة فما يؤدي إليه من المفاسد أرجح، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في منع ذلك». «فتاوى اللجنة الدائمة» (1/ 712).
قلت: وهذا في حق الصحابة الغر الميامين! فما بالك بالأنبياء والمرسلين؟!
ومن العلماء المعاصرين الذين أفتوا بحرمة التمثيل:
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز, الشيخ محمد ناصر الدين الألباني, الشيخ محمد بن صالح العثيمين, الشيخ عبد الرزاق عفيفى, الشيخ حماد الأنصاري, الشيخ مقبل بن هادي الوادعي, الشيخ عبد الله الدويش, الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود, الشيخ حمود بن عبد الله التويجري, الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمهم الله-, الشيخ عبد المحسن العباد, الشيخ صالح بن فوزان الفوزان, الشيخ ربيع بن هادي المدخلي, الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم -حفظهم الله-, وغيرهم.
* * * * *
وبعد:
مسلسل قصة يوسف وما اشتمل عليه من أفعال شنيعات محرَّمات ومحظورات منكرات:
ومما جاء في هذا المسلسل الذي فيه أعظم الإساءة لخير خلق الله: (أنبياء الله ورسله) من منكرات جليَّات, ومخالفات واضحات, لا يقرُّها إلا رديّ, ولا يرضاها مسلم سويّ:
1ـ ظهور أشخاص الأنبياء: (يعقوب ويوسف -عليهما السلام-)!
بل ويظهرونهما في صورة ممتهنة, كراعِ غنم, وعبدٍ مملوك, وفي نهاية المسلسل عندما يلتقي الأب بابنه! يركضان وهما يصرخان, ويسقطان أرضاً مراراً, ويتدحرج يعقوب -عليه السلام- عدة مرات, ثم يتعانقان ويبكيان طويلاً في مشهد مؤثِّر لمن خلا قلبه من المحبة الحقيقية لهما.
والذي مثَّل دور نبي الله يوسف (كما في مقابلة له على قناة الكوثر الشيعيَّة) هو أحد فسَّاق السينما الفارسية في إيران واسمه: (مصطفى زماني) من مواليد (عام: 1982م) في مدينة (فريدون كنار) , وهو طالب في إحدى الجامعات الإيرانية, وقد تم اختياره من بين (3000) متقدِّم لهذا الدور, (عام 2004م) وكان شرطهم أن يكون ظهوره لأول مرة, ووقع عليه الاختيار -بالطبع- لوسامته! وجماله! وأناقته! وكونه متلقياً دورة في الفروسية, ودورة في الرياضة وكمال الأجسام ليناسب الدور!
ثمَّ إنَّ هذا الممثل اختير لتمثيل دور البطل بعدها في فيلم سينمائي اسمه: (آل)!! مع امرأة متبرجة هي البطلة في الفيلم.
وقد كان الذي مثَّل الدَّور وهو صغير: ممثل إيراني آخر اسمه (حسين جعفري) , وله لقاء على (قناة المنار) الشيعيَّة.
فأقول: نراهم يتورَّعون عن تمثيل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأدوار! ويعظِّمون بزعمهم جنابه الشريف! وها هم يجوِّزون امتهان هؤلاء الأنبياء, وتقمص شخصياتهم! فما هذا التفريق؟ وأين هم من قوله -تعالى-: ?لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ?. [البقرة:285]؟
¥