قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله- في أول تفسيره لسورة يوسف: «واعلم أن الله ذكر أنه يقصُّ على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب، ثم ذكر هذه القصة وبسطها، وذكر ما جرى فيها، فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة، فمن أراد أن يكملها أو يحسنها بما يذكر في الإسرائيليات التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب، فهو مستدرك على الله، ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص، وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحاً، فإنَّ تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير، من الأكاذيب والأمور الشنيعة المناقضة لما قصَّه الله تعالى بشيء كثير.
فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصَّه، ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينقل».اهـ
قلت: مثال ذلك: في قوله -تعالى-: ?وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ? بيان أن أباه وأمه قد عاشا إلى نهاية الأحداث التي جرت معه كما هو ظاهر القرآن, ولكن الشيعة هنا مجاراة ومشابهة لليهود جعلوها في هذا المسلسل تموت وهو طفل صغير.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «قيل: كانت أمه قد ماتت كما هو عند علماء التوراة.
وقال بعض المفسرين: فأحياها الله -تعالى-, وقال آخرون: بل كانت خالته ليا والخالة بمنزلة الأم.
وقال ابن جرير وآخرون: بل ظاهر القرآن يقتضي بقاء حياة أمه إلى يومئذ, فلا يعوَّل على نقل أهل الكتاب فيما خالفه. وهذا قوي والله أعلم». «البداية والنهاية» (1/ 251).
ومن ذلك زواجه -عليه السلام- من امرأة العزيز, وعودتها شابَّة بعدما شاخت وكبرت! وردُّه بصرها عليها بعدما عميت! وهذا كلُّه محض إسرائيليات لا تقابَل بالتَّسليم عند أولي العقل السليم.
ومن المعلوم أنَّ أخبار نبي الله يوسف -عليه السلام- لا مجال لمعرفتها إلا بنصوص الوحي, أو عن طريق الإسرائيليات, ولا شكَّ أن أكثر نصّ المسلسل مستقىً من الأخيرة, ومن عقليّة المخرج أو المؤلف للسيناريو! اللَّذَين لا يصلحان أن يعتمد عليهما في معرفة الغيوب.
7ـ الآثار السَّلبيَّة لهذا المسلسل على المشاهدين:
وذلك في بقاء صورة هذا الممثِّل ملتصقةً باسم هذا النبيِّ أو ذاك المَلَك وعالقةً في ذهن المشاهد, فإذا ذكر نبيُّ الله يوسف بعد ذلك, أو مرَّ اسمه على سمع من شاهد المسلسل, أو قرأ السورة في القرآن, أوَّل ما يتبادر في الذهن الممثِّل الإيراني الرافضي الذي شاهده! وكفى بذلك تنقُّصاً وازدراءً لشخص هذا النَّبيِّ من جهة, ومسخاً لعقل وتصوُّر المشاهد المسلم من جهة أخرى.
ثم ما هي الآثار الإيجابية لهذا المسلسل في نصرة الإسلام والمسلمين؟!
وما النَّصر الذي حقَّقه في رفع راية الدين؟!
وهل رأينا الناس -على إثره- يدخلون في دين الله أفواجاً؟!!!
بل إنهم يَصدُق عليهم -تماماً- كلمة شيخ الإسلام -رحمه الله-في حقِّ أمثالهم-: «لا للإسلام نصروا, ولا لعدوِّه كسروا؛ بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتَّبعهم؛ فأفسدوا عقله ودينه, واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين, وفتحوا لعدوِّ الإسلام باباً إلى مقصوده». «مجموع الفتاوى» (5/ 544).
بل وجدتُ أَنَّ تمثيل هذا الممثل لدور يوسف -عليه السلام- أثر على شخصه هو أيضاً, فقد صرَّح في مقابلته -المذكورة سابقاً-: أنه صار يخالجه اعتقاد مواقف النبوة, ويحسُّ إحساساً غريباً أنه يخرج عن طوره الذي هو فيه, فلربما كان ذلك يشبه الإحساس بنبوته, واستشعاره المواقف التي مرَّ بها نبي الله يوسف, وبكائه عند كل موقف!
وكذلك ذكر قضية العشق الإلهي والفناء في حب الله!!
فهذا من نتائج وثمرات هذا المسلسل على الممثل نفسه, وربما شاركه غيره من الممثلين بما ذكر, فكيف بملايين المشاهدين أيضاً؟! ما هو الشعور الذي يخالجهم عند مشاهدة المسلسل؟ ربما تأتي لحظات على المشاهد وهو يعتقد أن من يراهم من ممثلين فسقة هم حقاً الأنبياء, والملائكة, والصالحون, وكفى بذلك تشويهاً, وتغييراً لتصور المسلمين, واعتقادهم.
8ـ تمثيل النساء وظهور العورات:
وهذا أمر لا بد منه في مسلسلهم حتى يكون له تأثير, ويلقى رواجاً عند عامة الناس, ومن استحلَّ تمثيل الأنبياء والملائكة, فغير مستغرب منه أن يستحلَّ تمثيل النساء, ليَظهرن بمفاتنهن أمام الناس على الشاشات.
9ـ أصوات الموسيقى والمعازف في المسلسل:
ولا شكَّ أن المعازف محرَّمة في شرعنا الحنيف باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الإسلام, حتى ولو كانت معازف دينيَّة! -كما يقولون اليوم-!
وما خفي كان أعظم ...
* الخلاصة:
يحرم تمثيل الأنبياء -عليهم السلام- بحال من الأحوال, ويجب على المسلمين -كل المسلمين- احترام أشخاص أنبياء الله ورسله, وعدم انتقاصهم, أو التقليل من قدرهم, فذلك كفر دون شك, وتمثيل أشخاصهم من قبل بعض فُسَّاق الممثلين هو أحد أبواب الانتقاص والإهانة لهم, ومن هؤلاء الأنبياء الذين انتُقِص من قدرهم؛ نبي الله يوسف -عليه السلام-, وذلك في تمثيل الشيعة إياه في مسلسلهم الذي فتنوا به الناس, ومعه والده يعقوب -عليه السلام-, إضافة إلى تمثيل الملكَين: جبريل وملك الموت -عليهما السلام-, وغير ذلك من المنكرات, ولا شكَّ أن الرضى بذلك أو مشاهدته يعتبر إعانةً لهم على الضلال, وفاعل ذلك يعرض دينه وعقيدته لخطر عظيم, خاصّةً وأن الروافض يحاولون تمرير بعض عقائدهم وإثباتها في هذا المسلسل التَّضليلي بشكل واضح.
وعليه؛ فيحرم مشاهدة هذا المسلسل, أو شراؤه, أو اقتناؤه, أو عرضه وبثُّه لعوام النَّاس, صيانةً لجناب الأنبياء, وحمايةً لحمى الدين, وتعظيماً لرب العالمين.
والله -تعالى- أعلى وأعلم
¥