ـ[يحيى العدل]ــــــــ[01 - 05 - 02, 11:52 م]ـ
في يوم الخميس التاسع عشر من شهر صفر لسنة ثلاث وعشرين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنستأنف مجالس التحديث بعون الله تعالى:
المسألةُ العاشرةُ: معرفةُ ما وقع في الحَديثِ من أوهامٍ وتصحيفٍ.
وهذه المسألة داخلةٌ في النَّوع الخامس والثلاثين ((معرفةُ المُصحَّف من أسانيد الأحاديث ومتُونها)).
وهُنا نأخذ ما له تعلَّقٌ بالأسانيد:
أولاً: من الخطأِ والتصحيفِ ما وقع في ((التهذيب)): في ترجمة أبي قابوسَ: ((ذكرهُ البُخاريُّ في الضُّعفاء من الكبير لهُ)).
قال الشَّيخُ مُحمَّد عوَّامة: ((هو تحريفٌ مطبعيٌّ جزمًا، يغلِبُ على ظنِّي أن صوابَهُ: ذكره البُخاريَّ في ((الكُنى)) من الكبير لهُ، أي في قسم الكُنى التابع لـ ((التاريخ الكبير)) فإنه ترجمه في ((الكُنى)) (574) وأسندَ له حديث الرَّحمة المذكُور، وذكره قبلُ في الأسماء باسم قابوسَ (862) وعلَّق الحديث المذكُور)).
قلت: سبقهُ إلى هذا أحمد شاكر (رحمه اللَّه).
ثانيًا: الحديثُ رواه ابن ناصرالدِّين: من طريق أبي سعيد بن الأعرابيِّ، حدَّثنا الحسن بن مُحمَّد الزَّعفرانيُّ، حدَّثنا سُفيان، عن عَمرو، عن أبي قابوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرٍو (رضي اللَّه عنهما) يبلُغ به النَّبي (صلى الله عليه وسلم): (فذكرهُ).
ووقع في هذه الرِّواية: ((عن أبي قابوسَ، عن ابن لعبداللَّه بن عَمرو، عن عبداللَّه بن عَمرو)).
فقوله: ((عن ابن)) خطأ ذكر الذَّهبيُّ أنها كانت: ((مولى لعبداللَّه))، فصحَّف ((مولى)) بقوله: ((عن ابن)).
قال ابن ناصرالدِّين: ((وما ذكره الذهبيُّ صحيحٌ؛ لأنَّ مُتقني الحُفَّاظِ من أصحابِ سُفيان بن عُيينة لم يرووهُ عنه إلا على الصَّواب)).
ثالثًا: ومن الأوهَامِ ما وقعَ من تَسْميةِ راويه بقابوس بدلاً من تسْميتهِ بلفظ الكُنيةِ:
وهذا وقعَ في رواية الحسن بن داود بن مُحمَّد بن المُنكدر: حدَّثنا سُفيان بن عُيينة، عن ابن دينار، عن قابوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرو (فذكرهُ).
وهذا خطأٌ قال البُخاريُّ في الحسن هذا: ((يتكلَّمُونَ فيه)).
ومثلهُ وقعَ من طريق عبداللَّه بن سبعُون القيروانِيِّ، عن عُبيداللَّه بن سعيد الوَائلِيِّ، بسنَدِهِ إلى عَمرو بن دينار، قال فيه: قابُوسَ، كرواية المُنكدريِّ.
قال أبو القاسم بن عساكر: لعلَّ أبا مُحمَّد بن سبعُون لمَّا حدَّث به من حفظه وهِمَ فيه.
رابعًا: جاء الحديثُ من رواية أبي القاسم بشر بن مُحمَّد بن عبداللَّه المَيهنيِّ الخطَيبِ، عن أبي مُحمَّدٍ هشامٍ اللَّبان السَّرخسيِّ بمرو، ثنا أبو حامد أحمد بن مُحمَّد الخشَّاب النَّيسابُوريِّ، ثنا أبو عبدالرَّحمن بشر بن الحكم، ثنا سُفيان بن عُيينة فذكره مُسلسلاً (كما أُشير إليه).
قال ابن ناصرالدِّين: ((وذكر بشر والد عبدالرَّحمن في هذه الرِّواية بدل ابنه عبدالرَّحمن غريبٌ)).
قلتُ: وهذا محلُّ الشَّاهد فإنَّ هذا من قبيل الوهْمِ والخَطأِ جزمًا كأنَّه وقَعَ لهُ عبدالرَّحمن بن بشر بن الحكم وزيد فيه ((أبو)) على سبيل الخطأ فانقلبَ الإسْنادُ.
وسماعُ بشر بن الحكم من سُفيان ثابت له (كأبيه، وابنه).
قال إبراهيم بن أبي طالب: ((سمعتُ عبدالرَّحمن بن بشر يقُول: حملني أبي على عاتقِهِ في مجْلسِ سُفيانَ بن عُيينةَ، وقال: يا معْشَر أصحاب الحديث أنا بشر بن الحكم سمِعَ أبي من سُفيان بن عُيينة وسمِعتُ أنا منه وحدَّثت عنه بخُراسان وهذا ابني قد سمع منهُ)).
المسألةُ الحاديةَ عشرةَ: معرفةُ ما في إسناده من زيادةٍ ونُقصان.
وهذه داخلةٌ في النَّوع السَّابع والثَّلاثين: ((المزيدُ في مُتَّصل الأسانيد)).
الحديث رواه ابن ناصرالدِّين من طريق أبي سعيد بن الأعرابي، حدَّثنا الحسن بن مُحمَّد الزَّعفرانِيُّ، حدَّثنا سُفيان، عن عَمرو، عن أبي قابوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرٍو (رضي اللَّه عنهما) يبلُغ به النَّبي (صلى الله عليه وسلم): (فذكرهُ).
ووقَعَ في هذه الرِّواية: ((عن أبي قابُوسَ، عن ابن لعبداللَّه بن عَمرو، عن عبداللَّه بن عَمرو)).
فقوله: ((عن ابن لعبداللَّه)) هو زيادةُ رجلٍ مُبهم، فيدخُل في هذا الباب.
قال ابن ناصرالدِّين: ((وهو من أحَدِ أقسَامِهِ، لأنَّها إمَّا أن يكون المزيدُ صوابًا وغيرُهُ خطأٌ، أو خطأً وغيرُهُ صوابٌ، أو أن يكونَ كلٌ منهُما صوابًا.
وصورتُهُ: أن يسمعَ الرَّجلُ حديثًا من شيخٍ، عن آخرَ، ثُمَّ يلقى الرجُلُ شيخَ شيخهِ، فيسمعَ منه ما حُدِّث به عنه، فتارةً يرويه بنزولٍ، وتارةً يرويه بعلوٍّ، وكلاهُما صحيحٌ.
ومن القسم الثاني: روايةُ ابن الأعرابيِّ للحديثِ الذي روَيناهُ، فالمَزيدُ في إسناده خطأ؛ لأن لفظةَ ((عن ابن لعبداللَّه)) تصْحِيفٌ، كانت ((عن مولى)) فصُحِّفت)). اهـ.
أي أنَّ النَّاقِصَ هُنا صَحِيحٌ والزَّائدَ ضعيفٌ.
تم هذا المجلس وإلى اللقاء في المجلس القادم (بإذن الله تعالى).
وكتبه / محبكم يحيى العدل.
¥