فأعدتُهُ عليه. فقال لهؤلاء: قُومُوا. ثُمَّ قال لي: أنت تحفظ مثلَ هذا وأنت تخرجُ تتنزَّه أو كما قال.
قال: فكان الشَّاذكُونىُّ يقولُ لي: نفعك حديث الحُميديِّ.
كذا قال في هذا الحديث عن ابن عبَّاس وإنَّما هُو عن أبى قابُوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرو بن العاص)).
قال ابن ناصرالدِّين: ((ومن العلل في الحديث: المقلُوب، فهذا الحديث من جميع طرقه التي وقعت لنا من رواية سُفيان، عن عَمرو، عن أبي قابُوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرو.
ورُوِّيناه من طريق أبي العباس مُحمَّد بن يونُس بن موسى الكُديميِّ القُرشيِّ الشَّاميِّ البصريِّ أحد الأعلام المترُوكين، عن الحُميديِّ، عن سُفيان فذكره، إلا أنه قال بدل ((عبداللَّه بن عَمرو)): عن عبداللَّه بن عبَّاس، فانقلبت عليه، لرُعبٍ حصل لديه، فيما أعلم، (واللَّه أعلم).
وكان شيخُ الإسلام وحافظُ الأعلام قاضي القُضاة أبو الفضل ابن حجر أمتع اللَّه بوجوده أوقفني على كتابٍ صنَّفه في المقلُوبِ، فلمَّا حضر الدَّرس هُنا أوَّلَ يومٍ، ورويتُ في الدَّرس حديث الكُديميِّ، هذا فقال لي: هذا ممَّا كنَّا فيه من المقلُوب)).
الصَّورة الثانية:
جاء الحديثُ من رواية أبي القاسم بشر بن مُحمَّد بن عبداللَّه المَيهنيِّ الخطيب، عن أبي مُحمَّدٍ هشامٍ اللَّبان السَّرخسيِّ بمرو، ثنا أبو حامد أحمد بن مُحمَّد الخشَّاب النَّيسابُوريُّ، ثنا أبو عبدالرَّحمن بشر بن الحكم، ثنا سُفيان بن عُيينة فذكره مُسلسلاً (كما أُشير إليه).
قال ابن ناصرالدِّين: ((وذكر بشر والد عبدالرَّحمن في هذه الرِّواية بدل ابنه عبدالرَّحمن غريبٌ)).
قلت: وهذا محلُّ الشَّاهد فإنَّ هذا من قبيل الوهم والخطأ جزمًا كأنه وقع له عبدالرَّحمن بن بشر بن الحكم وزيد فيه ((أبو)) على سبيل الخطأ فانقلب الإسناد.
الصَّورة الثالثة:
قال الرَّامهُرمزيُّ: حدَّثنا أبي ثنا عبداللَّه بن مُحمَّد الزُّهري، ثنا سُفيان بن عُيينة، عن عَمرو بن دينار، عن عَمرو بن أوس، عن عبداللَّه بن عَمرو، قال: قال رسُول اللَّه …: الرَّاحمُونَ يرحمُهُم اللَّه فارْحمُوا من في الأرْضِ يرحمْكُمْ من في السَّماءِ.
قال ابن ناصرالدِّين: ((عَمرو بن أوس بن أبي أوس الثَّقفيُّ المكَّيُّ تابعيٌّ، وأبوه صحابي، مشهُوران، ولا مدخل لعمرو بن أوس في هذا الحديث. (واللَّه أعلم).
وقد تفرَّد بذكر عَمرو بن أوس إسنادًا، وبذكر اسم ((اللَّه)) بدل اسمه ((الرَّحمن)) متنًا: عبداللَّه بن مُحمَّد بن عبدالرَّحمن بن المِسور بن مخرمة الزُّهري، عن سُفيان بن عُيينة، دون بقية أصحابه.
والصَّواب ما رويناه أولاً عن سُفيان، عن عَمرو بن دينار، عن أبي قابُوسَ)).
وهذا القلبُ في الإسناد، سببهُ الوهمُ فليس في الإسناد ما يجرُّ إليه.
تم هذا المجلس وإلى اللقاء في المجلس السابع عشر بإذن الله تعالى.
وكتب / محبكم يحيى (العدل)
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[16 - 01 - 03, 01:40 م]ـ
في يوم الخميس السادس من ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة وألف للهجرة الشريفة
المسألةُ الرَّابعة والثَّلاثُون: ذكرُ من خرَّجه من المُحدِّثين في مصنَّفاتهم.
أخرجهُ الحُميديُّ، وعنه البخاريُّ في ((الكُنى)) وفي لفظ البُخاريِّ اختلافٌ.
وأخرجهُ أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه أبو داود.
وأخرجهُ أحمد.
وأخرجهُ أبو داود، وعُثمان الدَّارميُّ: عن مُسدَّد (بن مُسرهد).
قال أبو داود: ((لم يقُلْ مُسدَّد مولى عبداللَّه بن عَمرو)) أي أنَّه اقتصر على قول: ((أبي قابُوسَ)).
وقال: ((قال النَّبي صلى الله عليه وسلم)): أي لم يقُل: ((يبلُغُ به النَّبي صلى الله عليه وسلم)) كما قال أبو بكر في روايته بل قال مكانه قال النَّبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجهُ التِّرمذيُّ حدَّثنا ابن أبي عمر.
وأخرجهُ الطَّبرانيُّ: حدَّثنا المقدام، نا خالد بن نزار.
وأخرجهُ الرَّامهُرمُزيُّ: حدَّثنا أبي، ثنا عبداللَّه بن مُحمَّد الزُّهريُّ.
وأخرجهُ الحاكِمُ: أخبرناه أبو النضر الفقيه، وأبو الحسن العنزيُّ، قالا: ثنا عثمانُ بن سعيد، ثنا علي بن المدينيُّ.
وأخرجهُ الخطيبُ: حدَّثنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر، حدَّثني إسماعيل بن عليٍّ، حدَّثنا مُحمَّد بن مسلم الدقَّاق أبو بكر في سنة أربعٍ وثمانين ومئتين، حدَّثنا مُحمَّد بن الوليد القُرشيُّ.
وأخرجهُ البيهقيُّ أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنبأ أبو حامد بن بلال، ثنا عبد الرَّحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب بن مِهْران العبديُّ.
وأخرجهُ ابن قُدامة.
وأخرجهُ الذَّهبيُّ، وابن ناصرالدِّين: من طريق عبد الرَّحمن بن بشر بن الحكم.
وأخرجهُ ابن ناصرالدِّين: من طريق أبي عبدالرَّحمن بشر بن الحكم.
كلُّهم عن سُفيان بن عُيينة به.
وعلَّقه البُخاريُّ في ((التَّاريخ)) عن قابُوسَ.
وعلَّقه المزِّيُّ: من حديث الزَّعفرانِيُّ.
وقال الألبانيُّ في ((الصَّحيحة)): ((رواه ... أبو الفتح الخرقيُّ في (الفوائد المُلتقطة (222 ـ 223) …)).
وقال الأميرُ في ((ثبته)): ((أخرجه ... أبو علي الزَّعفرانيُّ)).
قلتُ: وغيرهُم من المُتأخِّرين في أثباتهم وتخريجاتهم، أعرضنا عن الإطالةِ بذكرِهِم.
تم هذا المجلس وإلى اللقاء في المجلس السابع عشر بإذن الله تعالى.
وكتب / محبكم يحيى (العدل)
¥