وعند ترجمة الإمام ابن حزم، قال: وأثنى عليه الشيخ العارف محيي الدين بن عربي، صاحب الفتوحات المكية كثيرا، وقال في الباب الثالث والعشرين ومائتين، في معرفة حال التفرقة .. ما نصه: وهذه غاية الوصلة أن يكون الشيء عين ما ظهر، ولا يعرف أنه هو، كما رأيت النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقد عانق أبا محمد بن حزم المحدث، فغاب الواحد في الآخر، فلم ير إلا واحد، وهو رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهذه غاية الوصلة، وهو المعبر عنه بالاتحاد، أي كون الاثنين عينا للواحد، وما في الوجود أمر زائد. انتهى، ولله در القائل: توهم واشيا بليل مزارنا ... فهم ليسعى بيننا بالتباعد
فعانقته حتى اتحدنا تعانقا ... فلما آتانا ما رأى غير واحد
ولا غرو في ذلك فقد قلنا في كتابنا الحطة بذكر الصحاح الستة، ما نصه: إن أهل الحديث، كثر الله سوادهم، ... فهم أهل الود والاتحاد حقا، وأصحاب الوحدة المطلقة عدلا وصدقا، فأكرم بهم من كرام يشاهدون عظمة المسمى حين يذكر الاسم .. ا. هـ.
الشاه ولي الله الدهلوي، في العقيدة أشعري كما صرح في مسلسلاته عند مسلسل الأشاعرة فقال: ومختاره ـ أي نفسه ـ في العقيدة مذهب المتقدمين من الأشاعرة ا. هـ ويعني بهذا مذهب التفويض، وساقه من طريق الكوراني، وفي الطريقة صوفي فقال في المسلسل بالصوفية: وله ـ أي نفسه ـ اتصال قوي بغالب الطرق الصوفية صحبة وتلقيًا وإلباسا للخرقة وإجازة للإرشاد ومعرفة بطريق السلوك على رأي المتقدمين والمتأخرين جميعًا والحمد لله ـ، ورواه من طريق الكوراني، وانظر الدر الثمين له، قال في مقدمته: هذه أربعون حديثا من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ التي تروى من جهة الرؤيا أو من جهة مشاهدة روحه الكريمة ا. هـ.
وانظر كتابه القول الجميل، ففيه شروط البيعة وأشغال المشائخ الجيلانية والجشتية والنقشبندية، وغير ذلك.
ونذير حسين، الرجاء ممن لديه كتاب تلميذه الشيخ فضل حسين المظفربوري البهاري الذي ترجمه فيه، أن ينقل قوله في ابن عربي، والبيعة، والتصوف، ووحدة الوجود، لأنه ليس بين يدي الآن، وعلى كل حال فالظاهر أنه على نفس عقيدة الشاه الدهلوي، والله أعلم.
عبد الرحمن الأهدل: صوفي وثبته النفس اليماني طافح بالأولياء والكرامات والمكاشفات والبركات، وقد تلقن على طريقة القادرية والنقشبندية.
إبراهيم الكوراني: أشعري وصوفي، قال في ثبته الأمم صـ 59: كتاب الأنوار فيما روي عن الله سبحانه من الأخبار لإمام المحققين الشيخ محي الدين محمد بن علي ابن العربي قدس سره.
ويروي المسلسل بالصوفية، ويروى عنه من طرق ابنه وغيره ويطلق عليه إمام الصوفية، انظره مثلا في مسلسلات عبد الباقي صـ 318، ووصفه الحموي كما في جلاء العينين بـ: فقيه الصوفية وصوفي الفقهاء.
وهو في العقيدة أشعري، نقل صاحب جلاء العينين عند الكلام على مسألة الحرف والصوت قول الإمام السفاريني: وممن ذهب إلى مذهب السلف والحنابلة من قدم الكلام وانه بحروف وصوت من متأخري محققى الأشاعرة: صاحب المواقف. أنتهى باقتصار.
ثم قال: (قلت): وممن ذهب إليه ايضاً من المتأخرين الشيخ إبراهيم الكوراني الشافعي الأشعري في كتابه ((إفاضة العلام بتحقيق مسألة الكلام)) وهو كتاب قلما يوجد مثله في تحقيق هذه المسألة التى حيرت الأفهام، وقد حاكم فيها الحنابلة مع الأشعرية، واثبت الكلام النفسي الذى نفته بعض الحنابلة، وحقق اللفظي المنفي عند كثير من الأشاعرة.
ولتعلم أن هذا القول ليس موافقة لابن تيمية وإنما لابن عربي أيضًا، فقد نقل صاحب الجلاء نقله عن محيى الدين بن عربي أنه قال: لله تعالى تجل في صورة يقبل القول والكلام بترتب الحروف قد ذكرناه في التجلي الإلهي الذى خرجه مسلم في الصحيح، وهو من رواية ابي سعيد الخدري، وفيه: ((أتاهم رب العالمين في أدنى صورة عن التى رأوه فيها – ثم قال بعده – ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في صورته التى رأوه فيها اول مرة)).
وتأمل ما نقله عنه من قوله: ومذهب الصوفية إجراء المتشابهات على ظواهرها مع نفى اللوازم والتنزيه بليس كمثله شئ، كمذهب السلف الأول، وقولهم بالتجلى في المظاهر على هذا النحو.
ونقل قوله: ابن تيمية ليس قائلاً بالتجسيم، فقد صرح بأن الله تعالى ليس جسماً في رسالة تكلم فيها على حديث النزول كل ليلة إلى السماء الدنيا. وقال في رسالة أخرى: من قال: إن الله تعالى يماثل المخلوقات فهو مفتر على الله سبحانه، بل هو على مذهب السلف من الإيمان بالمتشابهات مع التنزيه بليس كمثله شئ. ولكنه قائل بأن الله تعالى فوق العرش حقيقة مع نفي اللوازم. ونقل عليه إجماع السلف – صرح في الرسالة القدرية، أنتهى نقل الكوراني.
وبعد أن ذكر قوله أن لا زم المذهب ليس مذهبا، ولا يكفر من اعتقده إلا إن اعتقد اللازم قال: نعم، إنه قد رمى بعض الحنابلة بالتجسيم واشتهر عنهم هذا المذهب الوخيم. وردهم أصحاب مذهبهم، وبينوا زيف مطلبهم.
ثم نقل كام الإمام ابن الجوزي في مقدمة كتبابه دفع شبه التشبيه، ولا يخفى عليكم ما في هذا الكتاب.
وهو من رواة المسلسل بالأشاعرة كما مر أن الشاه الدهلوي يرويه عنه.
هؤلاء وغيرهم ممن ذكر في الأسانيد، يجب أن تراجع تراجمهم، فمثلا مر طريق من الطرق التي أسندت على ابن طولون!، والتراجم التي ذكرها الأخ، جيدة ولكن فيها كثير من السطحية.
وأقترح بدل التشتيت في الأسانيد، أن يستخلص سند واحد وينقى من طريق الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى شيخ الإسلام، فالأسانيد السلفية إليه كثيرة ولله الحمد، ويفحص ويدقق حتى نخرج بسند مسلسل مصفى، وإن كنت في خاصة نفسي لا أرى بأسا في الرواية والتلقي عن الأئمة من الأشاعرة والصوفية، فقد روى عنهم الأئمة الكبار.
وأحببت من الشيخ العبدلي لو أن يتحفنا باسم وعنوان مسند العصر فقد شوقنا إليه، وعمن يروي العطار الذي يروي عنه، وأن يتكرم بإرسال عنوان الأخت فاطمة ـ حفظها الله تعالى ـ.
وجزاكم الله كل خير.
¥