تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالفقه الشائع بين أبناء الشعب كافة كان فقه الإمام الشافعي .. مع وجود آثار يراها المتتبع من بقايا الحنبلية والظاهرية في المعتقد والفقه.

وأما السلفية فلم تنقطع عنا، منذ أن كان مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية قرب بيتنا، ويسمى مسجد القرشي. وبيته في المدرسة السكرية قبيل بداية الحي في باب الجابية، وما يتداوله الخلف عن السلف من أخبار أمره بالمعروف، وشجاعته في كل المواطن وجهاده، وما قام به الشيخ ابن عروة الحنبلي الميداني في جمع تراث السلف في كتابه الموسوعي الكبير النادر (الكواكب الدرية) وأدخل فيه العشرات من مؤلفات شيخ الإسلام.

وجور الحكام حاف علينا في أوقات كثيرة .. حتى كانت نهضة الشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ عبد الرزاق البيطار، والعلامة بهجة البيطار، وكلكم يعرف فضله، ومعهم أفراد غمرهم الجحود .. ومنهم الشيخ سعيد الحافظ، والشيخ محمد بدر الدين الفقيه المصري، رحم الله الجميع.

وحي الميدان كان قلب المقاومة ضد فرنسا منذ دخولها إلى بلادنا، ومنه انطلقت الثورة السورية الكبرى سنة 1344هـ 1925م أي سنة مولدي، وكان القائم الأكبر بأعباء الجهاد في فلسطين من عما 1927 إلى 1939.

من هنا أقول:

أنا زهير الشاويش تتمثل بي بعض من مؤثرات هذا الحي، وما يضاف إلها من قناعاتي وما أثرته في بيأتي، والموروث من عائلتي.

فلا غرو إن وجدتم عندي ملامح من مغامرة الحسين، والإصرار عليها ولو انتهت بالفشل، ومن المحافظة على نصرة عثمان وتأييده في عدم تخليه عن الخلافة، وأن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن، ومن دمشقيتي: المحافظة على شعرة معاوية ووضعها نصب عيني في تعاملي مع الناس ـ أحيانًا ـ ومن الشهبندر شعاره: خيرٌ لنا أن نغرق متحدينَ من أن نعوم متفرقين، وحتى الحجاج ليس نابيًا عندي في كل أعماله وضرباته، وفي تعاملي عند الاختلاف: التعاون فيما نتفق عليه والنصح فيما نختلف فيه، وأخيرًا غض الطرف عن الإيذاء، وعدم المقابلة بالمثل، إيمانًا مني بعدل الله سبحانه وتعالى.

التعليم أيامنا:

وكان التعليم في وقتنا يجري بطريقين:

الأول: هو الغالب يتمثل بالكتاب عند شيخ يلقن الأطفال قصار السور، وبعض الأحاديث القليلة، ومبادئ الحساب، وأحكام الوضوء، والصلاة ـ وأكثرها ينمي الوسوسة عند الطالب ـ.

والثاني: في تلك الأيام بُدِأ بفتحِ المدارس الرسمية، ولكن قوبلت بردة فعل عنيفة خوفًا على عقائد الأبناء .. ورفضًا لسيطرة المستعمر الكافر على مناهجنا، وتربية أولادنا، وقد برز ذلك من بعض هل التدين، وتمثل بمظهرين:

الأول: مقاطعة المدارس الحكومية المجانية.

الثاني: رفع مستوى الكتاتيب وجعلها مدارس تعلم المواد التي ألزمهم بها نظام التعليم الحديث، مع المحافظة على المواد الأولى، وكانت هذه الكتاتيب محل ثقة الناس، مع أنها كانت بأجور، ولم توفر لأصحابها مالاً، لكثرة النفقات، وضعف الموارد، وتعدد هذه المدارس.

وأنوه بمدرستين منها لوثيق صلتي فيهما، ولهما الفضل في تربيتي:

الأولى: المدرسة الأموية، وعلى رأسها الشيخ محمد سعيد الحافظ.

وكان ـ فضلاً على علمه ـ من أهل الوعي والجهاد، والعمل العام محرر الفكر، وهو في السياسة مثل غالبية أهل الحي على خط الزعيم عبد الرحمن الشهبندر، والرئيس حسن الحكيم، وفي التلعيم والتعبد على (المستطاع من نهج السلف الصالح).

وبعد أن أغلقت المدرسة ـ بعد الاستقلال الجزئي وتحسن أوضاع المدارس الحكومية ـ اشتركت معه في العمل العام، بجميع جوانبه الدعوية والاجتماعية، وكان معنا العدد الكبير من إخواني الأساتذة، مثل سعيد أبو شعر، وكامل حتاحت، ومحمد الكنجي، ومحمد خير الجلاد، تغمدهم الله برحمته وبارك بالأحياء منهم الذين لم أذكرهم.

والمدرسة الثانية (أو الكتاب): هي المدرسة المحمدية، أسسها وعلم فيها بمفرده الشيخ محمد بدر الدين الفقيه (المصري) الحافظ لكتاب الله، والجامع للقراءات والداعية السلفي (بالحكمة والقدوة الحسنة، وأدب اللفظ، وأمانة التعامل) وأنتم هنا عرفتم أخويه الكبيرين، أبا السمح وعبد المهيمن ـ إمامي الحرم المكي ـ وقد أحضرهما للحجاز مع غيرهما من أهل العلم، وجه مدينة جُده الشيخ محمد نصيف، وساعده في ذلك الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، والشيخ كامل القصاب، والشيخ بهجت البيطار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير