تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أكثرُنا لا يعرفُ الكتابَ إلا في الشهرِ مرّةً، هذا فيما لو عرفهُ، و يجلسُ بالساعاتِ الطوالِ على قناةِ الجزيرةِ، أو الإنترنت، أو على الأحاديثِ العابرةِ في مجلسِ السمرِ والسهرِ، ولكنّهُ لا يُكلّفُ نفسهُ عناءَ القراءةِ في كتابٍ واحدٍ، يختمهُ من الجلدةِ إلى الجلدةِ.

وهل أصبحتِ القراءةُ عناءً حتّى أقولَ: يكلّفُ نفسهُ عناءَ القراءةِ!، لقد تغيّرَ الزمانُ، وصارتْ أدواتُ المعرفةِ والبحثِ ضرباً من الجنونِ، ينفرُ عنها النّاسُ، ويشعرونَ بالغربةِ حينَ النظرِ فيها، وترى الكتبَ تغبرُّ ثمَّ تهترىءُ وتتفتتُ، وهي تجأرُ إلى اللهِ بالدّعاءِ، أن يُغيثها بمن ينظرُ فيها.

إنَّ قيمةَ كلِّ إنسانٍ هو ما يُحسنهُ ويُتقنهُ، والعلمُ أشرفُ الأشياءِ، ويكفيهِ شرفاً أنَّ الكلِّ يدعيهِ ولو عروا عنهُ وخلوا منهُ، ويكفي الجهلَ سُبّةً وعاراً أنَّ الجميعَ ينفرُ منهُ ولا يرضى أن يُنسبُ له، حتّى لو كانَ من أهلهِ.

نحنُ – المسلمينَ – أمّةُ المعرفةِ والعلمِ والقراءةِ: ((اقرأ باسمِ ربّكَ الذي خلقَ، خلقَ الإنسانَ من علقٍ، اقرأ وربُّكَ الأكرمُ، الذي علّمَ بالقلمِ، علّمَ الإنسانَ ما لم يعلمْ))، هذه هي بدايةُ الدّينِ، إنّها المعرفةُ والعلمُ، وأساسُها القراءةُ والنظرُ، وبقدرِ ما يعظمُ شأنُ العلمِ وأثرهُ في النفسِ، يكونُ سموُّ الإنسانِ وارتفاعهُ وعلوّهُ.

وإذا كانَ هذا هو دينُنا وهذه دعوتهُ إلى العلمِ والمعرفةِ، فما بالُ أكبرِ مكتبةٍ في العالمِ توجدُ عندَ غيرِ المُسلمينَ، وهي مكتبةُ الكونغرس!، أليسَ فينا من يقضي حقَّ العلمِ ويُقيمُ مكتبةً تُشدُّ إليها الرحالُ من جميعِ الأقطارِ، ويقصدُها طُلاّبُ العلمِ؟، أولا تجدُ المعرفةُ والحِكمةُ من ينفقُ عليها شيئاً من المالِ، كما يُنفقُ على اللعبِ والمجونِ من الكثيرِ من النّاسِ؟.

لماذا لا ننشئُ جامعاتٍ ومراكزَ بحثٍ ودراسةٍ كما في هارفرد وكامبردج ويال وبرنستون و Mit ، وغيرِها من مراكزِ البحثِ والجامعاتِ الشهيرةِ في العالمِ الغربيِّ؟، ألسنا ألصقَ بالعلمِ والمعرفةِ والبحثِ منهم؟، فلماذا ورثوا عنّا العلمَ والتقدّمَ والقراءةَ، ونحنُ ورثنا عنهم الركودَ والتخلّفَ، الذي ناموا عليهِ زماناً من عمرهم؟.

يؤسفُني أن أقولَ أنَّ الغربَ أيضاً سبقنا في القراءةِ والكتبِ، وأصبحوا يتنافسونَ في تحصيلِ الكِتابِ وإقامةِ معارضهِ، ويدعونَ إليها النّاسَ شرقاً وغرباً، مع أنّهم أكثرُ النّاسِ ترفيهاً، وأضيعهم لأوقاتِهم، ولا يرجونَ موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.

هذه الكاتبةُ المغمورةُ " J . K . Rowling " رولنج، تكتبُ مجموعةً من الرواياتِ الخاصّةِ بالأطفالِ، أسمتها " Harry Potter " هاري بوتر، وتنشرُ إبداعاتِها في الغربِ والشرقِ، ويتوافدُ الصِغارُ على شراءِ رواياتِها، فتُصبحُ كاتبةً مشهورةٌ بينَ عشيّةٍ وضُحاها، ولم يقفِ الأمرُ على ذلكَ، بل أصبحتْ من أثرياءِ العالمِ وباتتْ تُنافسُ بيل قيتس وغيرهُ.

سُبحانَ اللهِ!، مُثقفةٌ وكاتبةٌ تكتبُ للأطفالِ، تُصبحُ من أغنياءِ العالمِ العشرةِ، والمُثقفُ في عالمِنا العربيِّ والإسلاميِّ ينامُ ويصحو وهو كما هوَ!، لا يعرفهُ جارهُ ولا ضجيعهُ، وإذا أرادَ نشرَ كتابٍ أو طِباعةً مؤلّفٍ، بذلَ ماءَ وجههِ وأخذَ يستجدي النّاسَ!.

أمّةٌ بطولِها وعرضِها لا تقومُ بحقِّ أديبٍ أو عالمٍ أو مُثقفٍ!، وهي لا تعجزُ – في ذاتِ الوقتِ - أن تُقيمَ الحفلاتِ والسهراتِ للسقطةِ من المغنّيينَ والمُغنيّاتِ!.

رُحماكَ يا ربِّ.

لن نقومُ إلا بالمعرفةِ والعلمِ، واللهِ لن تُغنيَ عنّا الجموعُ الكاثرةُ، ولا الأموالُ الطائلةُ، وإنّما الذي يُجدي وينفعُ هو المعرفةُ والتحصيلُ، والتهامُ الكتبِ وافتراسُ البحوثِ، والغيابُ عن النّاسِ والعالمِ، والخلودُ إلى واحةِ المعرفةِ، هذه هي نقطةُ التصحيحِ الأولى، وما سِوى ذلكَ ضربٌ من الوهمِ والخيالِ.

دمتم جميعاً بخيرٍ.

(منقول)

ـ[أمجد التركماني]ــــــــ[12 - 08 - 05, 08:49 م]ـ

جزاك الله خيراً , ما ذكَرتَهُ حفظك الله محفز جيد لإخواننا من طلبة العلم الشرعي و غيرهم

ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[12 - 08 - 05, 09:24 م]ـ

لا حول ولا قوة إلا بالله , ماتت الهمم والله .....

ـ[أبو ابراهيم الكويتي]ــــــــ[12 - 08 - 05, 10:26 م]ـ

من باب رفع الهمم

1 - الأمام الشافعي:

أخرج الخطيب البغدادي، عن ابن عبد الحكم، قال: كان أصحابُ الأدَب يأتون الشافعيّ فيقرؤون عليه الشعرَ فيفسّره، وكان يحفظُ عشرةَ آلاف بيت من شعرِ هُذَيل بإعرابها وغَرِيبها ومَعَانيها.

2 - محمد المنير البلبيسي:

كان يحفظ كتاب الروضة للنووي على ظهر قلب، ومكث في بدايته ثلاثين سنة، يقرأ في النهار ختمة، وفي الليل ختمة كل يوم وليلة، وكان يحج كل سنة، ويرد إلى مصر، ويقيم بها شهراً، ثم يزور بيت المقدس، وأخبر عن نفسه في أوآخر عمره أنه حج سبعاً وستين حجة، وكان حجه على التجريد في أكثر أوقاته ماشياً، وعلى كتفه الركوة يسقي الماء، وكان يطوي في أكثر أوقاته في الطريق، وفي مدة إقامته بمكة والمدينة، وإذا أكل فلا يأكل إلا نحو ثلاث تمرات، خوف التغوط في تلك الأماكن، وكان لا يحلق رأسه إلا في الحج كل سنة

3 - إسماعيل بن عياش بالشين المعجمة العنسي:

قال يزيد بن هارون: ما رأيت شامياً ولا عراقياً أحفظ من إسماعيل بن عياش، ما أدري ما الثوري، وقال أبو اليمان: كان إسماعيل جارنا وكان يحيي الليل كله. وقال داود بن عمرو: ما حدثنا إسماعيل إلا من حفظ، وكان يحفظ عشرين ألف أو قال أكثر من عشرين ألف حديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير