آخر المواضيع الأخيرة وهو الوجادة، هذه الوجادة أجازها علماء الحديث بشرطها ولا يجيزها علماء القراءات بأي حال. وقد ذكر ابن الجزري نماذج لها من كتاب الروضة لأبي علي المالكي وذكر أمثلة، فالوجادة بكسر الواو مصدر مولد، وكيفيتها أن يقول وجدت ولا يصح أن يقول فيما وجده قرأت أو سمعت أو حدثنا، وكلام ابن الجزري مذكور ولعل هذا إن شاء الله سينشر في الموقع.
فالشاهد أن موضوع الإجازة من الموضوعات الهامة التي ينبغي الاهتمام بها، وينبغي للمجيز أن يتقي الله عز وجل فيمن يجيز، فلا يجيزه إلا إذا كان ذا أهليةٍ كما نبه على ذلك العلماء قديماً وحديثاً، وما سمعنا كما قال الدكتور الآن من يجيز من غير تمحيص ومن غير تنقيح فهذا لا يجوز، بل إن بعض العلماء كان لا يجيز إلا من تعلم الرسم إلى جانب القراءات، ولا زال هذا موجود في أفريقيا وفي موريتانيا، كانوا لا يجيزون إلا من قرأ المقرأة أو الرواية مع العلم بالرسم والضبط لاتصال هذين الفنين ببعضهما البعض.
وفي الختام، أسأل الله عز وجل أن يشكر لهذه الجامعة وعلى رأسها معالي مدير الجامعة، وعميد كلية أصول الدين، والأساتذة الفضلاء اهتمامهم بهذا الجانب والدعوة له والحضور، كما أسأله عز وجل أن يوفق الجميع لخدمة كتابه.
وإن كانت هناك من توصيات فأرجو أن تمتد هذه الشجرة المباركة إلى خارج المملكة فيكون هناك اتصال بين الجمعية وبين علماء مختصين خارج المملكة ودعوتهم كذلك لإقامة الندوات كما نتمنى أن تقام ندوات في خارج نطاق الجامعة هنا على مستوى المدينة المنورة، مكة، والمناطق الأخرى التي فيها فروع للجمعيات. كما نتمنى كذلك أن تحصر الإجازات المهمة، وتكون معلومة للجميع حتى لا يدخل دخيل وحتى يعرف الذين يجيزون إجازات لها مكانتها من الذين يتطفلون على هذه الإجازات، فيجيزون كيفما اتفق.
هذا وفي الختام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليق فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري (مدير الندوة):
أشكر صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيدي الأمين على ما قدمه من علم جمّ، ونعلم أنّ في جعبته الشيء الكثير لولا أنا حصرناه في الالتزام بالوقت، وفضيلة الدكتور محمد بن فوزان العمر نرجو منه الآن أن يتفضل بإلقاء ورقته شريطة الالتزام بالوقت خمس عشرة دقيقة، حتى نترك المجال للمداخلات والمشاركات الأخرى.
فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن فوزان العمر يلقي ورقته:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فالشكر أولاً وأخيراً لله عزّ وجلّ، ثم الشكر لمعالي مدير الجامعة لحضوره الندوة الأولى لهذه الجمعية المباركة، مع أشغاله الكثيرة وارتباطاته المتواصلة، ثم الشكر موصول إلى سعادة عميد كلية أصول الدين فضيلة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشتري يحفظه الله تعالى، وكذلك الشكر لصاحب الفضيلة الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري، نائب رئيس الجمعية العلمية للقرآن الكريم وعلومه، والشكر كذلك لأصحاب الفضيلة الحضور جميعاً، وتفضلهم لحضور هذه الندوة المباركة.
يرجع أهمية موضوع إجازات القراء لارتباطه الوثيق بكتاب الله عز وجل، إذ إن القراءة الصحيحة لكتاب الله لا تتحصل إلا بالتلقي والمشافهة والعرض والسماع، وهذه من خصائص القرآن الكريم الكبرى التي تميز بها عن غيره من الكتب، وأما أسباب اختيار الموضوع فترجع أسباب اختيار الموضوع لعدة أمور، من أهمها:
1 - حيوية هذا الموضوع وجدته حيث لم يسبق – حسب علمي – طرق هذا الموضوع من قبل في بحث أو كتاب منشور.
2 - وجود مباحث ومسائل مهمة تحتاج إلى بحث وتنقيب وإبداء رأي من قبل المختصين.
3 - وضع ضوابط وقواعد وشروط لإجازات القراء يحتاج إليها المجيز والمجاز.
4 - الإقبال الكبير على كتاب الله تعالى في العصر الحاضر قراءة وإقراءً يحتاج القارئ والمقرئ معها إلى الوقوف على جوانب من هذا البحث.
¥