تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها بحروف كقولهم: (ص) أو (صلعم)]

ـ[طارق بن إحسان]ــــــــ[16 - 08 - 05, 08:18 م]ـ

هذه رسالة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - حول هذه المسألة، فقال رحمه الله:

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، أما بعد: فقد أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثَّقَلين بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله بالهدى والرحمة ودين الحق، وسعادة الدنيا والآخرة لمن آمن به وأحبه واتبع سبيله صلى الله عليه وسلم، ولقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فجزاه الله عن ذلك خير الجزاء وأحسنه وأكمله. وطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه من أهم فرائض الإسلام وهي المقصود من رسالته. والشهادة له بالرسالة تقتضي محبته واتباعه والصلاة عليه في كل مناسبة وعند ذِكره. لأن في ذلك أداء لبعض حقه صلى الله عليه وسلم وشكرا لله على نعمته عليه بإرساله صلى الله عليه وسلم.

وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فوائد كثيرة ..

منها: امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، والموافقة له في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، والموافقة لملائكته أيضا في ذلك، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

ومنها أيضا: مضاعفة أجر المصلي عليه، ورجاء إجابة دعائه، وسبب لحصول البركة، ودوام محبته صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها، وسبب هداية العبد وحياة قلبه فكلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره ولا شك في شيء مما جاء به. كما أنه صلوات الله وسلامه عليه رغَّب في الصلاة عليه بأحاديث ثبتت عنه، منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا " وعنه رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " وقال صلى الله عليه وسلم: " رَغِمَ أنفُ رجل ذُكرت عنده فلم يصلِّ عليّ "

. وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد، ومشروعة في الخُطب والأدعية والاستغفار، وبعد الأذان وعند دخول المسجد والخروج منه وعند ذكره وفي مواضع أخرى، فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلَّف أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك لما تقدم من الأدلة.

والمشروع أن تكتب كاملة تحقيقا لما أمرنا الله تعالى به، وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، على كلمة (ص) أو (صلعم) وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. مع أنه لا يتم بها المقصود وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة (صلى الله عليه وسلم) كاملة.

وقد لا ينتبه لها القارئ أو لا يفهم المراد بها، علما بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه. فقد قال ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح، في النوع الخامس والعشرين من كتابة: (الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده) قال ما نصه: (التاسع: أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإنَّ ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك فقد حُرم حظًّا عظيمًا. وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه، فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية. ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.

وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك). إلى أن قال: (ثم ليتجنب في إثباتها نقصين: أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورة رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك، والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بألاَّ يكتب (وسلم). وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه .. ولا أكتب (وسلم) فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: ما لك لا تتم الصلاة علي؟ قال: فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت (وسلم) .. إلى أن قال ابن الصلاح: قلت: ويكره أيضا الاقتصار على قوله: (عليه السلام) والله أعلم). انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخَّصًا. وقال العلامة السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه (فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي) ما نصه: (واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك، بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة - كما يفعله (الكسائي) والجهلة من أبناء العجم غالبا، وعوام الطلبة، فيكتبون بدلا من: "صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلعم) فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتاب خلاف الأولى).

وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي): (ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة، كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} إلى أن قال: (ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب (صلعم) بلى يكتبهما بكمالها) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصا. هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه ويبتعد عما يبطله أو ينقصه. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا إلى ما فيه رضاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير