تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشيخ عبد الكريم الشيخلي (الصاعقة)]

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[20 - 08 - 05, 05:09 م]ـ

[الشيخ عبد الكريم الشيخلي (الصاعقة)]

من باب الوفاء لأعلام هذا البلد الجريح أن نعلن أسمائهم وتذكر سيرهم وتنشر أخبارهم. ليتأسى بهم الجيل الصاعد، وتنشأ على المعاني والقيم التي أصلوها بجهدهم وجهادهم. ولأنهم كانوا أوفياء لدينهم وأمتهم وتأريخهم، سنحاول هنا أن نكون أوفياء لهم من خلال التاريخ لهم وذكر تراجمهم مختصرة علناً نشحذ الهمم من أجل التاريخ لهم بصورة أوسع وأشمل. ومن هناك جاء هذا العنوان (الوفاء لرجال الوفاء) الذي نريده أن يتحول إلى واقع فعلي نمارسه لا مجرد أوقال متناثرة، تقال هنا أو هناك ثم تنسى.

هو محدث العراق الشيخ عبد الكريم بن السيد عباس الأزجي الشيخلي الحسني الملقب بـ (الصاعقة) لإصداره جريدة سياسية أسبوعية أسماها (الصاعقة) وقد صدر العدد الأول منها (8/حزيران/1911م) وهي جريدة تشن الغارات النقدية اللاذعة للأتراك ونقد تدينهم.

ولد الشيخ عبد الكريم في بغداد - باب الشيخ- (محلة الأزج) عام (1285هـ - 1867م) وتوفي في بغداد متأثراً بمرض عضال لازمه سنتين عام (1379هـ - 1959/ 12/7م) عن عمر ناهز (92) عام قضاها بالعلم والجهاد بالكلمة والقلم المؤمن الشريف والسيف القاطع بكل كلمة كتبها، ودفن في مقبرة الغزالي. وكان تشييعه بسيطاً ومختصراً بحيث لم يحضر لدفنه كثير من التلامذة والأحباب لظروف البلد السياسية والمضطربة عام (1959م). نشأ رحمه الله في عائلة ميسورة حيث أن والده رحمه الله كان تاجراً معروفاً بـ (تجارة الزوالي) وينحدر شيخنا رحمه الله من عائلة (بيت الوزير) اليمانية الأصل التي نزحت إلى حماة - في سورية- ثم إلى بغداد قبل ما يقارب القرنين. وبعد مراحل نشأته وترعرع بين كتاتيب بغداد وحبه للعلم والحديث النبوي خصوصاً إلتزم بداية حياته العلمية حلقة ومجلس علامة بغداد حينها (نعمان خير الدين الآلوسي) وهو شيخه الذي تعلم على يديه أغلب العلوم الشرعية وهو الذي أجاز الشيخ بعلوم الحديث والشيخ نعمان هو ابن المفسر أبي الثناء الآلوسي لازمه شيخنا ويمتاز بعزة النفس وعفتها وطيبتها وبعد وفاة الشيخ نعمان رحمه الله تتلمذ شيخنا على ابن أخيه الشيخ (شاكر الآلوسي) لفترة وبعدها درس على يد السيد العلامة (محمود شكري الآلوسي) ولازمه فترة طويلة ودرس عليه العربية وأصول الفقه والحديث وللشيخ إجازة أيضاً من محدث الهند (يوسف بن اسماعيل الخانفوري) عندما أقام الشيخ يوسف في جامع عبد القادر الكيلاني تردد عليه الشيخ ودرس عنده البخاري ومسلم والسنن والموطأ ومسند أحمد وعلم المصطلح وأجازه بالرواية.

عين رحمه الله إماماً في جامع المهدية (1921م) وخطيب له ويدرس في جامع الحيدر خانة ثم عين إماماً في مسجد عثمان أفندي (خلف مكتبة المثنى) ثم نقل إلى جامع صدر الدين من (1937 - 1948) وحادثة كلامه مع الملك فيصل حول إشراف أولي الأمر على صلاة الجماعة والوعظ داخل الجيش مقارنة بالسعودية أغضبت الملك فنقل الشيخ إلى مسجد الجوبة .. وفي حوالي عام (1923) هرب متسللاً إلى نجد ثم الحجاز أيام الاتحاديين لأنه كان عدواً لدوداً لسياسة التتريك وبقي هناك قرابة العامين.

للشيخ رحمه الله مواقف لم يقفها غيره في عصرنا الحاضر ورغم علاقاته ومعرفته من قبل ملوك وزعماء وأمراء إلا أنه عاش كفافاً براتب بسيط وكما أخبرني الشيخ نوري نقلاً عن الشيخ الصاعقة بأن راتبه يكفيه لأكله وشربه وشراء الكتب وتربية القطط داخل المسجد الذي هو فيه ورفض عرضاً مغرياً لأمير الكويت عندما جاء إلى العراق لقضاء الصيف في بيته الخاص في محلة نجيب باشا بالأعظمية في حدود عام (1952).

وكان من ألصق الناس بالشيخ وصاحبه وصديقه ويعتز الصاعقة به ويحترمه هو الشيخ نوري أحمد القاسم التميمي الشهرباني يأتي بعده الشيخ عبد الرزاق عبد الجبار البياتي (أبو عذراء) والحاج أحمد حمدي عبد الجليل والشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المغربي الذي أصبح في الثمانينات (معاون عميد كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة) والشيخ عدنان عبد المجيد أمين (قلعة صالح العمارة) وكان يتردد عليه للإستفسار منه في أمور شرعية الشيخ قاسم القيسي مفتي العراق ويتردد الشيخ السيد شاكر البدري على مجلسه ويفتخر بأن الصاعقة يحضر بعض الجمع في مسجده. اضافة إلى كثير من العلماء والوجهاء والنواب والباشوات الذين كانوا يترددون على مجلسه لطلب الفتوى أو زيارة شخصية احتراماً لمنزلته. وفي السنين الأخيرة من حياة الشيخ وقبيل مرضه تردد عليه ضابط الشرطة الشيخ صبحي جاسم السامرائي لحبه الاطلاع وحضور الدرس والوعظ عند الشيخ رحمه الله. تزوج الشيخ رحمه الله متأخراً لكنه لم يوفق بالاستمرار بالزواج. وقد أوقف الشيخ رحمه الله مكتبته الخاصة+ 4000 أربعة آلاف دينار عراقي لشراء كتب الوحيين واضافتها إلى المكتبة وفي جامع الدهان وتشرف عليها لجنة عينت من قبل الشيخ واثبتت في وصيته تتألف من (الشيخ نوري والحاج حمدي وعدنان عبد المجيد).

تنبيه:

نقلت هذه الترجمة لأحد مشايخ العراق الراحلين، أتمنى أن أتحف بتراجم للعلماء السلفيين، ومن لديه زيادة عن هذا الرجل يتحفنا بها ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير