تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد كان الشيخ في دعوته إلى الله متبعًا أصول دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من تأصيل التوحيد في النفوس، والنهي عن الشرك، والحث على الالتزام بالسنة، ونبذ البدع، والدعوة إلى تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع الشؤون، وإلى تربية النفوس وتزكيتها بالعمل الصالح والاتباع لسلف الأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قاعدة تحقيق المصلحة ودرء المفسدة، والالتزام بنصرة ولاة الأمر الكرام من آل سعود الذين نصروا الدعوة، وطبقوا الشريعة.

? ثناء العلماء والأدباء والمثقفين عليه:

لقد كان الشيخ المفتي رحمه الله مجمعًا على الثناء عليه – فيما أعلم – وائتلفت القلوب على محبته، لما كان عليه من إيمان صادق – ولا نزكي على الله أحدًا -، وجهاد وتعليم، وتقوى، وقيادة .. إلى غير ذلك من سجاياه وأخلاقه.

وأذكر هنا بعض ما وقفت عليه من ثناء العلماء عليه مما لا أعلمه قد نُشِر من قبل:

1 – قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

" لقد أكرمني الله سبحانه وتفضل علي وله الحمد والمنة بأن كنت من أخص تلاميذ شيخنا المذكور ولازمته نحو عشر سنين من عام 1347هـ إلى عام 1357هـ، ثم تعينت في القضاء بعد ذلك، ولكني لم أنقطع عن الاتصال به وسؤاله عن كل ما يشكل، والاستفادة من علومه وتوجيهاته إلى أن توفي رحمه الله.

وقد حضرت له مواقف مشرفة، وشاهدت منه أعمالاً موفقة في نفع المسلمين والغيرة للإسلام والرد على خصومه أجزل الله له المثوبة.

وكان يوصي الطلبة كثيرًا بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وكان واسع العلم كثير الخوف من الله سبحانه، دقيق الفهم … ومناقبه وفضائله كثيرة جدًا " اهـ.

2 – وقال الشيخ العلامة ذو الفنون محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

" عرفنا فيه وفور العلم ووفور العقل وتمام الحكمة والصبر المنقطع النظير، فهو رحمه الله فيما أعتقد وأجزم به – وإن كنت لا أزكي على الله أحدًا – من نوادر الرجال الذين عرفناهم علمًا وحلمًا وعقلاً وحكمة، فنرجو الله أن يتقبل منه صالح عمله، وأن يجزيه كل خير، ويعلي درجته في الآخرة كما أعلاها في الدنيا ? وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ? .. " اهـ.

3 – وقال الشيخ سعدي ياسين رحمه الله:

" أما سماحة مفتينا الفقيد تغمده الله برحمته فقد سلك مسلك أئمتنا الأعلام من علماء السلف فكنت وأنا أسمع فتواه تلك كأني أستمع إلى سفيان بن عيينة أو ابن علية أو ابن أبي ذئب.

وكان رحمه الله متين الحفظ مستحضر الآيات لا يكاد يشتبه عليه شيء منه .. ولقد رأيته عن كثب بعبادته وأذكاره في ليله ونهاره، وحرصه على حضور الجمعة والجماعة وإخباته قبل الفجر وبعده مما حببه إلي وأكبره في نظري .. إلخ ".

4 – وقد حلاّه العلامة الدكتور الداعية السلفي تقي الدين الهلالي رحمه الله بقوله:

" الإمام العلامة بقية السلف وعمدة الخلف ناصر السنة الأستاذ الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .. "

? وفاته – والمراثي:

في عام 1389هـ أو في أواخر الذي قبله بدأ الشيخَ رحمه الله مرضٌ عضال، فسافر للاستشفاء إلى (لندن)، ولم ينتفع بالعلاج هناك، وحدثني بعض مرافقيه أنه في آخر أيامه في المستشفى قبل رجوعه إلى (الرياض) كره الطعام، فقدم له كأس لبن فطعمه ثم تركه فقال له من حدثني: إنه زين وطيب، فقال الشيخ رحمه الله: صحيح، ولكن ليس بزين للميت.

ورجع إلى الرياض فلازم الفراش ولسانه يلهج بذكر الله والثناء عليه، لا يفتر عن ذلك حتى تم أجله وفاضت روحه في صبيحة يوم الأربعاء من يوم 24 رمضان سنة 1389هـ.

وكان المصاب عظيمًا، هوى له أحد وانهد ثكلان، وصُلِّيَ عليه ظهر ذلك اليوم وكان إمام المسلمين في الصلاة عليه تلميذه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.

ولما تسامع الناس بالخبر، تصدعت الأفئدة، ونكست الأذقان، فكم من دمعة ترقرقت، وكم من حزن قضى، وكم وكم، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.

فلما سِير بجنازته تذكر المتذكر جنازة الإمام أحمد بن حنبل أو ابن تيمية من ذوي الجنائز المشهودة، فلا تحصي الألسنة المترحمة عليه والمستغفرة له ويالها من غبطة (أنتم شهداء الله في أرضه).

ولقد تتابع الناس من أنحاء المملكة يفدون بأنفسهم يعزون، ويستغفرون، ويشهدون للفقيد بالإحسان.

وتتابع ذوو الأقلام يرثون إمامَ وقته، فكم من عالم نثر رثاءه، وكم من عالم نظم رثاءه، وكم من مثقف كتب، وكم من عاقل سطر، والعجز عن وصف المشاعر سمة الجميع، فجزاهم الله خيرًا.

وليس هذا المقام الموجز مقام تفصيل لتلك المراثي، وبيان ما كتب عنه.

رحمه الله رحمة واسعة، وجعل مثواه جناته، مع الحبيب المصطفى، وأصلح وبارك ونفع بولده من بعده، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير