[تنبيه حول مسلل الإمام مالك: "أقبل على شأنك"]
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[17 - 02 - 06, 03:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وعلى من سار على نهجهم إلى يوم الدين وبعد:
فإن مما اشتهر من المسلسلات وذاع، مسلسل الإمام مالك، إذ سئل عن سنه فقال للسائل أقبل على شانك، وقد سأل عنه الشيخ الفاضل (المقرئ) قبل زمان، فأجابه الشيخ الحبيب المقرئ "أبو خالد السلمي" في كلام تجده على هذا العنوان:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=60988&page=2&highlight=%CD%D3%E4+%C5%D3%E1%C7%E3+%C7%E1%E3%D1%C 1+%CA%D1%DF%E5
ومما جاء في إسناد هذا المسلسل: ... فإني سألت أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت محمد بن عدي المنقري عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت أبا عيسى الترمذي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت بعض أصحاب الشافعي عن سنه فقال أقبل على شأنك ...
وكنت قد استغربت وجود الإمام الترمذي في الإسناد، ومما زاد استغرابي أنه قد جاء تعيين المبهم في بعض المسلسلات أنه الربيع، فلا أعلم أن أبا عيسى روى عن الربيع، وله رواية في جامعه عن الشافعي، كما في تهذيب أبي الحجاج المزي رحمه الله.
فراجعت كتاب العجالة للفاداني (ص86 - 87) فوجدت الأمر كما هو!.
المقصود أني وقفت - قدرا - على حل هذا الإشكال، وذلك في كتاب "المنتظم" لأبي الفرج ابن الجوزي عليه رحمات الله تترى، فقال في ترجمة: محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله .. - وهو من شيوخه - من الكتاب المذكور (10/ 92):
وكنا نسأله عن مولده فقال أقبلوا على شأنكم، فإني سألت القاضي أبا المظفر هناد بن إبراهيم النسفي عن سنه فقال: أقبل على شأنك، فإني سألت أبا الفضل محمد بن أحمد الجارودي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت أبا بكر محمد بن علي [كذا، والصواب: عدي] بن زحر المنقري عن سنه فقال: أقبل على شأنك، فإني سألت أبا أيوب الهاشمي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت أبا إسمعيل الترمذي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت البويطي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت الشافعي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت مالك بن أنس عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، ثم قال ليك ليس من المروءة أن يخبر الرجل عن سنه.
قال لنا شيخنا محمد بن عبد الباقي ووجدت في طريق آخر: قيل له: قال: لأنه إن كان صغيرا استحقروه، وإن كان كبيرا استهرموه.
ثم قال لنا: مولدي في يوم الثلاثاء عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وذكر لنا أن منجمَين حضرا حين ولدت فأجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة قال: وها أنا قد جاوزت التسعين!
وانشدني:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سن ومال ما ستطعت ومذهب
فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بمموه ومكفر ومكذب
اهـ المقصود وزيادة، رأيت في نقلها فائدة.
فاتضح من النقل السابق أن الترمذي المذكور في أثناء السند ليس أبا عيسى، بل أبو إسماعيل، وشيخَه هو البويطي.
وأبو أيوب الهاشمي لم يتبين لي من هو الآن، ولم أتوسع في البحث، ولينظر في روايته عن أبي إسماعيل الترمذي، وكذلك في رواية المنقري عنه.
وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، لعله المترجم في تذكرة الحفاظ (4/ 1054).
وهناد بن إبراهيم النسفي، قال الذهبي في ترجمته من الميزان (7/ 93): روى الكثير بعد الخمسين وأربع مائة إلا أنه راوية للموضوعات والبلايا وقد تكلم فيه. أهـ
وكنت قد كتبت أصل هذا الموضوع منذ زمن، ثم نسيت أمره، وتذكرته اليوم لما قرأت تعقيب الشيخ الفاضل النبيه "العاصمي" على الموضوع المذكور، حيث قال:
- ومن الإشكالات في ذاك السند العجيب الغريب: ما جاء فيه عن عليّ بن محمّد اللبّان:
" سألت أبا القاسم حمزة بن يوسف السهميّ عن سنّه فقال: أقبل على شأنك؛ فإنّي سألت محمّد بن عديّ المنقريّ عن سنّه؛ فقال: أقبل على شأنك؛ فإنّي سألت أبا عيسى الترمذيّ
... ".
- ولا يعرف لمحمّد بن عديّ المنقريّ رواية عن الإمام أبي عيسى الترمذيّ، ولا للحافظ حمزة السهمي رواية عن المنقريّ ...
- ومحمّد بن عديّ المنقريّ، هو رواية " سؤالات أبي عبيد الآجرّيّ أبا داود السجستانيّ " عن أبي عبيد، ولمحمّد بن عديّ هذا
ترجمة عزيزة في " مختصر غنية الملتمس، إيضاح الملتبس [ COLOR="Magenta"]" [505] ص358، ولم يذكر له أبو بكر بن عليّ بن ثابت رواية عن الترمذيّ ولا عمّن يقرب من أهل طبقته، بل يروي عن أبي عبيد الآجرّيّ ونحوه ممّن هم من طبقة الرواة عن أبي عيسى الترمذيّ ...
- ولم أر من ذكر لحمزة السهميّ رواية عن ابن عديّ المنقريّ، وكأنّ منشأ الغلط من وجه خفيّ غامض، وهو أنّ للمنقريّ سميّا وافقه في الاسم واسم الأب، وهو أخو أبي أحمد ابن عديّ صاحب " الكامل في ضعفاء الرجال "، وقد ترجمه حمزة السهميّ في كتابه الحفيل الجليل "
معرفة علماء أهل جرجان، وتاريخهم، وأخبارهم، ومن حلّ بها من العلماء وغيرهم من رواة الأخبار " [903] ص457 [/
COLOR] ؛ فقال:
" أبو عبد الله محمّد بن عديّ، أخو أبي أحمد عبد الله بن عديّ الحافظ، مات قبل أخيه، سمع من السختيانيّ وغيره، لا أدري: حدّث أم لا ".
قلت: أما رواية السهمي عن المنقري فثابتة، وانظر تاريخ جرجان (ص369) برقم (620) و (ص374) برقم (625) وسؤالاته للدارقطني (ص247) (352).
ونرجو من الشيخ العاصمي جزاه الله خيرا، أن يتحفنا بترجمة المنقري.
هذا ما لدي، وأنتظر تعقيبات المشايخ الفضلاء ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥