وبعد مدة .. عدت من العطلة المدرسية الى تريم، فأخبرني حارس السكن الداخلي بأن بعض الغرباء قد أتوا وسالوا عني وخمن أن أحدهم سوري وكان يصحبهم الأخ محمد ابن منصب سيون السيد علي بن عبدالقادر الحبشي، حفيد الحبيب علي بن محمد أخي مفتي الشافعية الذي تقدم ذكره. فاتصلت بالأخ محمد وسألته عمن كان بصحبته فأخبرني ان أخا من الرياض اسمه زياد التكلة اتى للبحث عن الشيوخ والرواية عنهم، وأنه دله على الحبيب محضار بن علي، وكان الحبيب أحمد بن هاشم قد توفي.
وقال: لقد سال الأخ تكلة عنك كثيرا وكان حريصا على لقائك .. وذكر لي أنه زار به الشريفة علوية الحبشية، فقلت له: ولم؟ فقال: إن الأخ الزائر طلب منه أن يزور به أي رجل أو امرأة من ال الحبشي يكون معمرا أي فوق الثمانين سنة من العمر. مع العلم أني لم أكن أعرف عنها شيئا ولم يدلني أحد عليها ممن نعرفهم من أهل سيون وغيرها.
وكنت قد عرفت اسم التكلة من رسالة بعث بها الى الحبيب أحمد بن هاشم، ولكنها وصلت بعد وفاته بالبريد العادي، ولما كان مسئول البريد يعرفني فقد سلمنيها وقال لي لم أعرف صاحب الرسالة فخذها وأوصلها، فأخذتها من البريد ولا أدري أين هي الآن؟؟؟.
وبعد مدة من الزمن، تبين لي حقيقة وجلية موضوع الرواية عن أبي النصر الخطيب، فإذا هي لاتصح عن طريق معمري آل الحبشي المعاصرين، فقد رايت ترجمة أبي النصر التي كتبها الشيخ عبدالستار الدهلوي، فإذا الإجازة من أبي النصر للحبيب حسين الحبشي وذويه، وقد قال صاحب القاموس: .. وذوو الرجل عند الفقهاء هم بنوه وذريته، وهل يدخل فيهم إخوته وأقاربه الذين هم من درجة أبيه؟ لا يدخلون، فكيف بمن لا يلتقي معهم في النسب إلا في الجد الرابع أو الخامس، كما هو الحال في الحبيب محضار والشريفة علوية، أو الحبيب أحمد بن هاشم؟؟ فإنهم لا يدخلون في هذه الإجازة البتة على هذا التخريج، وقد يبحث البعض هذا الأمر فيجيز الرواية عنهم من طريقه وهذا امر آخر لا أخوض فيه هنا.
فإذا تحقق الأمر لدي أن الرواية عن أبي النصر من طريق المعمرين من آل الحبشي لاتصح، فكيف نجوز الرواية من طريق من ولد بعد موت أبي النصر بأكثر من عشرين عاما، كما هو الحال في الشريفة علوية؟؟؟؟؟
لقد عجبت جدا، بل تملكني العجب من كون الشيخ العقيل، يروي من طريق الشريفة علوية، فهل هو الذي أرسل التكلة الى حضرموت ليستجيز له منها، أم أنه روى عنها بطريق وكالتها للتكلة حسبما هو مستفاض عنه في هذه الوكالة الطائرة الصيت!!! فكيف لم يتحقق من سنها وإدراكها عصر الخطيب، مع أن مولدها كما حققته كان قطعا بعد سنة 1348، وتقدم معنا أن أبا النصر توفي سنة 1324هـ.
والى الإخوة القراء شيئا من التعريف بالشريفة علوية المذكورة، وأسرتها، فهي: علوية بنت عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن حسين بن جعفر بن الإمام أحمد بن زين الحبشي، ولدت في سيون بعد سنة 1348، وهي سنة مولد أخيها السيد أبي بكر، وكان والدها قد انتقل لسكنى سيون بينما مقر أسرته هو حوطة جدهم سيدنا الإمام الحبيب أحمد بن زين الحبشي وبها مثراهم وكثرتهم الكاثرة، ومنهم في المهاجر كما هو معلوم.
للشريفة علوية أخوة وأخوات، منهم أبوبكر ومحمد وعبدالله وصالح وطه وأخت هي زوجة حبيبنا السيد أحمد بن حسن البار، سبط العلامة الحبيب حامد بن علوي البار شيخ جماعة من المعاصرين من شيوخنا العلويين، كالحبيب عبدالقادر السقاف وغيره.
وزوجها هو السيد الفاضل عبدالله ابن الحبيب المنيب باني المساجد وعامرها معنى وحقيقة حسين بن عبدالله عيديد، صاحب المولد السنوي الذي يقام بجوار ضريحه ومنزله المشهور في سيون والمسمى (عيديد) نسبة إليه. ولها منه أبناء. والشريفة المذكورة الآن في منتصف السبعينات من العمر، ولا نعلم من المعمرات من الشرائف من بني علوي من جاوز المائة، أو قاربها، وربما يوجد ولكني لا أعلم أحدا، هناك بعض النسوة الفضليات الصالحات، ولكن إقحامهن في الرواية والإجازة أمر جليل لا يجوز إلا بعد التأكد من حصول الإجازة لها خاصة من أحد من أهل العلم، مع توثيق المصادر والمعلومات.
¥