ثالثا: ما يتعلق برواية سماحة الشيخ ابن عقيل عنها.
أخي الشيخ باذيب: ما كنتُ أحب منك التعرض لشيخنا بمثل ما صرّحت ولمّحت، ومثلك خرّج للشيوخ وطبع بعض الأثبات لهم، فإذا حصل في ثبت ملاحظة فلا ينبغي المسارعة برمي الشيخ المخرَّج له بجناية الملاحظة، فهناك احتمال كبير أن يكون الأمر من التلميذ، وهذا جليٌّ لك إن شاء الله.
فقلتَ عافاك الله: " لقد عجبت جدا، بل تملكني العجب من كون الشيخ العقيل، يروي من طريق الشريفة علوية، فهل هو الذي أرسل التكلة الى حضرموت ليستجيز له منها، أم أنه روى عنها بطريق وكالتها للتكلة حسبما هو مستفاض عنه في هذه الوكالة الطائرة الصيت!!! ".
فأجيبك: الأمر ليس هذا ولا ذاك، فأنا الذي سافرتُ وحدي وابتدأتُ واستجزتُ لشيخنا، وكان اسمه ضمن الاستدعاء الذي كتبته وأخذتُه معي، أي أنه ليس مُجازاً منها بوكالتي كما جوَّزتَ، وكذلك استجاز غيري لشيخنا من غيرها، وهو أقر بعضاً -مثل السيدة علوية والسيد محضار- ورفض بعضاً -مثل الشيخ المخزومي- هذا كل ما في الأمر، وتجد في كتابي فتح الجليل (ص348 - 351) التفريق بين من استجازهم شيخنا ابن عقيل، وبين من استُجيز له، والكتاب عندك.
وبهذا يُعلم ما في قولك: "وحرص الكثيرون على الأخذ والرواية عنها، ومنهم فضيلة مجيزيٍ شيخ الحنابلة الشيخ ابن عقيل حفظه الله ورعاه".
رابعا: متفرقات.
1) أبدؤها بشكري لك على قولك إن كتابي فتح الجليل "عمل مشكور"، وشكرك للأخ الفاضل الشيخ نظام اليعقوبي على نشره.
2) ثم أوضح نقلك يا أخي عن الأخ الفاضل الحبيب محمد بن المنصب علي الحبشي: " إن الأخ الزائر طلب منه أن يزور به أي رجل أو امرأة من آل الحبشي يكون معمرا أي فوق الثمانين سنة من العمر".
قلت: هذا التفسير: (أي فوق الثمانين سنة) أظنه منك، وهو غير دقيق، لأني كنت أنص ألا يكون أقل من 97 سنة وقتها (سنة 1420) لتصح معاصرته لأبي النصر الخطيب.
3) ثم قولك عن رسالة السيد أحمد بن هاشم إنها: "وصلت بعد وفاته بالبريد العادي، ولما كان مسئول البريد يعرفني فقد سلمنيا، وقال لي لم أعرف صاحب الرسالة فخذها وأوصلها، فأخذتها من البريد ولا أدري أين هي الآن؟؟؟ ".
فأقول: أما أنا فأدري أن صورة منها وصلت منك لأحد الحاقدين عليّ منذ سنوات، وهذا أمرٌ أعاتبك عليه جداً، فلا ينبغي لأحد أن يتصرف بخصوصيات غيره ويوزعها دون إذن، وأنتظر منك تفسير صنيعك هذا!!
4) آخر الأمور مسألة صحة التوكيل، فأقول: قد أحسن من انتهى إلى ما قد علم، وأنت أخي الفاضل صرَّحت أن الأمر لم يتحرر عندك عِلْمُه، فلماذا تشنّع على من تحرر الأمر لديه بعبارات لا تليق من باحث في منزلتك، كقولك: "هذا عجب ثالث، أو هي ثالثة الأثافي"؟
أما عنّي؛ فإني أتبع رأي من يجوّزها، ولا أرى حاجة في التطويل لإثبات صحتها، فهي مذكورة في مبحث الإجازة في بعض كتب المصطلح، وأشهر المجوّزين لها هم الشافعية (وأظنك منهم)، وعلى رأسهم أبوالطيب الطبري، والخطيب البغدادي، وغاية ما في الأمر أن يُقال إن المسألة خلافية، ونصرها غير واحد، فمثل ذلك لا يُشنَّع على المخالف إلا بدليل قوي، لا أن تكون المسألة غير متحررة كما تفضلت عن نفسك.
5) بعد اختيارك لعدم صحة رواية السيدة علوية عن أبي النصر الخطيب، قلتَ: "فلذا يلزم الأخ زياد التكلة أن يبلغ كل من أجازهم بالوكالة عن الشريفة المذكورة بعدم صحة هذه الرواية، وأن يتوثق من جلية الأمر، وأن لا يتعجل".
فأقول: تبيّن بحمد الله أن الأمر ليس كما ذكرتَ، فما ألزمْتَني ليس بلازم، لا من أصل المسألة عبر إلزامي بظنون وآراء شخصية، ولا بالتحقيق، ثم إنني في إجازاتي المكتوبة أنص على أن المُجاز عليه التوثق من حياة الموكِّلين، وأن لا يروي عنهم قبل التثبت، فأبرأتُ عهدتي من حيث الأصل، والحمد لله.
6) وبعد هذا كله لا تظن يا أخي أن في النفس عليك شيئا، فأنت تحرّيتَ إن شاء الله، ولكن كم من مريد للخير لم يبلغه، والمجتهد إذا خلصت نيته يدور بين الأجر والأجرين، ولولا ظني أنك طالب حق ما خاطبتُك بهذه اللهجة، فهناك من حاول قريباً التشنيع عليّ بالباطل والحركات الصبيانية -رغم شيبه- تحت اسم الرد، وتركتُه للآخرة؛ لأني أعلم أنه صاحب هوى وليس الحق مبتغاه، أما أنت فأرجو أنك بخلافه إن شاء الله.
ولكن يبقى العتب (الأخوي) على عدم التثبت كما ينبغي، ولا سيما أنك تعرف جماعة يعرفونني، ولا أظن الاتصال بي صعب للتحقق من بعض ما يُشكل، وكان ذلك أولى من الرد العلني في مكان عام.
وأشكرك مجددا على أصل فكرة التحقيق والتثبت، بغض النظر عن النتيجة التي وصلتَ لها، وأسأل الله أن يغفر لي ولك، ويوفقنا ويسددنا جميعا.
واعتبرني أول مرحب بك في هذا الملتقى، وأنا أول مستفيد من إفاداتك.
وتقبل وافر التحية من أخيك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه محمد زياد التكلة
حامدا مصليّا مسلّما.
الرياض ليلة الثلاثاء 28/ 1/1427
الأخ العزيز الشيخ حمزة الكتاني، سلمه الله،
أنا نقلتُ ما كتبه الشيخ إدريس الكتاني حفظه الله في إجازته المطبوعة من روايته عن الزكاري، وسنه تحتمل الإجازة منه، لأنه وُلد سنة 1922 بتقويم النصارى كما أخبرني هاتفيا، وهذا يوافق سنة (1340 - 1341)، وأما كون الأمر اختلط على الشيخ نفسه فهذا لا علم لي به إلا ما أخبرني به مؤخراً الأخ الشيخ خالد السباعي حفظه الله، ثم أنت، وليس من عهدتي على كل حال، ولعلك تفيدنا بتفصيل ذلك، فأنت قريب من الشيخ نسباً وبلداً، وجزاك الله خيرا.
وأدعو جميع الإخوة الكرام الذين مروا على مقال الشيخ باذيب أن يُبدوا رأيهم بعد أن قرؤوا توضيحي، وجزاهم الله خيرا.
¥