د. زمزمي: لا شك أن من المطالب الشرعية نشر كتاب الله عز وجل تعلُّماً وتعليماً. وهناك أقليات إسلامية في الغرب قد لا يتوفر لهم الشيخ الذي يقرئهم القرآن أو يُعلِّمهم التلاوة؛ فبالنسبة لهؤلاء ينبغي علينا الاستفادة من التقنيات الحديثة في تعليمهم كتاب الله تعالى، وهو أمر جيد ومفيد ومهم، خاصة وأنه يتوفر عن طريق الإنترنت السماع والتلقي والمشافهة، فنقول: إن هذا الأمر مبارك ويسهم في نشر القرآن وتعليم الناس.
ونفس الأمر بالنسبة لقضية الهاتف؛ فالقرآن الكريم الأصل في نقله وفي تلقيه هو المشافهة والسماع، وهذا متحقق عن طريق الهاتف.
الفرقان: أعطى الإسلام مسألة العمل الاجتماعي أهمية بالغة، ونعني به العمل الذي يهدف إلى تحقيق الاجتماع والألفة بين الناس، ويجنبهم التفرق والاختلاف. وقد جاء الحث عليه في العديد من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي؛ وذلك لما ينتج عنه من فوائد ومصالح. وقد كان لكم في المملكة تجربة رائدة بإنشاء جمعية تهتم بهذه القضية أطلقتم عليها جمعية مراكز الأحياء. نرجو منكم تعريفنا بالجمعية ورسالتها وأهدافها وشيء من برامجها وأنشطتها.
د. زمزمي: جمعية مراكز الأحياء نشأت فكرتها بسبب ما تعاني منه كثير من المجتمعات من ضعف في التواصل الاجتماعي، فرسالة الجمعية هي إحياء دور التواصل الاجتماعي بين أفراد الحي ومن ثم المجتمع، وتحقيق التواصل الإيجابي، وخدمة الناس بعضهم لبعض، وتطوير الأحياء في النواحي الاجتماعية والخدمية. وتتمحور فكرة الجمعية على أساس أن يُنشأ في كل حي مركز يسمى (مركز الحي)، وهذا المركز يمارس نشاطات وبرامج متعددة تحقق التواصل بين الناس بجميع فئاتهم من أطفال وشباب وفتيات وكبار سن وغيرهم.
مضى على تأسيس الجمعية عامان، وخلال هذه الفترة -أنا أتكلم عن مكة باعتباري أمين عام الجمعية فيها- خطونا خطوات مباركة إن شاء الله، فقد أنشأنا حتى الآن عشرة مراكز، وكان هناك نشاط متميز -ولله الحمد- عن بقية المناطق بسرعة تجاوب الناس، ونُفِّذت برامج وفعاليات خلال الفترة الماضية وصلت إلى (987) برنامجاً وفعالية، ولا يزال أمامنا الكثير إن شاء الله.
وبهذه المناسبة أحب أن أشير إلى مشروع انطلق قبل فترة قصيرة، وهو مشروع (تعظيم البلد الحرام). الغرض من هذا المشروع هو إحياء وتعزيز قداسة وعظمة مكة المكرمة في نفوس أهلها وزوارها من الحجاج والمعتمرين وغيرهم.
مكة -كما لا يخفى على أحد- جعلها الله تعالى موطناً للقداسة والإجلال وأمر بتعظيمها؛ ففيها بيت الله عز وجل الذي أُمِر الناس بالحج إليه، وفيها الحجر الأسود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نزل من الجنة، وفيها ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض، والله تعالى اختص من أولي العزم إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام فأرسلهما إلى مكة: إبراهيم يبني الكعبة -هو وابنه إسماعيل-، والنبي صلى الله عليه وسلم يأتي يُجِّدد هذا الدين، ويبعثه الله للعالمين من هذا المكان.
أيضاً هناك قضية مهمة وهي ارتباط تعظيم هذا البلد والمحافظة على قدسيته بسنة كونية؛ فقد صحّ عن النبي أنه قال: "لا تزال هذه الأمة بخير ما عظّموا هذه الحُرْمة حقَّ تعظيمها؛ فإذا تركوها وضيَّعوها هلكوا". فتعظيم الكعبة -وهي المقصودة بالحرمة في الحديث- مرتبط به أمان المسلمين في كل مكان.
وبحمد الله بدأ المشروع بداية مباركة، برعاية أمير منطقة مكة المكرمة، ومشاركة (66) جهة حكومية و (20) جهة خيرية، كلها تشارك معنا في تنفيذ برامج متعددة؛ لإيجاد الشعور بعظمة هذا المكان، وتنفيذ البرامج العملية التي تعزز مكانة هذه البلدة المباركة. ونسعى أن يكون المجتمع المكي هو النموذج لحسن استقبال الزوار، والتواصل الاجتماعي الإيجابي، والمحافظة على الممتلكات ونظافة البيئة وطهارة المكان حسّاً ومعنى. ونسأل الله أن يوفقنا.
¥