تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول راقم هذه الحروف العبد الفقير ابن الغوثاني، كان الله في عونه في الساعات والدقائق والثواني، لقد ألمح إليّ المحِبُّ شهاب الدين، عمر ابن الحِبٍّ عبد المجيد بن أسعد الحلبي في يوم الاثنين، أن أسطر مقامة تتضمن أخبار رحلاتي التي تسر القلب وتقر العين، فاستجبت مسرعاً وقلت على الرأس والعين، وأمسكت باليراع، واطلقت الشراع، والقلب من هول الإقدام في التياع:

انطلقنا يوم الأحد من عنيزة العتيقة، إلى مدينة المذنب العريقة، فقد ذكروا لي فيها شيخا معمراً تجاوز التسعين، وعقله في غاية الاستحضار والتمكين، وتزامن هذا الخبر المنيف، مع سفر لي لتقديم محاضرة في جمعية تحفيظ القرآن الكريم للجنس اللطيف، من الأخوات المؤمنات، اللواتي يرغبن أن يكن من جملة الحافظات، فألقيت فيهن محاضرة حول القرآن وأنهيتها بسلام وأمان.

ثم صلينا صلاة الظهر في مسجد العلامة الشيخ محمد صالح المقبل، والجميع ما بين عاكف في صلاته أو داع إلى الله مقبل، وللقبلة مستقبل، وبعد الصلاة وقضاء الطاعة، اجتمعنا بالشيخ عقل بن الداعية الشيخ عبد العزيز العقل شيخ الجماعة، وانطلقنا إلى منزل الشيخ المعمرالكبير، سالم بن إبراهيم بن عبد المحسن الشهير، والذي قضى من السنين ستيناً، إماماً لمسجد الحي ومدرساً أميناً، ومذكرا بالله مستعيناً، واشتهر هذا الشيخ في مسجده الوضاء، بأنه يطيل القراءة في القيام والدعاء، ويؤخر إقامة صلاة العشاء حتى تغور النجوم في السماء، وإن مساجد بريدة قد تقام فيها صلاة العشاء، وينطلق الرجل منها الى المذنب بسيارته فيلحق الجماعة وبينها قرابة 40 كم بدون استياء، وكان يطيل الصلاة بسكينة واطمئنان، وهدوء وتحقق في أداء السنن والواجبات والأركان، لا كما يفعل كثير من أبناء هذا الزمان ووصلنا أمام بيت متواضع وطرقنا الباب، واستقبلنا ابن أخي الشيخ وهو كهل في آخر عقد الشباب، ذلك ضيف الله بن عبد الله بن إبراهيم ورحب بنا أجمل ترحاب، وسلمنا على الشيخ الوقور، وجلسنا على الأرض نحن وجميع الحضور، وإذا به ذو لحية كثة غناء، وقد غير شيبه بالحناء، فرحب بنا وحيهل، وشد على أيدينا وسهل، وكرر الترحيب والتأهيل، وأمر بقهوة ممزوجة بالهيل،

عرَّفت الشيخ بكل هدو وروية، باسمي وبلدي وهويتي الشامية، وهدفي من زيارته التاريخية، وقرأت عليه الحديث المسلسل بالأولية، فسمعه بأذن واعية، وقلب مؤمن داعية، وقلت له: هل سمعتم من مشايخكم هذا الحديث الشهير، قال نعم كثير كثير، كانوا يحدثون فيه في المجالس والمناسبات، والجلسات واللقاءات، ثم لما رأيته حاضر القلب منصتاً لما أقول، تشجعت وقرأت عليه المسلسل بالمحبة المتصل بالرسول، صلى الله عليه وسلم، ما دعا داع وتعلم،

وسألته عن ترجمته وحياته، وطلبه للعلم ورحلاته، فأجابني: بأنه ولد عام ثلاث وثلاثين بعد الثلاثمائة والألف، وحضر محالس ودروس الشيخ بن سعدي ووصفها أدق وصف، وتلقى العلم على يدي أخيه الشقيق الكريم العلامة عبد الله بن إبراهيم، الذي توفي سنة 1366هـ، وقال إن أخي الكبير الفهيم، كان من تلاميذ عمر بن سليم، وأخذ عن الشيخ الكبير المبجل، الشيخ محمد صالح المقبل، المتمكن في فقه ابن حنبل،

وقال بصوت منخفض لا يسمعه إلا كل داني: هناك مجموعة من طلبة العلم الرباني، رحلوا للشيخ بن سليم، وهم المقبل وبن مشل والحسياني، ومعهم أخي الشيخ عبد الله بن إبراهيم المذنباني،

ومدح الشيخ بن سليم كثيرا وقال عنه (كان شيخاً في العلم كبيراً) لم أجد له في العلم مثيلاً ولا نظيراً.

وقال الشيخ سالم وهو ثابت الجنان، قد من الله علي بحفظ القرآن، واستظهرته مع التفسير، لا سيما تفسير ابن كثير، فقد درسته مرات ومرات، في المجالس والمساجد بعيد الصلوات،

وقال قولاً بعيد الدلالات، لقد حججت وما معي من متاع الدنيا سوى ثلاث ريالات، فاشتريت بريال منها أضحية من الأضحيات، والريال الآخر كتاباً عظيماً أصبح من عالم الذكريات، ونسيت اسمه وفات مع مافات،

وفهمت منه أنه يقرأ الحروف والكلمات ويحفظها حفظاً متيناً مضبوطة الشكل والحركات، إلا أنه لا يجيد أن يكتب بخطه ولو بضع كلمات،

وطلبت منه أن يجيزني بما يجوز له من العلوم العزيزة، إجازة عن شيوخه بلفظة وجيزة، فسكت برهة من الزمان، ثم قال بصحيح البخاري بصحيح البخاري، أجزتكم عن شيوخنا الأخيار

وكان من الحاضرين في هذا اللقاء جماعة من أهل العلم والصفاء وهم: الأخ الذي لأطراف الخيرات حائز، الشيخ فايز الفايز،

والأخ الفالح الصنديد الشيخ عبد الرحمن الوهيد،

والأخ المتبحر في العقل والنقل، الشيخ عقل عبد العزيز العقل،

ثم ودَّعَنا الشيخ ودعا لي بهذا الدعاء (الله يوفقك لما يحب ويرضى)

وإلى اللقاء إلى اللقاء، في حلقة أخرى بتقدير خالق الأرض والسماء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير