ونعم .. لا تخلو الأرض من قائم بالحجة! فكيف تخلو الجزائر من أهل العلم؟ وهي التي جمعت بين جنبيها في زمن واحد: محمد البشير الإبراهيمي، أمير البيان .. الذي بويع بذلك في مصر؛ والإمام عبد الحميد بن باديس، مؤلّف الرجال .. ومفسر القرآن والموطأ في ربع قرن أو يزيد؛ والإمام العقبي، ناصر السلفية، وخطيبها المصقع، والإمام العربي التبسي، الأزهري .. أصولي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والإمام أبا يعلى الزواوي .. المسند المحدّث العلامة اللغوي المشارك، والإمام مبارك الميلي، العقدي، المؤرخ البارع .. الذي واطأ صاحب فتح المجيد في تبويب وتراجم كتابه "الشرك ومظاهره" .. وغيرهم! رضي الله عنهم أجمعين!
ثم كيف تخلو الأرض من تلاميذ هؤلاء الأثبات الجهابذ؟
بل قد "ألفت" أمثال الإمام العلامة عبد اللطيف القنطري، والعلامة الشيخ عمر العرباوي، والشيخ أحمد حماني، والشيخ أحمد سحنون .. إلى عشرات بل مئات لا يحصون! (رحمهم الله)
هذا فضلا عن العلماء المتصوفة والطرقيين، وهم كثر ..
وفضلا عن مفتي المدن الكبرى (ولكل مدينة قديمة وعريقة مفتيها إلى يوم الناس هذا)؛ فمفتي العاصمة الآن، والعلم لله، هو الشيخ العلامة المعمَّر (مولود حوالي سنة 1906 إذا لم أخطئ) محمد شارف. وكان مفتي البليدة لسنين طوال، العلامة المجاهد الشيخ محمد بن قدور (رحمه الله)، ثم خلفه الشيخ "الرابحي" رحمه الله؛ ثم لا أدري لمن آلت بعده
وكان مفتي المدية لسنوات طويلات العلامة الإمام الفضيل اسكندر (وهو إمام جليل، كان يجيب عن أصعب مسائل الميراث وغيرها مرتجلا، على المباشر-كما يقال! - دون رجوع ولا تريث! ووقعت له في الزيتونة قصة طريفة، ليس هذا مجال ذكرها)؛ والآن مفتي مدينة المدية، هو العلامة الداعية الشيخ المعمَّر الشيخ لخضر الزاوي، (شفاه الله، وردَّ عليه ولده العلامة الشيخ أحمد)؛ وكذا الحال في تلمسان، ومستغانم، ووهران، وسيدي بلعباس، والجلفة، و ... و!
وكل هؤلاء المفتون، يتحمّلون عن شيوخهم، من مفتي المدن، وقضاتها الشرعيين .. ويروون عنهم بأسانيدهم المتَصلة. وهي عادة متجذّرة
كما أنه يعقد بـ"الجامع الكبير" بعاصمة البلاد (وهو الذي أسسه يوسف بن تاشفين أو ولده .. عهدي به بعيد!) بين رجب ورمضان، مجلس يومي لقراءة البخاري، والشيوخ والشباب الذين يقرؤونه مجازون به .. وترقّبوا إن شاء الله، تحقيقا كاملا عن طريقتهم في تحزيب البخاري، وقراءته، وأسانيدهم ... الخ
وإن أنس لا أنسى "زاوية الهامل"، وهي تحافظ على هيكليتها منذ أسست .. ويدرس بها العشرات، فعند أحفاد الشيخ "محمد بن أبي القاسم" (الذي يروي عنه ويشيد عبد الحي) تجدون طرقا أخرى لتلك الأسانيد كذلك!
الحاصل، أن الأسانيد متوافرة، لكن جل الشيوخ الجزائريين، على مذهب الإمام الإبراهيمي في الإجازات، والتحديث (طالع مذهبه في مقاله عن عبد الحي الكتاني في عيون البصائر) (وهو كذلك مذهب الشيخ علي الطنطاوي، والشيخ ناصر رحمهما الله وغيرهما) ..
وقد أخبرني جدي (رحمه الله) يوما، وكنت أقرأ عليه المكودي على الألفية؛ انه مجاز من شيخه العلامة "محمد السعيد بن أمزيان بن أبي داوود" شيخ الزاوية الداووية بأقبو (قرب بجاية)، في أكثر من فن، وأكثر من كتاب (في المعقول والمنقول!)؛ كما أخبرني أن "عبد الحي" أجازه كذلك، يوم زار بيتهم في "بلدة الديس" من أعمال بوسعادة، (وكان عبد الحي كثير التردد عليها، حتى جعلها الإمام الإبراهيمي إحدى شعاداته الثلاث اللاتي يكتني بهن!! راجعه في مقاله عنه) وقد استجاز عبد الحي فيها جد جدي (الذي وصفه في فهرس الفهارس، بشيخ زاوية الديس المعمر الشيخ دحمان بن الفضيل .. أو كلمة نحوها)؛ فسألته أن يجيزني "حفاظا على هذا السند من الانقراض" فانتهرني (رحمه الله) وقال لي: "إقرا العلم، واحفظ .. وش تعمل بإسناد فيه 1 كلم؟!! .. " ثم حدثني عن رأي الإبراهيمي رحمه الله المعروف .. ويئست من ذلك فلم أعاوده بالسؤال حتى مات رحمه الله!
هذا ما أستطيع المشاركة به! واعذروني عن كل هذه "التشجيرات"، والتفريعات .. وهذا "الجذاذ" من الأفكار المتدافع!!
فقد أردت الخير .. وكم من مريد للخير لا يصيبه!
وقد كنت، قبلُ، كتبت مقالا عن جمعية العلماء .. وأياديها البيضاء علينا .. إن شئتم أن ألحقه هاهنا فعلت والله يكلؤكم برعايته ..
ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[12 - 09 - 06, 09:38 ص]ـ
أبا علي الطيبي
جزاكم الله خيراً على هذه الملعومات العزيزة
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:53 م]ـ
أبا علي الطيبي
جزاكم الله خيراً على هذه الملعومات العزيزة
وإياك يا شيخ أبا هاشم .. وجزاك خيرا أن نظرت إلى المقال، بعين كرمك .. فدعوت لصاحبه؛ ولو شئت لكشفت عواره .. ولم تجامل في الأولى، ولن تخطئ في الأخرى!
ونعم، لطالما انتفعنا بهذا المنتدى المبارك، وبشيوخه الكرام الكبار .. ورسولنا (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" .. ولعل الله يأذن، فأجمع لكم مادة أوفر، وأكثر فائدة .. في القريب العاجل
بعد أن نوفي الأخ زكريا وعده، الذي سوفنا فيه طويلا، وما أخلفناه! ثم كان أن توقف المنتدى، وضاع الجهد الذي بذلناه أياما .. طوالا يعلم الله
والسلام عليكم ورحمة الله
¥