تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ذكر الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله في الهدية الهادية قصة له معه تدل على علم عبد الحي ببطلان ما عليه الطرقيون، ومع ذلك ظل من رؤوسهم؛ إيثارا للعاجلة ... عياذا بالله من ذلك.

على أن الشيخ عبد الحي الكتاني رفض خدمة الفرنسيين وتقلد مناصبهم طول عمره، لم يتقلد شيئا من ذلك، وعندما دخل النظام إلى جامعة القرويين خرج منها واكتفى بالدروس العامة بها والخاصة بالزاوية الكتانية وغيرها من المحال غير الرسمية. أما الحجوي، نعم كان في أوله منكبا على الفرنسيين، ولكن كانت له خطة في الإصلاح والدفاع عن قضايا المسلمين، وفي العديد من مؤلفاته طبعت بدار ابن حزم، كلها دفاع عن الإسلام وقضاياه بما يحتاجه العصر، والشيخ عبد الحي الكتاني لا تجد في كتاب من كتبه ولو مجاملة أو ثناء للمستعمر، بل كلها دفاع عن الإسلام وقضاياه، ولمز للمستعمر وقضاياه، ها هي التراتيب الإدارية، وهاهي اليواقيت الثمينة، وها هي مفاكهة ذوي النبل والإجادة، وها هي أسباب استيلاء الفرنجة على المسلمين آخر الزمان ... كلها طافحة بالذب عن الإسلام وأهله.

أما تعريضك بأن أحمد الغماري قال وقال في الشيخ عبد الحي الكتاني، فلنا كتاب في الموضوع رددنا فيه على الشيخ محمود سعيد ما ذكره في تشنيف الأسماع وغيره، واسع في الموضوع، سميته: "مسامرة لبيب الحي في الذب عن شيخ الإسلام عبد الحي". والحديث في ذلك الموضوع مما تشيب له الولدان، وقد نقل البعض في هذا المنتدى المبارك بعض رسائله في الموضوع فقف عليها.

أما المغاربة فلا يعرفون الشيخ عبد الحي إلا بأنه شيخ الإسلام، وإمام أئمة الأعلام، وهاهي تقاريظ أعلام المغرب بين يديك في فهرس الفهارس، والتراتيب الإدارية، وغيرهما بما لا مزيد عليه، ويكفي أن محمد بن الصديق الغماري والد الشيخ أحمد وصفه فيها بقوله: شيخ مشايخ الأعلام، المتبحر في العلوم النقلية والعقلية ولا سيما سنة سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، وحيد الدهر، وفريد العصر، الهمام الأكمل الرباني .... وقف على قوله "الرباني" ولا بد، وراجع ما وصفه به الشيخ محمود شاكر في مجموعة مقالاته المطبوعة منذ قريب .... أما من تكلم فيه فهم حزبيون، وإن كان منهم الشيخ محمد إبراهيم الكتاني رحمه الله تعالى، والذي أعرفه أنه تراجع عن ذلك في آخر عمره وندم عليه.

أما الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله، فقد وقفت على كلامه، وفيه من التعسف ما لا يقبل، وهو تأثر بالحزبيين الجهلاء الذين التقى بهم، ولست أدري، أأقبل كلامه في ذم الشيخ عبد الحي الكتاني، وقد أحيى تراث الجزائر، ونشر الدين في ربوعها، أم أصدق كلامه في مصطفى كمال أتاتورك، الذي جعله بطل الإسلام، والذي استمر عليه (أي الإطراء) بالرغم من هدمه للخلافة وإرسائه النظام العلماني بدل الإسلام، قل يا منصف؛ بأي منطق تفكرون، وبأي ولاء وبراء تتدينون؟. والله ثم والله لا أعرف عالما من علماء المغرب منذ فتحه إلى الآن تهيأ له ما تهيأ للشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله ورضي عنه ... علما، وتأليف - وقد ربت مؤلفاته على خمسمائة كما ذكره الأديب ابن العياشي سكيرج في رياض السلوان - وزعامة، بحيث كان له من النفوذ ما أطلق عليه ألسن الحساد، ومن جهاد المستعمر بحيث جاهده بيده بله قلمه وأتباعه ونفوذه، ومن المال الكثير، والمكتبة الضخمة، والذهن الوقاد، الرجل يبحث في التاريخ ليس عن مصادره المعلومة المكتوبة فقط، بل بدراسة العملات والآثار، انظر التراتيب الإدارية وغيرها، والاجتهاد، فأكبر كتاب في نصرة السنة ألف زمنه هو البحر المتلاطم الأمواج في مجلدين كبيرين، توجد منه نسخة بالخزانة الصبيحية بسلا حسب ما وقفت عليه سابقا .... إلخ.

أما زعمك أن الشيخ عبد الحي لم يكن له ذوق المحدثين، فقل لي يا أخي ماذا قرأت من كتبه؟، وماذا اطلعت عليه من أجزائه الحديثية؟، ومؤلفاته في الرجال، أم ما هي الدروس التي حضرتها له؟، فإن لم يكن كذلك فقد اغتبت رجلا من العلماء، ولحوم العلماء مسمومة كما ذكره ابن عساكر، ولمزت رجلا من آل البيت النبوي، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهم في حديث الثقلين الشهير، وفي القرآن: "قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"، فسرها ابن عباس حبر الأمة بمودة آل البيت، كما لا يخفى على مطلع على كتب التفسير. فإن كان كذلك فلا نقاش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير