وإلا؛ ألم تقف في مقدمة فهرس الفهارس على وصف الشيخ جمال الدين القاسمي له بالحافظ؟، ألم يكن القاسمي محدثا؟، ألم تقف في التراتيب الإدارية على وصف الشيخ أبي شعيب الدكالي رحمه الله تعالى له بالحافظ اللافظ؟، ألم تقف في شرح الألفية للعلامة أحمد شاكر وصفه له بشيخنا حافظ العصر؟، إن كنت أعلم من أولئك، فهلا سمحت لنا بشد الرحلة إليك والاستفادة؟، وإن لم تكن، ولم تطلع، فاتق الله.
أما القصة التي ذكرها الشيخ الهلالي رحمه الله، فهناك مزالق الأقدام، وعلى كل لا يؤخذ ذم المتعاصرين في بعضهم إلا بالتحري، والشيخ عبد الحي رحمه الله موقفه من الطرقية والطرقيين مشهور في مقدمة فهرس الفهارس التي دونها نجله الشيخ عبد الأحد رحمه الله.
وختاما أخي العزيز، أنقل لك كلام الأستاذ العلامة، إمام مؤرخي عصره، المجاهد الكبير المختار بن علي السوسي الإلغي رحمه الله، حول الشيخ عبد الحي الكتاني من كتابه "مشيخة الإلغيين من الحضريين"، أثناء ترجمة شيخه الإمام محمد بن جعفر الكتاني، قال رحمه الله تعالى:
"ولا يزال أبو الإسعاد اليوم وهو أشهر من نار على علم، فريدا في المغرب بل في شمال إفريقيا، بل في العالم، في علم الأسانيد، والبصير بكتب الفن الموجود منها والنادر والمفقود، ومعرفة مظان مراجعة المسائل، حتى قال صاحبه الفقيه التطواني (يعني محمد بن أبي بكر): إنه وحده اليوم فيما نعرف من يستطيع أن يستخرج النصوص لما يريده من مختلف الفنون، وأما التاريخ القديم والحديث، العام والخاص، فمما يتعجب به من يعرف ما في ذاكرة الرجل، ولي فيه قصيدة واوية قدمتها إليه حين نزلت به يوم قدمت من فاس سنة 1343، وهي آخر شعري القديم، لأنني سرعان ما تحولت من استحسان مثل ذلك النمط وإن كان هو أبى أن يتحول".
"فالشيخ أبو الإسعاد نادرة العصر، ولو ساعده الحظ أن يوخذ عنه علمه كما هو؛ لأفاد فائدة عظيمة، ولكن انتشار التلاميذ للإنسان من الحظوظ، ومن الغريب أن كثيرين لا يقرون له بكونه عظيما في معلوماته، وما ذلك إلا لقصور أنظارهم، ولإدخال مماحكات أخرى هذا المدخل، وليس ذلك من الإنصاف في شيء" ......
من نافلة القول أن أكاشفك بأن عبد الحي قد نشر كثيرا في هذه الجريدة التي رميت ابن عمته بالثبور، و عظائم الأمور؛ لقيامه على تحريرها ... = فماذا أنت قائل – الآن – في ابن خاله؟!
و هذا ما جعل بعض إخواننا الألباء – و هو الشيخ البشير بن عصام – يبدي عجبه قائلا: لو توضحون لنا مسألة علاقة الشيخ عبد الحي بالمحتل الفرنسي، فإنها من المسائل التي سال حولها مداد كثير بين مثبت وناف.
وقد وقع بين يدي صورة للشيخ مع المقيم العام الفرنسي فهالني الأمر كثيرا.
كما حدثني بعض من حضر تلك العصور، بأمور غريبة حقا في هذا الباب.
و حق له أن يعجب، خاصة إذا سمع حكما قاطعا حاسما جازما بأنه لم يكن يتقلد منصبا في زمن الفرنسيين إلا جاسوس =فكيف بمن كان يسايرهم و يعاشرهم، و يتصور معهم ...
غير أنه ترجم له ابن عمه العلامة الأديب عمر بن الحسن الكتاني رحمه الله تعالى في مجلدين كبيرين سماهما: "مطالع الأفراح والتهاني، وبلوغ الآمال والأماني، في ترجمة الشيخ عبد الحي الكتاني". ذكره جد والدتنا الإمام محمد الباقر الكتاني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه الكبير "التاج المرصع بالجوهر الفريد في ترجمة الإمام الشيخ محمد الكتاني الشهيد"، في ثلاثة مجلدات، ولم أقف على كتاب الشيخ عمر الكتاني بعد.
ولنا مؤلف حافل في الدفاع عن الشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى سميناه "مسامرة لبيب الحي بالذب عن شيخ الإسلام عبد الحي"، فندنا فيه جميع المزاعم التي أطلقت حوله، خاصة العلمية، ولم ننشره إلى الآن لمساسها بعلاقات ودية بيننا وبين بعض الأطراف، غفر الله للجميع.
- أما ما هولت به حول كتاب عقود الزبرجد؛ فعبثا تحاول، و لعبا تزاول، و مقصود عبد الحي من تأليفه: محاولته الفاشلة إثبات أن حديث " من لغا؛ فلا جمعة له "، مما نقب عنه في الكتب؛ فلم يوجد؛ فانبرى له الغماري، وصنف جزءا ترجمه ب " تبيين البله، ممن أنكرحديث " من لغا؛ فلا جمعة له ".
و قد ظفر به أحمد الغماري في تاريخ واسط لبحشل، و شنع على عبد الحي، و رماه بالعواقر الفواقر!
و لا ريب أن الغماري قد أسف في رده على الكتاني ... لكن مآخذه العلمية عليه صائبة، و دونك النظر في نقضه لرحمته المرسلة، في جزئه " الصواعق المنزلة على من صحح حديث البسملة " – المضمن فحواه في " كشف الأستار المسبلة، و تبيين الأوهام المسلسلة " -، و قد عززه ب " الاستعاذة و الحسبلة " ... و صنف – أيضا – " صفع التياه، بإبطال حديث " ليس بخيركم من ترك دنياه "، و " وسائل الخلاص من تحريف حديث " من فارق دينه على الإخلاص "، و " العتب الإعلاني على من وثق صالحا الفلاني " ...
و له كلام – فيه – مفرق في طائفة من كتبه؛ كجؤنة العطار، و غيره ...
- أما دعواك أنك سلفي؛ فمن عجائب الدهر
¥