تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وانظر كيف يقول الله تبارك وتعالى لأشرف خلقه وأعبدهم وأكرمهم عليه وأعظمهم في كل عظيم من المناقب سيدولد آدم صلى الله عليه وسلم:" ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم، إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً، يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، وهو معهم إذ يبيتون ما يرضى من القول، وكان الله بما يعملون محيطاً، ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا .. فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً".

فلو كان الجدال من أحد من الناس مأذوناً فيه مطلقاً على كل حال لكان ذلك لأشرف الناس وأعظم الناس وأجل الناس وأكرم الناس على رب الناس، وأعبد الناس لإله الناس، وأطوع الناس لملك الناس، جل وعز وتعالى وتقدس مالك الملك ورب العالمين وإلههم الذي لا إله غيره، وصلواته وسلامه على خيرته من خلقه وخليله الأدنى إليه وسيلة.

فإن كل من عرف الله ورسوله يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما أطلق الله له فيه أن يفعل أو يترك كان يتحرى الأحب إلى مولاه والأرضى لديه لأن الله تعالى بعثه بين يدي الساعة ليُعبَد اللهُ وحده لا شريك له، ليس بالسجود والركوع وحده، ولكن بكل ما يدخل تحت مسمى الإنسان بدناً وروحاً مما خلق الله تعالى للعبد فيه تصرفاً، وملاك ذلك القلب المضغة التي إذا صلحت صلح البدن كله وإذا فسدت فسد البدن كله كما أخبر الذي شهد له الحكيم الحميد بأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

هدَم الأصنام والطواغيت، وأمات شعائر الجاهلية وشركها، وهدم الأصنام الخفية أصنام النفوس وأهوائها وشهواتها فقال:" تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة .. تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش".

ولما سأله السائل:" الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله؟ " قال بكل وضوح وصراحة:" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"

وكلمة الله هي التي أرسل الرسل وأنزل الكتب وأقام سوق القيامة لها ورهن مصير العباد الأبدي بها:" لا إله إلا الله محمد رسول الله".

وقد صرح نبي الله صلى الله عليه وسلم بأبلغ من هذا فقال منبهاً أصحابه الذين لا يعدلهم في البشر جماعة قط في الإيمان والشجاعة والبسالة والتضحية وكما الرجولة التي نعتهم الله تعالى بها:" من قاتل ينوي عقالاً فله ما نهوى".

والقتال في كلامه صلى الله عليه وسلم هو قتال مشروع محبوب عند الله عزوجل لأنه جهاد في سبيله مع رسوله، ولكن مع عظم هذا العمل الصالح فإنَّ تفريط العبد في نيته فيه يحرمه من فضائله الجليلة ويصيره كمثل قزمان، أو كمثل مدعم، .. أو غيرهما.

وأحسنُ الناس في نصر السنة والدين بغير طريق السنة والدين وأمثلهم من يكون فيه شبه بأبي طالب ينصر الله تعالى به دينه وينفع أهله ويخسر هو وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم لما قتل قزمان أو نحوه:" إن الله ينصر هذا الدين بالرجل الفاجر".

وهذه نصرة قدرية كونية فالله تعالى تأذن بنصر دينه، وهو رب العالمين، وكل من في السماوات والأرض من ملائكة وإنس وجن حتى الشياطين، عبيده وإراداتهم في حكمه ولا يشاؤون حتى يشاء، فإذا شاء أن ينصر أحداً من عباده بشيء من ذلك نصره، وأما دينه فهو ينصره بكل خلقه، حتى أعداء دينه يعادونه من جهة الشرع ليحيق بهم الخسران الذي يستحقونه المكتوب عليهم بحكمة الله تعالى، ويقلب الله تعالى بعزته وقدرته عداوتهم لدينه نصراً له قدراً وكوناً رغماً عنهم وبغير إرادتهم، وهذا من شريف علوم الدين وقد أشار إلى طرف منه الإمام الرباني أبوعبدالله ابن قيم الجوزية في كلامه على فوائد يوم حنين، وكيف جعل الله تعالى عاقبة مكر الكافرين وعداوتهم لدينه على عكس ما أرادوا بعزته وهو الواحد القهار الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

فلله المنة

والله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أمنّ كما قالت الأنصار بمسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد رد الله على الأعراب الجفاة وعلى من تشبه بهم في منهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامهم وما يتبعه من النصرة .. فاقرؤوا آخر الحجرات إن شئتم.

والؤمن يتحرى بما يشتغل به عن العبادات المحضة من المباحات أن لا تتجرد عن العبودية لمولاه الحق، فتراه يجتهد بالعلم ثم بالعمل ليتحرى في ذلك النيات الصالحة الخالصة التي يصير بها تلك المباحات ملتحقة بالعبادات ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير