فما كتبته أولاً لم أرد به شخصاً بعينه فإن هذا لا يعنيني ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه، وأنا لم أعرف الشخصين اللذين تقدما إلا في هذا الملتقى الذي لم أعرف غيره، ولم أكتب فيه إلا قريباً بعد الاستخارة، وبقصد تبادل الإفادة والاستفادة، وبذل الخير وكف الشر، بقدر الطاقة.
فإن كان في هذا إثم وعدوان فبالله عليكم لا تعاونوا عليه مني ولا من غيري.
وإن كان براً وتقوى فتعاونوا عليه معي ومع غيري، فينبغي أن لا تخرجنا كتابتنا في هذا المكان ولا غيره، ولا إنزوائنا عن الخلق حال الكتابة، عن رؤية الله تعالى "إن الله يرى" .. ، ولا عن سمعه وبصره، " إن الله سميع بصير".
والاقتداء يا شباب إنما هو برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فرض على كل مسلم لا يعذر مسلم في قصد ذلك ما دام عرف الله ورسوله، وعرف معنى الرسالة، وفرْضَ اللهِ على عباده اتباعَ رسوله والاقتداء به، وإنما العذر فيمن عجز عن معرفة كيفية الاتباع فإن لم يكن يسأل سأل عن ذلك من يعلمه، أي من إذا سأله الله تعالى يوم القيامة لم سألته كان له جواب ينجيه من غضب الله ذلك اليوم الذي لا ليلة بعده.
وإنما العلماء كلهم قديماً وحديثاً أشرف مقاماتهم الوراثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافته باتباع هديه وإنفاذه فيه أمته لا ابتداع ما لم يكن عليه، وإن زينه المزينون وادعى سنيته المدعون ..
يا إخوان بالله عليكم طالعوا كلام الخلفاء الراشدين الأربعة ولا سيما في خطبهم التي يبينون فيها منهجهم للناس أن مدار أمرهم على الاتباع نعم الاتباع الراشد الذي يراعي ما راعاه المتبع من اختلاف الأحكام باختلاف الأشخاص والأحوال، وإعطاء كل ذي حق حقه مما أنزل الله، وإنزال كل إنسان حيث أنزله الله، وإن خالفهم الناس أو خذلوهم ..
وإذا إردت أن تعرف أحقية الصديق بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف أقامه الله تعالى في إنفاذ جيش أسامة مع خلاف المخالفين وهم أكابر الصحابة،، لماذا لأنه إنفاذ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
يا جماعة اتباع الأنبياء ليس هينا عند من نبأهم وبالهدى أرسلهم ولا هي بضاعة كاسدة يسومها كل مفلس من هديهم وأخلاقهم وسمتهم وقولهم وصمتهم وفعلهم وتركهم، وعلامة أتباع الأنبياء أن ينالهم ما ينال الأنبياء ويقومون في ذلك بنحو ما قام الأنبياء لأنهم أتباعهم وورثتهم، وهذا برهان الوراثة والاستخلاف.
لما أراد الله تعالى استخلاف أحمد بن محمد بن حنبل على أمة نبيه صلى الله عليه وسلم في باب العلم والعمل قيض الله له المحنة التي دخل كيرها الناس بل أعيانهم بل أعيان أصحاب الحديث وأهله الذين هم أهله ويستحيي المرء أن يرونه، فخرج منها أكثرهم _ وهم أئمة في الحديث كبار كبار كبار كبار كبار كبار_ بما خرجوا به، وخرج أحمد ذهباً خالصاً كما قال نحو ذلك بعض أئمة ذلك العصر ..
فإمامة الحديث غير إمامة السنة تلك غالية وهذه أغلى وأعز وشرطها أصعب والمحنة فيها أبلغ ..
فلا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، وإذا لقيتموهم فاصبروا كما قال نبيكم صلى الله عليه وسلم.
وقد كتبت في موضع بالملتقى عن هذا شيئاً لعله يلفت الانتباه إليه فلعل من أحب مطالعته والمذكراة النافعة بمعانيه أن يفعل ذلك بشرطه الشرعي.
وأختم كتابتي بإكمال آيات الجدال المتقدم ذكرها أولاً من سورة النساء فأرجو أن يستحضرها القارئ ثم ينظر ويتعلم من ربه تعالى كيف يدعو عباده إلى الحق والعدل والخير مع غناه عنهم وعزته وجلاله تبارك وتعالى.
قال تبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره:
" ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً.
ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه، وكان الله عليماً حكيماً.
ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً.
ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك، وما يضرونك من شيء.
وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم .... وكان فضل الله عليك عظيماً.
لا خير في كثير من نجواهم إلا .. من أمر بصدقة، أو معروف، أو إصلاح بين الناس ..
ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف يؤتيه أجراً عظيماً ..
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين .. نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[العاصمي]ــــــــ[06 - 04 - 06, 02:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا على نصائحك الغالية، ودعواتك الطيبة، كتب الله لك أجرها، وجعل لك النصيب الأوفر منها.
كنت كتبت إليك رسالة لتبادر إلى تصحيح الآيتين قبل مرور مدّة التمكن من التحرير، ثم لما رجعت إلى المقال وجدته على حاله؛ فعلمت أنك لم تقرأ الرسالة بعد؛ فبادرت إلى التصحيح، نصحا لكتاب ربي الكريم، عسى أن يكتب لي أجر ذلك وذخره.
وقع في نقلك سقط في آيتين:
1 - وهو معهم إذ يبيتون ما يرضى من القول.
الصواب: ما لا يرضى.
2 - ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك، وما يضرونك من شيء.
سقط من نقلك: وما يضلّون إلا أنفسهم.
{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.
جعل الله لي ولك ولسائر إخواننا المسلمين نصيبًا موفورًا مما في هذه الآية الكريمة، وأجارنا جميعا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
3 - ووقع في مقالك الكريم:
ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف يؤتيه أجراً عظيماً.
في قراءة حفص عن عاصم: فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا.
ولم أنشط للنظر في سائر القراءات، سوى ما أحفظه من رواية شعبة بن عيّاش عن عاصم، ورواية ورش عن نافع.
¥